الوصول من أمدرمان الي وسط الخرطوم في ساعة الذروة يستغرق نصف ساعة. في هذا الأسبوع فعل الناس ذلك في نصف تلك المدة. الخرطوم ليست فقط هادئة وانما بشكل استثنائي. فرق المتطوعين من السفارة تخرج يومياً لمراقبة عملية الاقتراع الخاصة بالاستفتاء. يبدو أن الأمور تمضي بشكل جيد في الشمال والجنوب. أود أن أذهب الي جوبا قبل انتهاء التصويت لكن رئيس مكتبنا في جوبا عمر داير قد كتب بشكل باهر عن حالة الاثارة في جوبا. هنا في الخرطوم لم يحدث ما يعكر السلام. ان تنظيم عملية الاقتراع يعد مفخرة لمفوضية الاستفتاء وكذلك للناس الذين يقومون بالتصويت، الرئيس عمر البشير و النائب الأول سلفاكير ميارديت أيضاً يستحقان الثناء على روح القيادة السياسية التي أفضت الي عملية اقتراع سلمية. كنت أتمنى أن أقول نفس الشئ عن أبيي. للأسف، عشرات الأشخاص لقوا حتفهم في القتال الذى جرى هناك. وزير خارجيتنا وليم هيج ووزير شئون التنمية الدولية أندرو ميتشل أدانا العنف وحثا على ضبط النفس، كما دعيا الي استئناف المفاوضات على نحو عاجل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني لبحث وضع منطقة أبيي في المستقبل وكذلك القضايا العالقة في اتفاق السلام الشامل. لم يمض يوم دون أن يتحدث فيه وزراؤنا عبر الهاتف لكل الأطراف المؤثرة. رسالتنا واضحة جداً: قضية أبيي يجب أن تحل بشكل سلمي بدون اتخاذ خطوات فردية بواسطة أي طرف ولكن ينبغي ألا تترك لتقوض اتفاق السلام الشامل بأسره.ملايين الناس يدلون بأصواتهم بطريقة سلمية ومسؤولة في كافة أنحاء البلاد وهذه هي الصورة التي يجب أن يعكسها السودان للعالم. والعالم يراقب. الصحف، التلفزيون، الاذاعة و الانترنت تشبعت بالأخبار عن السودان في الأسبوع الماضي. أنا مندهش للتغطية الخبرية من حيث الكم والكيف. انه موضوع معقد يتم تناوله بشكل مبسط في بعض الأحيان. ولكن عموماً، وسائل الاعلام السوداني والدولي تقوم بعمل كبير. في حزن وبعيداً عن الكاميرات، لا تزال الأشياء السيئة تحدث. في جنوب كردفان، الجنوبيون العائدون من الشمال تم فيما يبدو اعتراضهم ونهبهم والبعض قتل أو أصيب بجراح. قلوبنا معهم ومع أحبائهم. في السودان، المسافرون عادةً يتم استقبالهم بكرم الضيافة وليس بالرصاص. نحو 160 ألفا من الجنوبيين غادروا نحو الجنوب في خلال الأربعة أشهر الماضية. لحسن الحظ، الهجوم الذي تم هذا الأسبوع ليس شيئاً معتاداً. الأمر المهم الآن هو ضمان أن يكون برنامج العودة منظماً بشكل جيد من البداية وحتى النهاية حتى يتمكن الناس من السفر بأمان و يبدأوا حياة جديدة حالما يصلوا الي جنوب السودان. الأممالمتحدة والسلطات السودانية في الجنوب والشمال يعملون معاً من أجل تحقيق ذلك كما أن المملكة المتحدة قد تعهدت بتقديم الدعم للطوارئ الانسانية. شكراً لكل الذين علقوا على مدونتي الأخيرة. أنا آسف لأن بعض الأسباب التقنية حالت دون تلقي التعليقات حول المدونات السابقة. الآن تم حل هذه المشكلة و أنا أتطلع لقراءة أي آراء أو ردود أفعال. * سفير صاحبة الجلالة بالسودان*