قبل أن نتحدث عن الحالات التي تستوجب قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول إنما يجري في ساحة بلادنا في هذه الآونة يدعو للحزن والأسى والبكاء أيها السادة في سوداننا العزيز، كما ذكرت في مرات عديدة على صفحات جريدة الصحافة الغراء نحن كما يعلم الكل والاطفال في بطون أمهاتهم اننا قد استلمنا السودان موحداً من زعماء الاستقلال في يناير عام 1956م ولكن مدمني السلطة بكل أسف فرطوا في المحافظة على وحدة السودان واستعملوا مصطلحات ممجوجة مثل الوحدة الجاذبة والوحدة الطوعية والجوار الحسن وما إلى ذلك من الشعارات التي لا توجد في كافة قواميس العالم ويقاس عظمة الحكام بمدى محفظتهم لوحدة بلادهم والدول والشعوب من حولنا في كافة قارات العالم يضحكون علينا لأنهم بالرغم من وجود حركات انفصالية يحافظون على وحدة بلادهم، البعض منا يطالب بتحقيق الوحدة بين مصر العزيزة واريتريا وتشاد واثيوبيا، اني طالبت بتحقيق كونفدرالية بين الدول المذكورة آنفاً وذكرت ايضاً في مقال بعنوان العلاقات المصرية السودانية في الميزان لاسيما وان العلاقات المصرية السودانية هي علاقات متجزرة في التاريخ والسودان وقف مع مصر في مواقف كثيرة ومصر هي الأخرى وقفت بجانب السودان والمجال لا يسمح بسرد هذه المواقف لانها معروفة للكل ونقول للذين يطالبون بالوحدة مع مصر نحن نرحب ولكن يجب علينا أن نحل مشكلة حلايب، فهذه المنطقة وطبقاً لاتفاقية عام 1889م التي وقعت بين مصر وبريطانيا «الحكم الثنائي» وأول نائب في البرلمان السوداني من شرق السودان وحين عرض موضوع حلايب في مجلس الأمن الدولي كان المجلس يؤيد في صالح السودان لا سيما ان مصر العزيزة اتجهت للكتلة الاشتراكية بعد ان رفضت الولاياتالمتحدة تمويل السد العالي، لذا نأمل ان يعلن وكما ذكرت في مقالي السابق بنفس العنوان ان يعلن الرئيس حسني مبارك الذي نقدره ونحترمه ان يعلن عودة حلايب للسودان وعدم عودة حلايب للسودان في اعتقادي سيسهم في توتر العلاقات بين البلدين الشقيقين وفي امكان مصر والسودان أن يكتفيا من محصول القمح إذا عملتا في زراعة القمح في المديرية الشمالية بدلاً من أن تستورد وتزرع مصر الشقيقة القمح في رومانيا والأرجنتين وغيرهما من الدول. العلاقات الدبلوماسية بين الدول تعتبر من القنوات الجوهرية المفيدة وتهدف في تحليلها النهائي في تبادل العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ...الخ ولكن في بعض الاحايين تضطر الدول إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية، الأسباب عديدة سوف نذكرها في اختصار، وقبل ان تقطع الدبلوماسية مع دول اخرى فانها تلجأ للأساليب التالية:- تخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي مع الابقاء على مختلف العلاقات الدبلوماسية وحين تقطع دولة «أ» مع دولة «ب» فانها تحترم طبقاً للقانون الدولي والاعراف المتبعة في المجالات الدبلوماسية كافة الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمت بينهما. إذا كان انشاء العلاقات الدبلوماسية يفتقر إلى اتفاق بين البلدين فان قطعها لا يخضع إلى أي شرط وتعتبر اية دولة حرة في اللجوء إليه دون استشارة الدولة الثانية أو استمزاجها. وقد يكون قطع العلاقات الدبلوماسية إما اجراء فردياً أو تدبيراً جماعياً، كأن تعتمد الدول الاعضاء في منظمة اقليمية، أو كتلة عقائدية إلى اعلان قطع العلاقات مع دولة أو اكثر لأسباب سياسية أو نتيجة لعدوان غاشم كما فعلت الدول العربية عام 1956م إذ قطعت علاقاتها مع كل من فرنسا وبريطانيا إثر اشتراكهما في العدوان على مصر، وقد عمدت منظمة الاممالمتحدة إلى اتخاذ مثل هذا الاجراء، إذ سبق ان اتخذت في 12 ديسمبر 1946م قراراً برقم «1» دعت فيه الدول الاعضاء إلى قطع علاقاتها مع اسبانيا برئاسة الجنرال فرانكو لاقامته نظاماً يتعارض مع مبادئ الاممالمتحدة. ويعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية عملاً غير عادي سواء تم في جو هادئ كما تعمد الدولة الموفدة إلى اغلاق بعثتها الدبلوماسية في بلد ما وتوعز إلى موظفيها بمغادرة البلاد أم في جو لاهب إذا عمدت الدولة المستقبلة إلى تكليف رئيس واعضاء البعثة الدبلوماسية المعتمدين لديها بمغادرة البلاد خلال مدة معينة واغلاق السفارة. وجدير بالاشارة إلى ان قطع العلاقات الدبلوماسية لا يتعارض مع احكام ميثاق الأممالمتحدة الذي أجاز اللجوء إليه في المادة «41» كتدبير جماعي في حين ان المادة ج«12» «على وجوب فض أي خلاف قد يؤدي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول الاعضاء أي التحكيم أو التسوية القضائية أو استصدار قرار من المجلس ..الخ. وأخيراً فان قطع العلاقات الدبلوماسية لا يؤدي حكماً إلى إلغاء المعاهدات والاتفاقات الثنائية المعقودة بين البلدين، أو ايقاف العلاقات التجارية أو الثقافية التي تكون جارية بشكل شبه طبيعي ومن المعلوم ان كلا من البلدين يلجأ إلى تكليف دولة ثالثة برعاية مصالحها لدى الدولة الثانية وبموافقة هذه الاخيرة ويحق لها عند الاقتضاء احداث مكتب يقوم بهذه المهمة بواسطة موظفين دبلوماسيين من مواطنيه وذلك تحت اشراف البعثة الدبلوماسية المكلفة برعاية المصالح. وتقطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول عند نشوب حرب بين الدولتين أو أكثر ان هذا الحادث يؤدي حكماً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين واغلاق سفاراتهما وانما يترتب على كل منهما تقديم التسهيلات اللازمة لسفر الدبلوماسيين المعتمدين والابقاء على امتيازاتهم وحصاناتهم والمحافظة عليهم ومعاملتهم معاملة حسنة حتى مغادرتهم البلاد وتحرص الدول بعدم اللجوء لقطع العلاقات الدبلوماسية بما يترتب عليها من نتائج وخيمة للدولتين فالاتحاد السوفيتي بالرغم من عدائه للولايات المتحدةالامريكية لم تحاول على الاطلاق ان تقطع علاقاتها الدبلوماسية بينها وبين الولاياتالمتحدةالامريكية ومن هذا المنطق فان الدول الواعية والمدركة لمسؤولياتها لا تسرع في قطع علاقاتها الدبلوماسية. والجدير بالذكر ان طرد دبلوماسي لا يعني بأية حال من الاحوال بقطع العلاقات بين الدول ويطرد السفير في العادة حين يتدخل بشكل سافر في شؤون الدولة المستقبلة أو يقوم باعمال تجسسية أو يشجع قيام انقلاب أو اضطرابات في الدولة المستقبلة ودولة السفير المطرود من جانبه تقوم بطرد دبلوماسي الدولة التي طردت سفيرها وبعد فترة وجيزة تقوم هذه الدول باستقبال سفراء جدد لانها تعتقد بأن اتهام سفيرها بالتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية للدولة المستقبلة اهانة لها فالدول كما ذكرت آنفاً لا تقطع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع بعضها البعض ولكنها تلجأ لمن يقوم برعاية مصالحها بشرط موافقة الدولة الموفدة والمستقبلة، وقد يتساءل البعض هل من مصلحة السودان العليا طرد السفير الفرنسي من الخرطوم ونحن بكل أسف بالرغم من حبنا وتقديرنا للشعب الفرنسي العريق ذي الحضارة التليدة ودرسنا في فرنسا ولكننا ندين سياستها المناهضة للسودان وتشجيع كافة المتمردين ضد السودان وشعبه ولكن منذ أن وطأت أقدام ساركوزي قصر الأليزيه رئيساً للجمهورية حدثت تحولات دراماتيكية في السياسة الخارجية الفرنسية التي كانت تتسم بالاستقلالية إبان تولي الجنرال ديجول هذا الجنرال الذي حقق الاستقرار لفرنسا وانسحب من الجانب العسكري من حلف الاطلنطي وجعل فرنسا قوة نووية واتخذ سياسات مستقلة عن الولاياتالمتحدةالامريكية ويبدو ان حكومة السودان كانت مشمولة بكل الأسف بهذا التحول لاسيما ان اتخذت باريس مواقف اكثر تشدداً من المحافظين الجدد تجاه حكومة السودان وشعبه ولعل أبرز تلك المواقف صياغتها وتقديمها لقرار مجلس الامن الدولي 2005/1593م الخاص بمحاكمة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم الحرب في اقليم دارفور إلى المحكمة الجنائية الارهابية التي تعتبرها بكل تأكيد مقدمة لارهاب كافة رؤساء الدول الافريقية وفي سابقة خطيرة هي الاول من عام 1999م أبدت فرنسا مراراً تأييدها للمحكمة الارهابية الدولية بل ذهبت كثيراً تأييدها القيام بعمل عسكري لاعتراض طائرة الرئيس البشير اثناء توجهه إلى الدوحة للمشاركة في قمة الدول العربية وهذا العمل من جانب فرنسا يعتبر في تقديري يمثل ارهاباً لم يحدث في الماضي لأنه يمثل بكل تأكيد خلق اضطرابات في الدول وخرقاً للقانون الدولي. خارج النص كل انسان وكل الدول تعمل لمصلحتها لاسيما وان المصلحة قد اصبحت مثل سيمفونية بتهوفن ومن حق أية دولة ان تعمل من أجل المحافظة على مصالحها وان تعمل الدول للحفاظ على مصالحها ولكن الذي لا نؤيده ونستهجنه تطبيق فلسفة ميكافيلي الذي ألف كتابه المشهور باسم المير! فالولاياتالمتحدةالامريكية وكافة الدول الاوربية بالرغم من ادعاءاتها الكاذبة باحترام حقوق الانسان تشن حرب ابادة في افغانستان والعراق فدمرت العراق بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل ويقوم حالياً التحالف الغربي بتدمير افغانستان بحجة مكافحة الارهاب وقد لا يعلم الكثيرون ان الولاياتالمتحدةالامريكية هي التي شجعت الذين ذهبوا لمحاربة السوفيت من كافة الدول العربية وكانت تسميهم امريكا بالمجاهدين وتمدهم بالاسلحة ولكن بعد ان خرج الاتحاد السوفيتي قامت امريكا بمحاربتهم وتسميتهم بافغان العرب، ونحن في الختام لا نود قطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا لا سيما وان لها نفوذاً مطلقاً في الدول الفرانكفونية ونحاول ان نعمل على توطيد العلاقات عن طريق الرأي العام الفرنسي والمفكرين الفرنسيين لاسيما وان الكثيرين منهم لا يحبذون سياسة ساركوزي الذي طالب بتدريس الهولوكوست «المحرقة» في المدارس الفرنسية. في الختام نوجه الاسئلة التالية للرأي العام السوداني: ما رأيكم في رئيس مجلس ادارة الانتباهة الذي يقول ان البريطانيين في عام 1946م هم الذين أضافوا الجنوب للشمال؟ وينادي بلا انقطاع بفصل الجنوب عن الشمال وهو بهذا يقدم خدمات للذين يعملون لتمزيق السودان وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالامريكية واسرائيل والنرويج وبريطانيا وهو بكل أسف يتحدث باسم الشماليين والشماليون لم ينتخبوه لكي يتحدث باسمهم. ان فصل جنوب السودان عن شماله بكل تأكيد كارثة بمعنى الكلمة وسترتب عليه تداعيات ونتائج محزنة لا يمكن تصورها. بالاضافة لصحيفة الانتباهة هناك صحف تصدر باللغة الانجليزية صحيفة ستزن والخرطوم مونتر هاتان الصحيفتان تكتبان دوماً موضوعات تهدف في تحليلها النهائي تضليل الرأي العام العالمي فصحيفة الستزن تقول في عدد من أعدادها للجنوبيين ان عدم تحقيق التنمية في جنوب البلاد يرجع للشماليين وهذا الشخص في اعتقادي دخل وسائط الاتصال عن طريق النافذة وفي مرة من المرات قدمت للأخ العزيز المقدم الصوارمي المتحدث باسم القوات المسلحة ما كتب في صحيفة ستزن وفي الدول في كافة البلاد لا تسمح بنشر مثل هذه الأخبار.