قبل 126 عاماً، لقى أحد مواطني بلدي حتفه بصورة مفاجئة على سلالم منزله في الخرطوم. يوم الأربعاء إنضممت إلى والي الخرطوم في إحتفال بمناسبة الذكرى السنوية لهزيمة الجنرال غوردون على يد أنصار المهدي. الملابس الملونة، الألعاب النارية، الآلاف من الناس، الموسيقى، الخطب الحماسية والاستقبال الحار عملوا جميعاً على تحيتي. جلسنا بجانب ما تبقى من تحصينات المهدي والى جانب الهيكل الذي تم تأهيله والذي يعتقد أنه لأحد أقدم البواخر الشراعية في العالم: البوردين. حدثني المساء عن روابط التاريخ والدم بين المملكة المتحدة والسودان ، ولكن أيضاً عن الحداثة. قد نكون الخصمين القديمين والأصدقاء القدامى ولكن لسنا أسرى الماضي : في يناير 2011 نقف معاً دون ضغينة نتأمل فصلاً جديداً في تاريخ السودان. لقد قمت بذلك مساء يوم الخميس في حديقة منزلي مع مجموعة متنوعة من السودانيين : أطباء، مسؤولين من وزارتي العدل والداخلية ، مديرين تنفيذيين مهندسين، محامين، سياسيين و موظفين في المنظمات غير الحكومية. ثلاثة أشياء تجمع بينهم : المستوى الفكري، الحب العميق للسودان والخبرات المشتركة كونهم درسوا سوياً في المملكة المتحدة عن طريق منحة شيفننغ.كنت أريد أن أستمع لآمالهم ومخاوفهم ، وليس أقلها ما نتابعه من أحداث في تونس ومصر. في هدوء المساء المضمخ بعبق الياسمين والذي لم يفسده إلا البعوض ، إندهشت من مواهبهم وحماسهم وقبل كل شئ تنوعهم. ليسوا بعرب خالصين وليسوا بأفارقة.السودان مختلف وليس لدي شك إن شعبه سيرتفع إلى مستوى التحديات بطريقة سودانية فريدة. في الليلة السابقة و في حديقة أخرى بالخرطوم، كان معظم الحديث عن إستفتاء الجنوب في مأدبة عشاء أقامها دبلوماسي سوداني بارز متقاعد. بدأ الإعلان عن النتائج بينما النتائج النهائية قد لا تعلن حتى وقت لاحق في فبراير. لكن الجميع يعلم أن الجنوب قد صوت بأغلبية ساحقة لصالح الإنفصال. ماذا بعد؟ هذا هو سؤال اليوم. بالنسبة لنا وكذلك للشركاء الدوليين، قائمة الأشياء التي ينبغي عملها أصبحت أطول ونحن نعالج جميع الآثار المترتبة على إستقبال أفريقيا للدولة رقم 54، بالنسبة للسودانيين هناك بالكاد وقت لتقديم قائمة. الانتهاء من المفاوضات بشأن قضايا ما بعد الاستفتاء ومعالجة عدد لا يحصى من العواقب مهام تحتاج للعمل بدوام كامل. قمة الإتحاد الإفريقي التي ستلتئم في أديس أبابا الأيام القادمة ستقدم، وأنا واثق من ذلك، الدعم والتشجيع كما أن بقية العالم من المرجح أن يمضي في نفس الإتجاه. وزير شؤون التنمية الدولية في المملكة المتحدة ، أندرو ميتشل ، موجود هناك. إنه يعرف السودان جيداً وسيقوم بعرض دعمنا المستمر لشمال وجنوب السودان وحث الطرفين على العمل معاً بنفس الروح التي ميزت فترة الاستفتاء: روح مسؤولة ، مفتحة القلب ، مدركة للماضي ولكن تركز على المستقبل سفير صاحبة الجلالة بالسودان٭