كان بزوغ فجر ميلاده في العام1979م بمنطقةالكلاكلة القلعة عندما اطل علي أسرته معلناً عن قدوم فارس جديد سيكون له شأن عظيم في المستقبل بإذن الله تعالي اطلقت عليه الاسرة اسم سيف الدين كأنه كان تيمنا ًبسيدنا خالد بن الوليد سيف الله المسلول ليصبح سيفا مقيماً للعدل وسيفاً باتراً للظلم وسيفاً ناصراً للاسلام وسيفاً رافعا لراية الجهاد والاستشهاد وسيفا عادلاً للطريق المعوج، حيث نشأ وترعرع في كنف أسرة عرفت بالعلم والمثابرة والاجتهاد وحب العمل واشتهرت بالكرم والجود والشهامة وتميزت بالشجاعة والبسالة والبطولات. حيث تعود جذورها الي منطقة طابت العقليين بولاية الجزيرة لذلك هو سليل اسرة جمعت مابين التقاليد الاصيلة والقيم الجميلة والمعاني السامية والخصال الحميدة والشجاعة النادرة فكانت المعادلة الطبيعية بأن تخرج للمجتمع ابنا لا كالابناء ورجلا لا كالرجال واسدا لا كالاسود فقد بدأت تظهرعليه علامات النبوغ والتميز وهويافع لم يتجاوزالعاشرة من العمر إبان دراسته للمرحلة الابتدائية بمدرسة الكلاكلة القلعة فقد كان متفوقاًعلي أقرانه ومتميزاً علي أنداده ومميزاً بين أترابه . وبدأت ايضا تظهر عليه صفات القادة ومهارات قيادة الآخرين وتقُدم الصفوف اثناء دراسته للمرحلة الثانوية وهو في بداية مقتبل عمره وفي بواكير مراحل تكوينه الفكرية والايدولوجية عندما كان علماً في العلم والادب والثقافة ونجماً في طلائع الجهاد حتي بات الذين من حوله يشيرون اليه بالبنان وانهم امام شخصية فريدة وسوف يكون لها دور ريادي في مقبل الايام والاعوام. وعندما ولج بوابه الجامعة الاسلامية إستبانت له معالم الطريق واتضحت الرؤية أمامه ،وسط عالم ملئ بالتوجهات السياسية والفكرية، فحدد وجهته شطر القضية الإسلامية ويمم وجهه تجاه مسارح العمليات واصبح يجول ويصول من متحرك الي متحرك في مناطق جنوب السودان وقتذاك كالاسد الضاري حتي استطاع ان يسجل اسمه ورسمه في سجل المجاهدين بجهده الكبير وجهاده الطويل وحب زملائه له ومن هنا لمع نجمه وظهر اسمه يتردد وسط المجاهدين وكبار القادة العسكريين في نهاية العقد الأخير من القرن العشرين وهولم يتجاوز العشرين ربيعاً من عمره لله درك ايها الفتي المقدام . التحق سيف الدين ابوكلام بجهاز الامن والمخابرات الوطني ضمن الدفعة (31) في العام 2005م فكان علامة علي مستوي دفعته وعلما علي مستوي الجهاز بسلوكه الفريد وتفوقه المتفرد وعمله المتجرد ،حيث كان الاول علي مستوي دفعته سلوكاً وعلماً وتفوقاً وحصافةً وجدارةً . حدثني عنه العميدامن محمد عباس اللبيب وهو من الضباط المشهود لهم بالصدق والتجرد والكفاءة القتالية العالية عندما كنا نتجاذب اطراف الحديث ونجتر ذكريات الشهيد سيف الدين حيث قال لي(بأنه تشرف بقيادة سيف الدين عندما كان مجاهداً بجنوب السودان وايضاً بعدما أصبح ضابطاً وقال عنه انه من الشخصيات النادرة التي لن تتكرر ولن يجود الزمن بمثله وكنا نتنبأ له بمستقبل باهر وندخره ليكون ضمن القادة العظام القادمين الذين يعول عليهم كثيراً في المستقبل ولكنه رحل سريعاً تاركاً وراءه تركة مثقلة وامانه ثقلية في البذل والتضحية تنوء الجبال الراسيات عن حملها ) ايضاً حدثني عنه رفيق دربه وصديق عمره ودفعته الرائد امن قذافي السر حيث قال ( ان سيف الدين نموذج فريد وشخصية فذة وانسان نادر يدرك معني الانسانية ويعرف معاني الاخاء ويقدس روح الزمالة وهونموذج يحتذي به في الشجاعة والبسالة ويحتذي به في التضحية والفداء) لذلك كل الذين عاصروه وعاشروه من رؤسائه أو مرؤوسيه يذكورنه بالخير وحسن التعامل وطيب المعشر ودماثة الخلق،وشخصي الضعيف كان لي الشرف ان اكون في صحبته في مواقع عديد من مناطق العمليات لذا لا استطيع ان احصي افعاله الجليلة واعدد مآثره وخصاله الحميدة لانه كان دائماً بتواضعه الوضيع يخجلنا وبأدبه الجم يحرجنا وبعطائه الثر يحرجنا وبعزيمته وارادته القوية يدهشنا وبقيادته الحسنة يجعلنا نتعجب من أمر اسلوبه وتفكيره ونغتفي اثره ولكن ظل علي الدوام يتعب الذي يحلون محله ويأتون من بعده في قيادة الرجال. كنت دائما اتحدث مع زملائي واقول لهم بأن سيف الدين سبق جيله بسنة ضوئية بهمته العالية ونظرته الثاقبة وعقليته الراجحة وتفكيره العميق وشجاعته النادرة وشخصيته الفريدة اسماً وقولاً وعملاً لله درك ياخالد زمانك من اي جيل ومن اي امة انت؟ انه جيل التضحيات والبطولات في زمنٍ كثر فيه المرجفون في المدينة وتخاذل وتقاعس فيه الناس عن سوح الوغي حيث تقدمت انت عزيز النفس مطمئن البال واثق الخطي مرفوع الرأس تتوق نفسك للحاق بالذين سبقوك من شهداء بلادي وتُمني نفسك بالنعيم الدائم والحياة البرزخية بجوار شفيع الامة يوم الموقف العظيم وصحابته الكرام والشهداء والصالحين فكان عروج روحك الطاهرة في صبيحة عيد الفطر المبارك مع ثله طيبة عندما اصطدمت طائرتكم بالجبل في منطقة تلودي حيث فاضت ارواحاكم الطبية الي بارئها بعد ان ختمت شهر رمضان عبادةً وصياماً وقياماً وكأنها علي موعد بأن تصعد روحك الي السماء في لحظات الدعاء والتكبير والتهليل ووقت صلاة العيد ولعلي أحسبها لحظات اجابة واستجابة وكأني أتصور المنظر داخل الطائرة المشؤومة لحظة الاصطدام والارتطام بالجبل ويعلوكم التكبير والتهليل وحسن الخاتمة كأنكم علي جبل أحد وبينكم حمزة اسد الله ومصعب سفيرالاسلام والصحابة الكرام الذين فاضت أروحهم الطاهرة الي الرفيق الأعلي في تلكم المعركة الفاصلة في التاريخ الاسلامي، وأعرفك واعرف صحبك الكرام والثلة المباركة كما قال الشاعر صلاح احمد ابراهيم (أعرفهم الضامرين كالسياط،الناشفين من شقي، اللازمين حدهم الوعرين مرتقي، أعرفهم كأهل بدرٍشدةً ونجدةً وطلعةً وألقاً) هكذا انتم وهكذا كنتم وهكذا رحلتم لله دركم . برحيلك فقدنا الوجه الصبوح والروح المرحة والنفس التواقة للخير والابتسامة الدائمة التي لاتفارق وجهك الوضئ. فقدناك لانك كنت في ريعان شبابك وفي قمة عطائك وفي ذروة نشاطك والبلاد تحتاج لامثالك فى هذا الزمن زمن التحديات الجسام والابتلاءات العظام التي تحيط ببلادنا و استطيع القول بأن سيف الدين فكرة لم تتبلور ومشروع لم يكتمل وحلم لم يتحقق ورؤية لم تتضح وامل لم يبرق وفرح لم يطل وبدر لم يهل وقمر لم يستدر ورسالة لم تبلغ مداها وانسان لم يكتشف بعد وفارس مغوار ترجل عن صهوة جواده وهو مسرج ومسرع قبل نهاية السباق بالرغم من انه كان متقدماً .ولكن يكفي شرفاً وعزاً بأن سُجل اسمك شهيدا، وعزؤنا انك رحلت شهيدا في صبيحة عيد الفطر المبارك في تلودي في يوم 19/8/2012م. التحية لك ايها الاسد الهصور وانت تمضي الي ربك في يقين والتجلة لوالدتك الصابرة التي وهبت فلذة كبدها في سبيل الوطن والدين والتقديرلوالدك الذي علمك كيف تكون معطاء في نصرة المستضعفين الشكر اجزله لاخوانك الذين يسيرون في طريقك بكل عزةً واباءاً الشكر لزوجتك التي تجرعت كأس فراقك صبراً واحتساباً ووفاء ً الجلوس والقيام لغرسك الطيب المبارك (بناتك) اللائي تركت لهن سيرة عطرة وفكرة نضرة والتحية لزملائك ودفعتك ورفاق دربك الأوفياء وتحية خاصة نزجيها عبرك لشهداء بلادي جميعاً لانهم عظماء وسلام علي سيف الدين ابوكلام في الخالدين السلام عليك الي ابد الآبدين ...