راودتني أفكار كثيرة، في ما سينتابني عند فقدي لأحبتي من الأهل أو الأصدقاء، وكيف لي أن أتعايش مع الألم، أو أعيشه.. وهل هذا في مقدوري؟ لكنّ هذا لم يراودني يوماً في معايشة هذا العملاق بعد رحيله، الذي توقعه الكثيرون عداي، ولم أعتقد يوماً، أن الدمع سيكون أكبر من العين، والحزن أكبر من القلب المحزون «خلقة» والذي كانت «همسة» وردي تمنحه الدفء والأمان، وكأنه يغني لي «لو بإيدي.. كنت ذللت المحال» فتهدأ دواخلي، ويضئ قنديلاً بقلبي فتورق وردة الحب في ذاتي، وتتفتق زهور الأقاحي، ويضاحكني الغمام، ويحلق بي الصوت الشجي، إلى عوالم لا أدرك منتهاها، لكنها بلاد مليئة ببنات النخيل كعذراوات تعطرهن المحاسن، وكعروس تشع منها رائحة البخور، وأهازيج الحب على ضفافها تسلبك الهموم والشجن مثل «عصافير الخريف»، تطوف فوقي كأنها ستة حروف: ص . و.ا. ر.د.ة. وكنت عندما لا تدور الأرض من حولي لألتقي «أعز الناس» الذي هاجر بعيداً، وجعل طيوري ينضب هديلها، ويخف غديرها، كان وردي يرسل له «الطير المهاجر» ليرجعه «سليم الذوق» وعلى وجهه لهفة محب، وعلى ثغره عناقيد عشق، وكأنه جنة الفردوس قد هبطت ضحى يوم مطير. عشنا حياتنا على أنغامك و«حبيناك من قلوبنا» يا «نور العين، وهداها واليوم» «شن بنقول؟» يا «أعز الناس» اليوم ترحل وتسوق خطاك بعيداً من أناس «اشتروا الألفة» وترحل؟ بعد أن بنى إنسانك إنساناً في الدواخل «تلهب ثوريتو» فنحن «مساجينك» مساجين «الود» «ومرحباً يا شوق» «والحزن القديم».. أين هي الحروف التي ترثي، وهي تخرج في استحياء «نناديها» فتفر وترسل «المرسال» فلا تستجيب.؟ماذا نقول فقد خبا السنا، وأدار عن الأنظار الدرر واللآلئ، واحترق الفَرَاش، ونزفت الأمتار، وهطل الوجع ، وبات العزف نشازاً، وانعدم الوزن والقافية والوقت، وتكسرت مظلة الأيتام .. لم تمت أنت فنحن الموتى! يا راحلاً سكنت في وجه الشمس سكنت بك الدنيا والحب والأسى حفلت بك الأيام عن أمر باريها تتقلد الأمواج ويطاع الحدْس ها قد بنيت لنا صروحاً على التاريخ يحلو بها الترنيم ويعلو بها الجرْس نعم في رحاب الله من حوض تسنيم يدنو لك الكأسْ / إعلامية / الرياض