حادثت محمد محمد خير!!    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاقية سلام السودان في الميزان والحلول الممكنة 3

تعتبر حرب جنوب السودان من اطول الحروب عمرا في القرن الافريقي حيث انها بلغت خمسين عاما من الاقتتال ولم تتوقف الا فترة مؤقتة واندلعت مرة اخرى عبر هذه الحقبة الزمنية خلال فترات الحكم المتعاقبة منذ ان نال السودان استقلاله سنة 1956 م .
لقد بذلت كثيرا من الانظمة الحاكمة في السودان ديمقراطية كانت ام شمولية جهدا واجتهادا لوقف نزيف هذه الحرب والتي خلفت العديد من الضحايا من ابناء الجنوب والشمال معا بلغ تعداد الموتى فيها اكثر من مليوني مواطن. ولقد انحصرت تلك المحاولات لاجل وقف ذلك الاقتتال على سبيل المثال لا الحصر مؤتمر المائدة المستديرة في منتصف القرن الماضي واتفاقية اديس ابابا 1972م والتي اوقفت تلك الحرب لفترة من الزمان وعادت الحرب مرة اخرى عام 1983م ثم تلتها اتفاقية الميرغني قرنق 16 نوفمبر1988م والتي لم تر النور بسبب الخلافات السياسية بين القوى السياسة ( الديمقراطية الثالثة) والتي اجهضت بانقلاب الجبهة القومية الاسلامية 30 يونيو 1989م والذي كان هدفه الاساسي بان لا يكتب لهذه الاتفاقية النجاح ولقد كان وفي عام 1995 م مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية ( قوى التجمع الوطني).
3/صراع السلطة بين طرفي الاتفاقية :-
من المعلوم والثابت من احكام وبنود الاتفاقية والمتعلقة بالسلطة نجد ان طرفي الاتفاقية قد اقتسما السلطة خلال الفترة الانتقالية ، فكانت حصة المؤتمر الوطني 52% على مستوى الحكم المركزي والسلطات التشريعية والقومية . وحصة الحركة الشعبية الطرف الثاني28% على مستوى الحكم المركزي والسلطات التشريعية الاتحادية القومية. اما القوى السياسية الاخرى من الشمال تمثل 14% والقوى السياسية الاخرى من الجنوب تمثل بنسبة6%. ويتضح من اقتسام السلطة فيه تهميش واقصاء لبقية القوى السياسية الوطنية جنوبية كانت ام شمالية واستأثر طرفي الاتفاقية بنصيب الأسد في مؤسسات المستوى القومي (سلطة تشريعية مجلس وطني ومجلس الولايات وسلطة تنفيذية) حتى اصبحت تلك السلطات حصريا على طرفي الاتفاقية واستطاع المؤتمر الوطني بنسبته المحددة بموجب الاتفاقية 52% على مستوى السلطة التشريعية القومية والتنفيذية أن يحكم قبضته الحديدية لتزيده اكثر استمساكا بمفاتيح تلك المؤسسات القومية ، ليؤطر سياسة التمكين والشمولية والتي رسم لها منذ انقلاب 30/يونيو 1989م . ومن خلال هذا الفهم الاقصائي استطاع المؤتمر الوطني للاتيان بقوانين تحول دون التحول الديمقراطي ويعد خرقا سافرا عن اهداف الاتفاقية وغايتها. وبالتالي نجد ان القوانين المقيده للحريات ، والتي كان من المفترض ازاحتها خلال الفترة الانتقالية استطاع المؤتمر الوطني بالاتيان بقوانين تخالف احكام الاتفاقية ، لتخرج بثوب اكثر صرامة وتشديد لتقييد الحريات. و ذلك من خلال اغلبيته والمصنوعة بموجب تلك الاتفاقية الثنائية.
ولم تستطيع الحركة الشعبية بموجب نسبتها ال28% في السلطة على المستوى القومي باتيان قوانين تؤطر للحريات وتجعل ديمومة الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة واقعا وفقا لمتطلبات اتفاقية السلام.
وعليه لقد شهدت الفترة الانتقالية صراعا مريرا بين طرفي الاتفاقية في العديد من المسائل المتعلقة باستصدار القوانين ، فكانت كافة قوانين التحول الديمقراطي ،والقوانين المقيده للحريات محل شد وجذب واعتراض وانسحاب ومقاطعة لاجل اجازتها ، ومخالفتها لاحكام الاتفاقية والدستور الانتقالي ، وكان الفشل مصاحب الحركة الشعبية في مناهضتها لتلك القوانين. فأتت القوانين كما يشتهي المؤتمر الوطني عبر آلياته واغلبيته المصنوعة بموجب اتفاقية السلام الشامل . والتي جعلته يتحكم على كافة المؤسسات التشريعية، ومنها والتنفيذية بواسطة عناصره ، الموالية له والملتزمة بتنفيذ سياسته الشمولية ، ولم يعتد ويعمل على معيار الكفاءه والذي يعتبر من اهم أحكام وأسس الاختيار خلال الفترة الانتقالية المؤدية للوحدة الجاذبه وفقا للاتفاقية.
ما سلف ذكره على المستوى القومي والمركزي نجد ان سيطرة المؤتمر الوطني على كافة المؤسسات والسلطات القومية استطاع ان يحكم قبضة الحكم ،ويديرها بفهم اقصائي لكافة القوى بما فيها الحركة الشعبية ، فاضحى حكم البلاد بعناصر الجبهة القومية الاسلامية من اعضاء المؤتمر الوطني. هذا المفهوم الاقصائي جعل القوى السياسية الاخرى شمالية وجنوبية ليست ذات وجود فعال لاجل ترجمة اهداف الاتفاقية لواقع والمؤدية للوحدة الجاذبة. مما جعل الوحدة بعيدة المنال.
وبالتالي نجد على مستوى حكم الجنوب تسيطرة الحركة الشعبية على كافة مستويات الحكم في الولايات الجنوبية ، وتم اقصاء كافة القوى السياسية الجنوبية، وفيها من حمل سلاح المقاومة وفيها من تمرد عليها ، وفيها من لجأ للمؤتمر الوطني. وما قام به المؤتمر الوطني على مستوى الحكم القومي والمركزي (تشريعي وتنفيذي) من سيطرة كاملة بواسطة محسوبيه ، ايضا فعل الشريك والطرف الثاني الحركة الشعبية بفرض سيطرته على اقليم الجنوب بواسطة محسوبي الحركة الشعبية وايضا عملت الحركة الشعبية على ابعاد واقصاء ابناء الجنوب والقوى السياسية الجنوبية الاخرى ، وذلك بموجب اقتسام السلطة لطرفي الاتفاقية حيث نجد ان الحركة الشعبية منحت نسبة عالية جدا لاحكام سيطرتها على جنوب السودان ، ونالت بموجب الاتفاقية على نسبة 70% من السلطة التشريعية والتنفيذية على مستوى حكومة جنوب السودان، والمؤتمر الوطني وبموجب الاتفاقية نال نسبة 15% في السلطة التشريعية والتنفيذية على مستوى حكومة جنوب السودان ، والقوى السياسية الاخرى من جنوب السودان مجتمعه نالت نسبة 15% من السلطة التشريعية والتنفيذية ومن الملاحظ حرم من هذا التمثيل على مستوى حكم جنوب السودان القوى السياسية الشمالية الاخرى وفي ذلك امعان للاقصاء.
وبالرجوع لمؤسسات الحكم على المستوى الولائي وحسب ما ورد بصلب الاتفاقية، نجد ان طرفي الاتفاقية تبادلا اقتسام السلطة للولايات حيث نجد ان الولايات الشمالية وعددها ستة عشر ولاية تولى السيطرة عليها المؤتمر الوطني من حيث المجالس التشريعية والتنفيذية وكذا الحال بالنسبة للولايات الجنوبية العشر فاضحت تحت سيطرة الحركة الشعبية من حيث المجالس التشريعية والسلطة التنفيذية .
وعليه نجد ان طرفي الاتفاقية قد عملا لاقتسام السلطة الولائية شمالا وجنوبا ، ولقد كان اقتسام السلطة الولائي بالنسبة للولايات الشمالية الستة عشر ولاية يكون نصيب المؤتمر الوطني 70% من حيث السلطة التشريعية والتنفيذية، ونصيب الحركة الشعبية في الولايات العشر الجنوبية 70% من حيث السلطة التشريعية والتنفيذية، ونسبة 30% المتبقية في الولايات الشمالية والجنوبية على النحو التالي :
1/ نسبة 10% في الولايات الجنوبية لحزب المؤتمر الوطني .
2/ نسبة 10% في الولايات الشمالية للحركة الشعبية .
3/نسبة 20% في الولايات الشمالية والجنوبية يشغلها ممثلو القوى السياسية الشمالية والجنوبية على التوالى.
وبالتالي اخلص الى ان السلطات القومية كان من المفترض ان تكون حصريا للحكومة القومية حسبما وردت بالاتفاقية بالمفهوم القومي المطلوب، لكن وللاسف الشديد فرض المؤتمر الوطني سيطرته بدء برئاسة الجمهورية فاضحت رئاسة الجمهورية ممثلة بنسبة 70% للمؤتمر الوطني 30% للحركة الشعبية فرئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني والنائب الثاني لرئاسة الجمهورية لنائب رئيس المؤتمر الوطني والنائب الاول للحركة الشعبية فانعدمت الصبغة القومية في المجلس الرئاسي لرئاسة الجمهورية. وهكذا الحال في المجالس التشريعية القومية ، والسلطة التنفيذية مجلس الوزراء ، والشاهد ان كافة الوزارات السيادية أحكم المؤتمر الوطني قبضته عليها ، وبالتالي ومن الملاحظ استطاع ان ينفذ مخططه ومشروعه الحضاري المزعوم . ونجد ان بداية تشكيل السلطة التنفيذية والمتمثلة في تعيين الوزراء شهدت صراعا محموما بين طرفي الاتفاقية ، خاصة الوزارات التي تقع تحت سيطرتها الاعمال العسكرية والامنية ، مثل وزارةالدفاع والداخلية ورئاسة جهاز الامن والعدل ورئاسة القضاء وايضا الوزارات المتعلقة ، بالمال والثروة كوزارة المالية والطاقة والتعدين والبترول وبنك السودان المركزي.
ونجد ان هذه المؤسسات التنفيذية القومية السيادية منذ انقلاب 30/ يونيو 1989 انقلاب الجبهة القومية الاسلامية ، وحتى تاريخ توقيع هذه الاتفاقية احكم نظام المؤتمر الوطني قبضته عليها ،وفرض سيطرته الاقصائية لكافة الكفاءات القومية ،وقام بتشريدهم ولم يبقى في هذه الاجهزة الا عناصره الموالية له موالاة صارمة، حتى اضحى السيف عند الجبان والمال عند البخيل الجائر .وعندما اتت اتفاقية السلام الشامل، لم يعد في مؤسسات الدولة السودانية عنصر الكفاء والقومية المطلوبة لتولي المناصب،وتولى أمرها من هو عقائدي، وذو التزام صارم للمؤتمر الوطني وأفرغت المؤسسات من محتواها القومي والوطني وانعدام معيار الكفاءه.
وبالتالي عندما اتت الاتفاقية تحمل نسبة المؤتمر الوطني بالمؤسسات والسلطات القومية لم يحدث اي تغيير في السلطة القومية وظل الحال كما كان عليه منذ انقلاب 30 يونيو 1989م. بل الاتفاقية منحت المؤتمر الوطني شرعية ازداد فيها ترسيخا لتأطير افكاره الشمولية ذات الطابع الفئوي والاقصائي، وحتى طالت هذه الشمولية اقصاء الحركة الشعبية من تحقيق احلامها لحكم السودان عبر ترجمة الاتفاقية لواقع ديمقراطي معاش ، فيه تدوال سلمي للسلطة.
وبالتالي ومن خلال الفترة الانتقالية نجد ان طرفي الاتفاقية ومن خلال السلطة القومية تشريعية كانت ام تنفيذية شهدت صراعا شديدا بين الحق والباطل فساد فيها الباطل ولم يجد الحق طريقه لننعم بوحده جاذبة ، وبالتالي ان اقتسام السلطة بين طرفي الاتفاقية واقصاء القوى الشمالية والجنوبية الاخرى وعدم استصحاب الأرث السوداني الاثنى والعرقي والجهوي المتعدد الثقافات ادى لخلل في السلطة وزاد من اطماع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لثنائية الاتفاقية واثنية طرفي الاتفاقية فانعدمت القومية في السلطة والقومية التشريعية والسلطة التنفيذية القومية والمسماة في الاتفاقية فاتى مفهوم الطرف الاول المؤتمر الوطني والطرف الثاني الحركة الشعبية مغايرا لمفهوم الاتفاقية.
وفي ذلك تاكيد بان طرفي الاتفاقية نفيضين لا يلتقيان ، وبالتالي هذا هو ما ادى لكي تكون الوحدة الجاذبه بعيدة المنال بسبب السلطة التي كانت ضحية لاطماع طرفي الاتفاقية.
4/ الثروة سبب من الاسباب الموضوعية التي جعلت الوحدة الجاذبه بعيدة المنال:-
لقد افرد الفصل الثالث من اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 فصلا كاملا لاقتسام الثروة ، وتضمن الدستور الانتقالي في الباب الثالث عشر المسائل المالية والاقتصادية ووضع مبادئ هادية لتوزيع الثروة العادل.
انحصرت موارد الثروه هذه في الاراضي وموارد الدخل القومي وحكومة الجنوب باعتبارها ضمن الموارد المالية ، وعائد البترول. وتم تكوين مفوضيات لها وتتمثل في مفوضية الأراضي ، ومفوضية البترول ، ومفوضية الايرادات المالية . ووضعت اتفاقية السلام الشامل أسس لاختيار اعضاء المفوضية وهي معيار القومية والاستقلال والمهنية زائدا الكفاءه. الا انه وللأسف الشديد ان المفوضيات والمتعلقه بهذا الشان ، اتت بمفهوم ثنائي وآحادي حصريا على طرفي الاتفاقية . حيث نجد رئاسة المفوضيات التي تتعلق بالثروة أوكلت رئاستها للمؤتمر الوطني حيث يرأس رئيس الجمهورية ونائبه الاول رئيس حكومة الجنوب مفوضية البترول وعضويتها من طرفي الاتفاقية، وان مفوضية الاراضي تم تقسيمها شمالا وجنوبا واحكمت السيطرة عليهما من طرفي الاتفاقية شمالا وجنوبا.
اما مفوضية الايرادات بالرغم من رئاستها موكلة للمؤتمر الوطني وعضويتها لطرفي الاتفاقية بالتساوى الا انها لم يكن لها دور ولا وجود، ولم تكن فاعلة كما هو واجب ان تكون.
وبالرغم من سيطرة طرفي الاتفاقية على كافة المفوضيات الخاصة بالثروة لاجل مراقبتها ، وتنفيذ الاتفاقية الا ان طرفي الاتفاقية ظلا في صراع دائم خلال الفترة الانتقالية حول الثروة من حيث الموارد البترولية و الغير بترولية ، واتهم كلا الطرفين الطرف الاخر بالفساد المالي، وعدم الالتزام بما وارد ببنود واحكام الاتفاقية والمتعلقة بالثروة . ويتاكد ذلك من خلال الاحصائيات العالمية المتعلقة بالشفافية والمحاسبية للموارد المالية، والتي جعلت السودان خلال الفترة الانتقالية يعد من الدول التي انعدمت فيها الشفافية والمتصدرة للفساد المالي.
عموما علينا ان نحدد كيف كانت الثروة واقتسامها سببا مانعا للوحدة الجاذبه حتى اضحت بعيدة المنال.
من خلال صراع الطرفين حول السلطة المتعلقة بالوزارات السيادية مقصدي وزارة المالية ووزارة الطاقة والتعدين والبترول، شهدت صراعا محموما بين الطرفين ولكل من طرفي الاتفاقية يريد ان يحكم قبضته على مكمن المال والثروة، حتى ظفر بهم المؤتمر الوطني ومارس من خلال اعماله وافعاله لمنسوبيه ومحسوبيه لمؤسسات اقتصادية تابعة للمؤتمر الوطني سواء امنية او عسكرية والمسماه بالصناديق والبنوك الحكومية التابعة للنظام.
ومن الملاحظ والمعاش خلال الفترة الانتقالية كثرت الصراعات بين طرفي الاتفاقية حول اقتسام السلطة، وعائد البترول وتبادل طرفي الاتفاقية كثيرا من الاتهامات ،واعلنت الحركة الشعبية تكرارا ومرارا بأنها لم تستلم نصيبها من عائدات البترول كاملا حسبما نصت عليه الاتفاقية. ونجد المؤتمر الوطني يرد بانفعال كرد فعل لتصريحات منسوبي الحركة الشعبية ، ليؤكد استلام نصيب حكومة جنوب السودان كاملا هكذا سجل الفترة الانتقالية حول الثروة واقتسامها بين الطرفين وظل سجلال مكررا بالاتهامات المقرونة بالفساد .
نجد ان كل الأسس التي أمرت بها اتفاقية السلام الشامل لأجل الشفافية والنزاهة المحاسبية لأجل الثروة واقتسامها انعدمت تماما خلال الفترة الانتقالية، لم يلتزم طرفا الاتفاقية بالمعايير المحاسبية، ولن يعملا بالمساءلة المالية. ولم ينشأ الصندوق القومي لاعادة البناء والتنمية حسبما اتت به اتفاقية السلام الشامل ،ولم يكن لصندوق جنوب السودان لاعادة البناء وجودا كما هو مطلوب .ولم يكن هنالك ضمان للمساءلة والشفافية والكفاءة والانصاف والعدالة التي أمنت عليها الاتفاقية.
لقد امنت الاتفاقية على اعتبار ان حكومة الجنوب مسئولة عن الانفاق ومصروفات الحكومة معلنة في اطار عمليات الموازنة السنوية والشئون المالية، وكذا الحال للحكومة القومية والتي يسيطر عليها المؤتمر الوطني . لم يحدث على الاطلاق لكلا الطرفين أن أعلنا موازنة ومراجعة بالمفهوم المحاسبي المطلوب تتضمنها عائد البترول، وهذا ما يؤكد عدم الشفافية ويعد تجاوزا للاتفاقية، فالشاهد ان ترى جنوب السودان فاقد للتنمية المطلوبة والبنيات التحتية لم تر النور خلال الفترة الانتقالية ، ومن المؤكد ان هنالك اموالا طائلة من الثروة ان لم يكن جلها لم تجد طريقها للتنمية ورفاهية المواطن الجنوبي. ولم يعمل المؤتمر الوطني لازاحة الغبن الجنوبي ، وعليه نرى ان انتشار المؤتمر الوطني وهيمنته على الثروة جعلها لا تنسحب لرفاهية الوطن والمواطن، ولم يكن هنالك توزيعا عادلا للثروة حسبما تطلبته الاتفاقية لكافة مستويات الحكم فكان له ألاثر الكبير على اقعاد مستويات الحكم بما فيها حكومة الجنوب ذات النصيب الاكبر والذي يجعلها تعمل على جعل الوحدة جاذبه بين ابناء الجنوب والشمال.
وعليه ارى أن الثروة لم يعمل طرفا الاتفاقية على تسخيرها لأجل ان تكون الوحدة الجاذبه سهلة المنال. وما صاحب الثروة من صراع مرير بين طرفي الاتفاقية هو الذي رجح كفة الانفصال على الوحدة.
وبالتالي مرد ذلك الانفصال حال حدوثه يكون السبب الأساسي والمؤدي اليه اطماع طرفي الاتفاقية الذاتية لاجل الثروة والسلطة ، والذي جعل الاتفاقية احادية الاطراف وانعدام القومية جعل طرفي الاتفاقية منعدمي الاهلية الوطنية ، مما جعل الوحدة بعيدة المنال بسبب المال والجاه والسلطة، ولم تكن هي لله بل كانت لأجل المال والسلطة والثروة.
5/ انتخابات ابريل 2010 واثرهاعلى تقرير المصير :-
ما صاحب انتخابات ابريل 2010م من قوانين اسست بمفهوم يخالف اتفاقية السلام الشامل ( راجع بحثنا في عدم دستورية ومشروعية انتخابات ابريل 2010م لمخالفتها الدستورية من حيث الاتفافية ودستور السودان الانتقالي لسنة 2005م). نجد ان هذه الانتخابات صاحبها التزوير بدء في تعداد سكان السودان شمالا وجنوبا حيث لم يجد تعداد السكان اعترافا من قبل الحركة الشعبية . وعندما اجريت هذه الانتخابات خارطة طريقها كانت مدعاة للانفصال لا الوحدة، حيث نجد ان الحركة الشعبية عند ادارتها لعملية الانتخابات في رقعتها الجغرافية المحددة لحكومة جنوب السودان احكمت قبضتها ، وادارة تلك الانتخابات لحكومة جنوب السودان بمفهوم شمولي واقصائي لبعض من ابناء الجنوب ، واتبعت كل أساليب الفساد ، والمحرمة بموجب قانون الانتخابات . حتى أدى ذلك لخروج الكثير من أبناء الجنوب من العملية الانتخابية لاسلوب القهر والتهديد والذي اتبعته الحركة الشعبية لأجل الاتيان بمحسوبيها ولقد أدى ذلك لحمل السلاح والتهديد بالتمرد لبعض القبائل الجنوبية. وما كان يحدث في جنوب السودان خلال فترة الانتخابات ، لم يتجرأ اي مواطن شمالي من ان يتقدم بالترشيح لتلك الانتخابات في اي من الدوائر الجغرافية بجنوب السودان. وكذا حال الانتخابات في شمال السودان حسب الدوائر الجغرافية ، بولايات الشمال الستة عشر ، فمارس المؤتمر الوطني كافة اساليب الفساد الواردة بقانون الانتخابات بدء بالتسجيل ومرورا بترسيم الدوائر الجغرافية حتى الاقتراع فتمكن المؤتمر الوطني من اقصاء كافة القوى السياسية السودانية ، وعمل على ادارة الانتخابات بواسطة اجهزته الامنية والعسكرية والقضائية ،ولم نجد اي مواطن جنوبي بالشمال خارج منظومة المؤتمر الوطني ان وجد حظه حتى في الترشيح . وبالتالي نجد ان تلك الانتخابات كانت دليل واضح وخارطة طريق واضحة المعالم تؤدي للانفصال.
وبالتالي نجد ان انتخابات ابريل 2010 اولى خطوات الانفصال ومن بعد تلك الانتخابات اضحت روح طرفي الاتفاقية روح عدائية تأكدت فيها الاثنية الانفصالية ،ولم يتبق شئ غير اكتمال الحدود الجغرافية.
وعليه اخلص الى ان انتخابات ابريل 2010م من الاسباب الموضوعية التي جعلت الوحدة الجاذبه بعيدة المنال، وتمت هذه الانتخابات بطريقة يشوبها روح الانفصال.ولم تأت وفق معايير الاتفاقية والدستور، لأجل ترسيخ المبادئ الديمقراطية لأجل ديمومة الديمقراطية والتدوال السلمي للسلطة والتي تجعل الوحدة الجاذبه سهلة المنال.
}{}


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.