(دي برس) قدم الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق فريد خليل الجاعوني أول دراسة إحصائية وصفية تحليلية لمؤشرات الفساد المالي والإداري في الدول العربية وأثر كل من تلك المؤشرات في مؤشر التنمية البشرية، واستخلص الجاعوني عدداً من النتائج والتوصيات المدعمة بالأرقام التي تخص الدول العربية بشكل عام وسورية بشكل خاص، وقد اعتمدت هذه الدراسة في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية المحكمة علمياً حسبما أفادت صحيفة الوطن. ورأى الجاعوني في خلاصة دراسته أن تدني الأجور الخاصة بالعاملين في أجهزة الدولة وخاصة في البلدان النامية هي دعوة للفساد، كما يرى أن تخفيف القيود البيروقراطية يقلل من الفساد واستلام الرشا من الموظفين الحكوميين الذين يتسلحون بالقانون وبقدرتهم على تعطيل الأعمال كما نصح بحرمان الشركات المحلية والإقليمية المعروف عنها بانخراطها في ممارسة الفساد من الدخول في المناقصات. وقد اعتمد الجاعوني في بحثه على 10 مؤشرات كمية قاس من خلالها مدى انتشار الفساد الإداري في كل دولة من الدول العربية مع اعتماد التنمية البشرية كمؤشر متغير لدى تغير كل من المؤشرات العشرة، التي اعتمد في كل منها على سلم قياس (من عشرة إلى صفر)، حيث تشير القيمة صفر إلى أعلى مستوى لانتشار الفساد على حين تشير القيمة عشرة إلى أدنى مستوى لانتشاره. وبيّن الجاعوني حسبما أفادت الصحيفة أن سورية قد جاءت في مرتبة متأخرة جداً على المؤشر العام لمكافحة الفساد إذ حلت بالمرتبة 19 من أصل 22 دولة عربية ولم يتخلف عنها على هذا المؤشر سوى السودان والعراق والصومال، وعن ترتيب الدول العربية وعلامة كل منها على سلم القياس أكد الجاعوني أن الإمارات العربية المتحدة قد حلت في المرتبة الأولى ب4.783 نقاط تليها الكويت ب4.69 نقاط، ثم قطر ب4.6238 نقاط، تليها كل من البحرين والأردن في المركزين الرابع والخامس ب4.55 نقاط لكل منهما، واحتلت عمان المركز السادس ب4.49 نقاط، واحتلت تونس المركز السابع ب4.296 نقاط، تلتها المغرب ب3.963 نقاط، وحلت جيبوتي تاسعاً ب3.83 نقاط، ولبنان عاشراً ب3.8078 نقاط، تلتها موريتانيا ب3.6833 نقاط، وجاءت جزر القمر في المركز الثاني عشر ب3.4543 نقاط، تلتها الجزائر ب3.435 نقاط، ثم مصر ب3.353 نقاط، فاليمن ب3.209 نقاط وحلت السعودية في المركز السادس عشر ب3.087 نقاط تلتها ليبيا ب2.532 نقطة، وجاءت فلسطين في المركز الثامن عشر ب2.528 نقطة، ثم سورية ب2.246 نقطة، تلتها السودان ب1.84 نقطة، واحتلت العراق المركز الحادي والعشرين ب1.69 نقطة، وجاءت الصومال في المركز الثاني والعشرين والأخير ب0.7211 نقطة. وتوصل الجاعوني بنتيجة هذه الدراسة إلى أن الحد الأعلى لمتوسط إجمالي مؤشرات مدى انتشار الفساد في كل الدول العربية (ككتلة واحدة) لم يتعد 3.6813 نقاط من أصل 10 نقاط، كما توصل إلى أن هناك ارتباطاً قوياً وطردياً بين مستوى فقر الدول العربية ومستوى الفساد فيها، كما لم تصل أي دولة عربية إلى وضع مقارن جيد فيما يخص مؤشر مدركات الفساد (الذي يعرف بسوء استغلال الوظيفة العامة أو السلطة من أجل مصالح خاصة، وهو يقيس مدى إدراك المسؤولين في الدولة لوجود الفساد). ولدى ربط الدراسة لمؤشرات الفساد بمؤشر التنمية البشرية (وهو مؤشر مركب يحسب من متوسط ثلاثة مؤشرات هي التعليم ومتوسط العمر ومتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي) بينت الدراسة أن زيادة مؤشر الاستقرار السياسي بمقدار درجة واحدة سيؤدي إلى زيادة مؤشر التنمية البشرية بمقدار 0.275 درجة. أما تحسن مؤشر مدركات الفساد بمقدار درجة واحدة فسيؤدي إلى تحسن مؤشر التنمية البشرية بمقدار 0.793 درجة. كما ظهر نتيجة الدراسة أن تعاون الدول مع المنظمات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، سيؤدي إلى انخفاض مؤشر التنمية البشرية بمقدار 1.44 نقطة بسبب فرضها لشروط وسياسات معينة على الدول التي تتلقى قروضاً ومساعدات منها، مثل شرط رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، أو خصخصة بعض القطاعات التي تقدم خدمات للمواطنين، الأمر الذي ينعكس سلباً على مستوى معيشة المواطن غذائياً وصحياً وتعليمياً. كما خلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن الفساد هو أهم عائق في وجه التنمية البشرية وليس شح الموارد وقلتها.