خلال أقل من 10 أيام تمر ذكرتان فى «السودانين»، هما الذكرى ال23 لثورة الإنقاذ فى 30 يونيو، والذكرى السنوية الأولى لاستقلال جنوب السودان عن الشمال فى 9 يوليو، فيما يعانى السودانان «ظروفا بالغة التعقيد»، سياسيا واقتصاديا، مما تهدد كيانهما نفسه. فالشمال دخل أزمة اقتصادية عقب انفصال الجنوب المنتج للنفط (75% من الإنتاج) دفعته لسياسات تقشفية وصفها وزير المالية السودانى، على محمود بأنها، «إجراءات تقدم عليها دولة مقبلة على الإفلاس»، وهو ما سبب احتجاجات طلابية مستمرة حتى اليوم، وتهدد بسقوط النظام. وفى دولة الجنوب، برئاسة سيلفاكير ميراديت، قررت جوبا فى 20 يناير الماضى، إيقاف تصدير نفطها، المورد شبه الوحيد للموازنة بنسبة 98%، على خلفية مطالبة الشمال برسوم كبيرة لمرور البترول عبر مينائه فى بورتسودان، إضافة لاتهامات متبادلة بين جوباوالخرطوم بتسليح كل طرف لمعارضة خصمه على جانبى الحدود. وبجانب الوضع الاقتصادى، مازالت الأجواء متوترة بين البلدين؛ مما يهدد بحرب يتوقع مراقبون أن تكون أكثر دموية من الحرب الأهلية بينهما (1983 2005)، والتى راح ضحيتها ملايين القتلى واللاجئين. وكانت الأممالمتحدة قد حددت 3 أغسطس المقبل للتوصل لحل سلمى للصراع بين الخرطوموجوبا، أو سيواجه البلدان إجراءات قاسية. وقد لا يتطلب الوضع فى كلا البلدين إية إجراءات، فهما «مهددتان بمزيد من التدهور»، بحسب مدير مركز الدراسات السودانية، حيدر إبراهيم. ويقول إبراهيم إن «الشمال والجنوب دولتان فاشلتان، فهما نظامان لا يتمتعان بأى قدر من الديمقراطية، ويعانيان معدلات عالية من الفساد، إضافة إلى افتقاد القيادتين لتصور واضح لتنمية بلديهما». يُذكر أن منظمة بيت الحرية قد اعتبرت الدولتان من «أسوأ السيئين»، حيث يعانيان من أعلى مستويات القمع والديكتاتورية. كما وضع مؤشر الدول الفاشلة، الذى تصدره سنويا مجلة فورن بوليسى الأمريكية، السودان كله فى مصاف أكثر 10 دول فشلا، بجانب الصومال وأفغانستان والعراق. ويرى مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن «سجل البلدين سيئ فيما يتعلق بالديمقراطية». ويقدر عيد، وهو المتحدث الرسمى لحملة «نختار السلام» الداعية لإنهاء التوتر بين الخرطوموجوبا، أن «الجنوب لديه فرصة أفضل لبناء ثقافة حقوق الإنسان ومنظومة معقولة لها، إذا انتهى التوتر مع الشمال». لكن إبراهيم يختلف معه، حيث يعتبر أن «التوتر بين الشمال والجنوب هو بسبب محاولة كلا النظامين تصدير مشكلاتهما للخارج، وبالتالى نلاحظ تكرار الصراعات الخارجية، ليس بسبب وجود مشكلة حقيقية، بل لأن النظم ليس لديها مخرج آخر لحل الأزمات». ومع ذلك يتفق إبراهيم وعيد على أن «الاحتجاجات ضد الرئيس عمر البشير ستتوسع، خاصة إذا لقيت المظاهرات الطلابية استجابة شعبية وسياسية». الشروق