النادي الدولي «الأمريكي سابقاً»، أحد النماذج التي ظلت في قبضة الكنيسة منذ سبعينيات القرن الماضي، وبعد أن بدأت بوادر الانفصال تلوح في الأفق في نهايات العام الماضي، كشف مجلس الوزراء عن ملكيته للأرض التي تقف فوقها منشآت النادي، ليرتفع حاجب الدهشة ولتقفز التساؤلات أين كان مجلس الوزراء عندما كان الايجار يدفع للكنيسة لأكثر من «40» عاماً؟ وهل يعني ذلك أن الكنيسة كانت تأخذ حقاً ليس لها؟ ولماذا ترك مجلس الوزراء الحبل على الغارب للكنيسة؟ ألم يكن بوسعه إثبات ملكيته للنادي في ظل وجودها؟ والآن بعد اصبح اعضاء النادي يتعاملون مع مجلس الوزراء على أنه المالك للأرض، وبعد أن اداروا ظهرهم لأربعة عقود كانوا يتعاملون فيها مع الكنيسة، إلا أنهم لم يفلحوا في الوصول الى رؤية واضحة مع الجهات المختصة التي مازالت تمارس الصمت بعد الوعود التي قدمتها لحل المشكلة. والنادي الأمريكي «سابقاً» الذي يقع في الجانب الملاصق لمدرسة القديس بولس بالخرطوم شرق، تم تغيير اسمه الى «النادي الدولي» بعد قصف الولاياتالمتحدةالامريكية لمصنع الشفاء في عام 1998م. وخلال الأشهر المنصرمة نشبت خلافات اتسمت بالحدة بين ادارتي النادي الدولي «الامريكي سابقاً» والعقارات الحكومية بمجلس الوزراء حول ملكية الأرض وتبعيتها للكنيسة أو مجلس الوزراء، مما أدى الى اخلاء المبنى بواسطة السلطات، بعد أن كشفت الأخيرة عن ملكيتها للأرض التي ظلت الكنيسة الكاثوليكية تحصل على أجرتها الشهرية منذ عام 1972م، دون يعلن مجلس الوزراء ملكيته للأرض، وظل صامتاً عما يدور في تلك الاروقة المتجاورة، مكتفياً بمراقبة ما يحدث. وتعود تفاصيل الأزمة حسب مصدر بمجلس ادارة النادي الدولي تحدثت ل «الصحافة»، إلى الأسبوع الاخير للعام المنتهي، بعد أن تسلمت الادارة خطاب انذار بإخلاء النادي ، الذي تم اخلاؤه بالقوة الجبرية ونزع لافتته. واضاف المصدر انهم طالبوا بمنحهم فرصة لتوفيق اوضاعهم إلا أنهم قوبلوا بالرفض من قبل مجلس الوزراء، وزاد قائلاً إنهم عرضوا عليهم دفع الايجار الذي يطلبونه، لافتاً الى أن كل المساعي التي بذلت من جانبهم للجلوس مع مجلس الوزراء واستجلاء الأمر لم تفلح إلا بعد تدخل الأجاويد. وقال المصدر إنهم استفسروا المجلس عن اموالهم التي كانت تدفع للكنيسة طوال الاعوام الاربعين الماضية لكن رد المجلس بأن الأمر لا يعنيه، واضاف ان المشكلة تخص ادارة النادي. وحصلت «الصحافة» على ثمانية خطابات بتواريخ متقاربة، تكشف تفاصيل الأزمة التي فجرها خطاب مروس من الإدارة العامة للعقارات الحكومية بتاريخ 21 ديسمبر 2010م، يطالب ادارة النادي بتوفيق اوضاعها الايجارية، وتلاه إنذار من قبل وزارة العمل معنون الى شرطة الخرطوم شمال بغرض الإخلاء الذي تم في 6 يناير 2011م. واستلمت ادراة النادي خطاباً بالرقم «66» من مفوضية العمل الطوعي يفيد بحل مجلس الادارة وتشكيل لجنة تسيير من الاعضاء القدامى، واضافة آخرين من قبل المفوضية في منصب الرئيس والمقرر، بجانب عضوية آخر. وشرح الخطاب الاسباب التي حصرها في العجز المالي وتقدم عضوين باستقالتيهما. وفي خطاب آخر يكشف تفاصيل اجتماع ادارة النادي ووزير الدولة بمجلس الوزراء محمد المختار بتاريخ 19/ يناير من العام الجاري، جاء فيه أن ادارة النادي طالبت بإعطائها مهلة «5» سنوات، وعرضت قيمة ايجار شهري قدره «10» آلاف جنيه بزيادة « 7» آلاف عن الايجار السابق. وتقول الوثيقة إن الوزير طلب التفكير في الأمر والرد على الادارة، الا ان الوزير لم يرد الى الآن بحسب ما قاله نائب رئيس لجنة التسيير بالنادي الدولي كمال أبو العز الذي تحدث ل «الصحافة» عن تفاصيل ما دار من تعقيدات حول ملكية الأرض التي نتج عنها تشرد منسوبي النادي الدولي. وذكر لنا ذات التفاصيل التي سردناها أعلاه، مضيفاً عليها انهم تفاجأوا في اول اجتماع للجنة بتاريخ 22/1/2011م بقرار مجلس الوزراء الذي طلب فيه من لجنة التسيير إخلاء المكان مع اعطائهم مهلة لشهر، وبعد ذلك حاولوا الوصول الى مجلس الوزراء لمعالجة الموقف، ولكنهم لم يتمكنوا من مقابلة الوزير محمد المختار إلا بعد وساطات «أجاويد». ودار حديث بينه ولجنة تسيير النادي حول الحلول الممكنة، وطلب منهم تقديم عرض جديد للايجار، وقدموا له عرضهم الذي وصل الى عشرة آلاف جنيه، ووعدهم بالبت فيه، ومازالوا في انتظار الرد، على الرغم من أنهم استعجلوه لأكثر من مرة للفصل في الامر، فهل سيوافق المجلس على العرض المغري أم أن الحرة تجوع ولا تأكل ب .....؟ وفي أثناء حديثهم ذكروا بحسب كمال ابو العز، أنه طلب منهم دفع ايجار الاربعين سنة الماضية، فهل يحاسب النادي الدولي على تساهل السلطات في ممتلكاتها؟ ومن يحاسب الكنيسة على ما أخذته طوال السنين الماضية؟ وخلال مناقشتهم للمشكلة في اجتماعهم مع الوزير، ذكر لنا أبو العز أن الاخير لم يتطرق للجدل بينهم والكنيسة حول ملكية الأرض، وقال إنهم عندما استأجروا الأرض كانت خاوية على عروشها، وأنشأوا عليها ممتلكات النادي التي كلفتهم حوالي «5» ملايين جنيه سوداني، وقوامها حوضان للسباحة وصالات للمناسبات، بجانب ملاعب التنس والأسكوت وملعب للأطفال وعدد من المصاطب والحدائق. فيما شكت عضو النادي الدولي نجلاء النحاس من حالة التشرد التي بات يعيشها أبناؤها في الوقت الحالي، بعد إغلاق النادي ودخول إجازة الصيف. وقالت إنها مشتركة في النادي لعشرة أعوام، ولم تنقطع هي وأسرتها عن ممارسة النشاطات الثقافية والاجتماعية في النادي، ووصفت أوضاع باقي الأسر بأنها تعيش في قلق تام، بعد أن توقفت النشاطات وأصبح الأبناء في المنازل يلازمهم الملل أو في الشوارع. وفي السنين السابقة كانوا يقضون جل وقتهم في النادي الذي يضبط حركتهم وتصرفاتهم. وقالت إنها تتحدث باسم الأسر المشتركة في النادي. واختتمت نجلاء النحاس حديثها ل «الصحافة» بمناشدة للجهات المسؤولة بعدم تشريد مثل هذه المؤسسات التي تساعد على تطوير المجتمع. وتشير «الصحافة» إلى أنها حاولت الاتصال بوزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء، إلا أنه لم يستجب على الرغم من أننا أخبرناه بهويتنا على هاتفه الجوال. وكنا نريد منه أن يجيب على تساؤلات نقلت على لساننا إلا أنها بقيت دون إجابة. فهل قبل مجلس الوزراء بقيمة «10» آلاف جنيه لايجار العقار؟ وهل من ضمن سياسات مجلس الوزراء أن يتحول إلى مؤجر للعقارات الحكومية؟ وما هي العقارات الحكومية التي مازالت في حوزة آخرين من بينهم الكنيسة الكاثوليكية؟ وماذا سيفعل مجلس الوزراء بصددهم؟ وما هو مصير النادي الدولي مستقبلاً؟ وهل سيُعاد افتتاحه أم أنه سيؤول الى إحدى الوزارات المتخصصة؟ أم أن مجلس الوزراء سيصبح مالكاً لنادٍ به حمامات سباحة، في وقت لا يجد فيه أطفال المدارس بالولاية دورات مياه، وفقاً لتقارير لجنة التعليم والصحة بتشريعي الخرطوم.