٭ المناسبات.. كل المناسبات السعيدة والحزينة تشكل محطات للتأمل وإجترار الذكريات حلوها ومرها- ومع إجترار الذكريات تتوسع دائرة لتأمل التفكير. ٭ واذا كانت مناسبة سعيدة تذكرت مثيلاتها وتلذذت بطعمها وعقدت المقارنة بينها وبين التي بين يديك.. وبالمثل اذا كانت مناسبة حزينة تذكرت مثيلاتها وتفتقت الجروح وعظم الأسى. ٭ هكذا طبيعة الانسان تعمل تلافيف مخه بكل مراكزها وترسل اشاراتها بلا توقف.. إلا اذا اضطربت وظائف تلك المراكز وانعتق صاحبها من أعباء التفكير والتأمل المتصل واصبح في ذمة الآخرين.. ألم يقولوا (المجنون في ذمة العاقل). ٭ والاعياد مناسبة سعيدة وعظيمة ولاسيما ان كانت دينية ومرتبطة بمعان كبيرة.. التضحية والايثار. ٭ مضت ايام العيد الكبير باجازته الطويلة.. العيد هذا العام بلغت اجازته ثلث الشهر أى عشرة أيام إلا يوماً واحد.. وهو عيد الفداء.. والوفاء.. وتعظيم الابوة حد التضحية بالنفس (اذبحني يا ابي وستجدني من الصابرين).. العيد هو موسم الحج.. موسم الاتجاه الى بيت الله.. موسم اداء شعيرة قرنها سبحانه وتعالى بالاستطاعة لاستكمال اركان الرسالة الخاتمة.. الاسلام.. (وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا). ٭ جاء العيد هذا العام والعالم يموج ويفور باحداثه الغريبة.. امريكا وما يدور داخلها وحولها وعنها.. والناس من حولها يراقبون سياسات اوباما.. علها تجعل امريكا تراجع مواقفها تجاه البشرية جمعاء وتكف عن ممارسة دور السيد سواء كان بالجزرة أو العصا .. جاء العيد وافريقيا بل والعالم الثالث كله على حالة مشاكل السياسة والفقر والمرض. ٭ كان في العيد في زمان مضى الاطفال يطوفون بمنازل الحي ويباركون العيد ويحصلون على العيدية التي تبدأ بتعريفة وقرش او شلن وريال.. والريال هذا رقم قياسي.. ريال يعني عشرة قروش.. عندما اخذت احكي لابناء وبنات اخوتي واخواتي الصغار.. سألوني قرش يعني شنو؟ بذلت مجهوداً في الشرح لأن اصغرهم لا يطلب اقل من جنيه يعني ألف جنيه بالقديم. ٭ الاطفال في العيد.. كل الاطفال يبحثون عن الحلاوة والكعك والقروش يطلبونها وهم يرفلون في جديد الثياب.. قد تختلف خاماتها ولكنها كلها جديدة يستوي في ذلك اطفال الأحياء الراقية والاحياء الطرفية.. تعذبت كثيراً للتغيير الذي اخذ يتسع يوماً بعد يوم.. الاطفال يأتون من الاطراف وباعداد كبيرة وفي ثياب رثة واقدام حافية ونفوس منكسرة ويطلبون بالحاح وبالتحديد (رغيف ولحمة) ولا يتذكرون الحلاوة والكعك وربما لعدم معرفتهما. ٭ الفقر سلب الاطفال والكبار بهجة العيد.. وقفت عند هذه الجملة الصغيرة بعدد كلماتها الكبير في معناها.. وقفت كثيراً عند معنى عذابات الفقراء عذابات هذا الكم الهائل من المجتمع السوداني.. نعم الكم الغالب من سكان السودان فقد اضحت الغالبية العظمى من السودانيين تحت خط الفقر وسياسة التحرير الاقتصادي والخصخصة غير المقدور على آثارها السلبية هى السبب بالاضافة الى آثار الحرب اللعينة. ٭ واصبحوا كلهم تحت رحمة جرعة الدواء وظل السكن باهظ الايجار في اطراف المدن.. ووجبة واحدة مكونة من (البوش) او مرقة (ماجي) او وجبتين على احسن الفروض.. هذا حال الغالبية العظمى من أهل السودان. ٭ بالاضافة الى احزاني الخاصة هذا ما سيطر على دائرة تأملي وتفكيري طوال ايام العيد ومع ذلك تبقى معاني الوفاء والايثار والتكافل قيم اصيلة وراسخة في جوهر الرسالة الخاتمة.. للانسان على ظهر الارض رسالة الاسلام.. حمانا الله من الظلم والغلاة وكل عام وانتم بخير. هذا مع تحياتي وشكري