فى ديسمبر 2011 سرقت حكومة المؤتمر الوطني نفط دولة الجنوب السوداني وحولت من الانابيب نفط تقدّر قيمته بمليارات الدولارات الى مصافيها لتبيعه فى أسواق النفط العالمي مثله مثل الاتجار غير القانوني بالأطفال والأعضاء والمخدرات والسلاح وغسيل الأموال الذى تفننت فى أسواقه عبر أسواق دبي الحرة الطليقة نخب الإسلام السياسي فى السودان. ذلك تم رغم ان حكومة الجنوب وعدت الشمال بدفع مايقدر ب 3 مليار دولار (حسن نية وفتحة خشم وتقديم للسبت رجاء الأحد بين نخب حرامية برقراطيين محتملين داخل الحكومتين)، تلك ال 3 مليار كانت كفيلة ببناء أنابيب جديدة الى المحيط الهندي عبر كينيا، غير ان ولي النعمة والأمر وسيّد البوش (الصين) لاتخارج معه تلك المخاطرة الطفولية. المدهش ان كل العالم “الحر" الطليق والضالع فى سَقط الاخلاق والشذوذ لم يرف له جفن إزاء ماحدث من همبتة . هذا مشهد ضمن مسرحية عبثية كوكبية لاعقلانية بائسة نشاهدها ويدفع المواطن ( خادم الفكي التى كانت مجبورة على الصلاة مضطرة لمشاهدة هذه المسرحيات وان تدفع نظير المشاهدة) غالياً من دمها ومالها. المواطن ضمن النظارة يراعي هذا البؤس المقلوبة موازينه لحظة لحظة لعل عميق الجرح يغري بالتناسي او هكذا تود النخب الحاكمة. اما دولتا الغش فقد لجأتا الى الديون والقروض والهبات (هاند اوتس) فى اسواق النهب العالمي الفاسد وفرض ضرائب عثمانية على جميع رعاياها (نعم رعاياها) المغلوبين داخل الحدود وخارجه (أقرأ المغتربين عن الاهل والوطن) دون ان تعطيهم أجورهم ، ثم تتماطل فى صرفها الى حين حسب التساهل وسياق التوازنات والصراعات النقابية!!! وبعد ذلك يرسلون أبناءهم العاطلين عن العمل الى مجازر الحرب حتى تحتشد بورصة اخري (تسمي فى القواميس بورصة تجارة السلاح). عائد النفط فى الدولتين (حين يتم ضخّه قريباً) لن يذهب الى المواطن فى الدولتين كونه عرضة لنهب واستنزاف النخب الحاكمة وجنرالات الجيش والامن وجيش الوزراء ثم تهريبه للخارج للاستثمار والادخار حيث لن يراه الفقراء المستضعفين. أما أسواق الموارد والارض فى الجنوب عامرة بالوكلاء (امريكاء ، الصين ، ومصر والإمارات) حيث تم بيع اكثر من خمسة مليون هكتاراً للشركات العالمية فى السودان الجنوبي وحده .... والاسواق موعودة بمزيد من الاراضي البكر مهيئة للخراب البيئي الشامل فى غياب الشفافية والديمقراطية واستقلال القضاء وسيادة نظم العمولات فى سياق دولة اللبرالية الجديدة (خصخصة مؤسسات الدولة الاقتصادية ومواردها لغاية خصخصة قطاع التعليم والصحة العامة) . ان مايسمى بالحوكمة والأموال الطائلة التى تصرف عليها مؤسسات الدائنين هى ذر للرماد فى العيون وتغبيش وتهدئة مؤقتة كاذبة فى ظل انهيار خدمات الدولة وجنات عدن عمولات النخب الحاكمة أثناء عمليات الخصخصة الدؤوبة. فى حالة الجنوب خمشت رؤوس الأموال الإقليمية نصيبها فى الجنوب السوداني ( كينيا فى اسواق النقل والمصارف)، ويوغندا (تجارة السلع والخدمات والاتصالات) وإريتريا وإثيوبيا (الفنادق وتجارة القطاعي) (انظر مقال الكس دوال). اما البرجوازية السودانية التجارية والبرقراطية والمصرفية (أحفاد الجلابة) فقد ضاع فى الترب خاتمها منذ ان خانها انبياء الإسلام السياسي كجلابة جدد اتجهوا الى الأسواق الخليجية حيث طلاقة الأسواق وفحشها. المتابع لحركة رؤوس الأموال وتجّار المليارات من بطانة المؤتمر الوطني ، مليارات منهوبة من جهاز الدولة السودانية السائبة وغاسلي الأموال فى أسواق العقارات فى دبي ، المتابع لروايات الفساد موعود بالصّرَع والذهول. وفى موقع آخر ملايين المنتجين الصغار على جانبي الحدود الطويلة بين الشمال والجنوب (أيادي عاملة هاجرت شمالا وتجار شنطة تتجول جنوباً ورعاة مواشي تشكل حوالي 50% من الثروة الحيوانية) ما انفكو يدفعون الثمن دماً ومالاً وولداناً مخلدون. يراهن بعض المحليين ، نظرياً، ان الاقتصاد المحلي فى الحدود ربما يزدهر بعد تطبيق اتفاقية الحريات الأربعة التى تضمنها اتفاق سبتمبر 2012 (حق التنقل والإقامة والتملك والعمل) . ولكن أرجّح ان نظام المؤتمر المنقسم اميبياً وتتصارع أسماكه حول الزلابية المنكمشة لن يثق فى حريات تهدّد الامن فى تلك المناطق الحدودية الحرجة الملتهبة المرشحة لأن تتسبب فى حرب افريقية لاتبقى ولا تذرى حيث الحريات تعنى حرية حركة الأسلحة والعتاد والجيش فى مساحة تشمل 11 ولاية على جانبي الحدود. العامل الامني مدفوع بتيارات ضغط دينية متطرّفة فى السودان واقليمياً يظل أولوية وعامل حاسم فى حراك المؤتمر الوطني الذي فى شوفو “يخاتل رفّة الطير والحفيف" كما قال الشاعر كون العامل الامني ربما يتسبّب فى سكتة قلبية فى اي لحظة. حتى ذلك الحين ستتقطع أصابع (وتتقاطع المصالح) النخب الحاكمة المتحاربة على جانبي الدولتين ولا دخل للمواطن بكل ذلك الا مزيد من التجويع والابادة. * ياترى كم نحن فى التخوم فى حوجة للحريات الأربعة التى أعلنها الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت فى عشية الحرب العالمية الثانية (1941) والتى شملت حرية التعبير وحرية العبادة والتحرر من الخوف والتحرر من الحاجة حيث مازالت مكاسب الشغيلة فى الغرب فى حرز دولة الرفاه, تلك الحريات تبناها لاحقاً حلف الاطلسي. الميدان