تؤكد كل المؤشرات ان الحكومة السودانية نفسها تبحث عن حلول للأزمة فى جنوب كردفان، ولكنها لازالت كذلك تبحث عن أكثر الحلول قبولا وأقلها تكلفة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، فما أكده أحمد هارون والي جنوب كردفان لدى مخاطبته أهالى المجلد بان اعادة ولاية غرب كردفان أمر محسوم ولا تؤخره سوى بعض المشاورات الداخلية الا واحد من سيناريوهات داخلية وخارجية متعددة لتقسيم ولاية جنوب كردفان . الاتفاق الاطارى الأمير /عبد الرحمن كمبال أحد قيادات جنوب كردفان بالمركز يعتبر ان عودة ولاية غرب كردفان حق شرعي لأهلها ، الا ان كمبال ينتقد بشدة التصعيد العسكرى من قبل الحكومة والحركة، وقال انه عقد مشكلة جنوب كردفان بدخول حركات دارفور وبعض أحزاب المعارضة حلبة الصراع فى المنطقة تحت مسمى تحالف الجبهة الثورية ، وقال انها قادت لاطالة أمد الحرب، ويرى كمبال ان الحل السياسى هو الأفضل لحل الأزمة فى جنوب كردفان، الا ان الأصوات قد علت منددة بالاتفاق الاطارى والذى وقعته الحكومة مع الحركة العام الماضى فى أديس أبابا ، ولكن لماذا الآن؟ وهل يمكن ان يكون الاتفاق نفسه مقبولا لدى الأطراف الموقعة عليه، ودافع الأمير كمبال بشدة عن الاتفاق الاطارى السابق ، وقال انه كان مقبولا لدى الطرفين فى مرحلة ما ، ويراه مناسبا ان يكون مدخلا اطاريا لتفاوض جديد ، الا ان كمبال تحفظ على فكرة تقسيم الولاية مرجحا ان تكون الاولوية للسلام ومن ثم حل المشكلة الانسانية ، ولكنه عاد وقال ان كان التقسيم يحل مشكلة الولاية نهائيا فلا بأس به. غرب كردفان لنتعرف على ماهية هذه المشاورات الداخلية التى عناها هارون وقال انها تؤخر عودة ولاية غرب كردفان ، يحدثنا العمدة / حسن شايب الخبير فى نظام الادارة الأهلية عن ان هذه المشاورات تشمل فى الأساس دار حمر وهم يمثلون «ثلثى» ولاية غرب كردفان السابقة ، والجبال السبعة والتى تشمل «تلشى ،تيما ،كمده،طبق، أبوجنوك ،الكاشا ،الشفر» وهم من النوبة والتى ضمها المستر/ربستون المفتش الانجليزى الى المسيرية بلقاوة فى العام 1950 والتى عرفت بجبال المخاواة الشمالية وقد منحتهم اتفاقية سويسرا 1992 حق الانضمام لجبال النوبة او البقاء تحت «الادارة الأهلية للمسيرية» ، بالاضافة الى جبال الداجو بلقاوة وتشمل «الدار الكبيرة،نكرى،سليجيي ،ورينا» ، حيث تربطهم أحلاف تاريخية قديمة مع المسيرية ،الا ان الخبير شايب وضع «أربعة» سيناريوهات لولاية غرب كردفان بشكلها الجديد ، اولها المشاورات مع قبائل حمر ،الا ان الأخيرة قد طالبت الدولة ولأكثر من مرة وفى عدة مواقع بان تكون لهم ولاية جديدة لمحليات «النهود ،غبيش ،ود بندة،أبو زبد،الخوى والأضية التى أصبحت محلية الآن» وان تكون عاصمتها النهود ، كما ترفض بشدة تقسيم محليات حمر بين ولايتي «شمال كردفان وعاصمتها الأبيض» و«غرب كردفان وعاصمتها الفولة». الجبال السبعة الخبير شايب يضع مقترحا ثانيا لولاية غرب كردفان بشكلها الجديد فى حالة فشل الاتفاق مع «قبائل حمر» ،يقول ان المناطق المعروفة ب«الريف الغربى لكادقلى » فى كل من «كرنقو ،أبوسنون، شات، كرسى،ميرى جوة ،كانقا،كوفا ،ليما،ماسنق ،الأخوال ،المشايش» وهم من النوبة وتربطهم أحلاف تاريخية وعلاقات أزلية مع المسيرية فى بحيرة كيلك ويمكن التحاور معها لان تصبح جزءا من ولاية غرب كردفان بشكلها الجديد ،لتكوين نسيج اثنى واجتماعى ويمكن لهم كذلك المساهمة فى اقناع «الجبال السبعة » لتقوية النسيج والترابط الاجتماعى ، أما المقترح الثالث يقول شايب يمكن اجراء حوار عميق وقوى مع المعاليا بعديلة حيث تحتفظ التبون التى تتبع لدار المسيرية بعلاقات حميمية مابين المعاليا بها وبعديلة ويمكن فى حالة موافقتهم ان يصبحو اضافة حقيقية للنسيج الاجتماعى بالمنطقة، وفي مقترحه الرابع يقول انه فى حالة فشل «الثلاثة» مقترحات يمكن للحكومة ان تدرس مقومات قيام ولاية غرب كردفان «دار المسيرية » قياسا على ما هو قائم من ولايات ،من حيث الرقعة الجغرافية ويعتقد بانها جيدة والموارد الاقتصادية ويؤكد الخبير بان المنطقة بها موارد اقتصادية ممتازة بل تعتبر موردا اقتصاديا فى الثروة الحيوانية والبترولية لمستقبل دولة السودان ومن حيث الكثافة السكانية ويعتقد الخبير انها أفضل من بعض الولاية سيما الولاية الشمالية . فات الاوان الا ان المتتبع لمجريات الأحداث يجد ان الاوضاع الانسانية والأمنية فى جنوب كردفان والنيل الأزرق قد تعقدت ومضت على غير ما تشتهيه الحكومة السودانية ،والتى أصبحت مواجهة بضغوط خارجية وأخرى داخلية تطالبها بتعجيل انهاء الأزمة فى المنطقتين ، فيما تنوعت المذكرات وتعددت المبادرات وتباينت مقترحات الحلول ، فى ذات الوقت الذى يزافع فيه وفد حكومي رفيع عن ملف حقوق الانسان فى السودان بجنيف ، بينما يعد المجتمع الدولى لعدة سيناريوهات سياسية تحت نار هادئة ، وقد بدأت بحملة اعلامية شعواء لادانة السودان تحت سقف انتهاكات حقوق الانسان ،الابادة الجماعية والاغتصاب ، ومايدور فى أديس أبابا الا واحد من هذه السيناريوهات الدولية فقد لوح المبعوث الأمريكى ليمان بذات الاتفاق الاطارى كاطار لحل الأزمة فى المنطقتين ،الا انه اصطدم برد وفد الحركة «عقار ،الحلو ،عرمان» من ان الاتفاق الاطارى قد تجاوزه الزمن ،مؤكدين ان الحركة الآن متمسكة بالمؤتمر القومى الدستورى لحل مشكلة السودان بمشاركة كافة القوى السياسية السودانية ، كما أعلنت التزامها وتمسكها بمظلة تحالف الجبهة الثورية، ولكن هل يمكن ان تعود أمريكا لطرح ذات مقترحها السرى السابق لتقسيم جنوب كردفان لولايتين احداهما للعرب والأخرى للنوبة ؟ الخبير فى الاقتصاد والتنمية الريفية والتخطيط الاستراتيجى والأستاذ بكلية تنمية المجتمع فى جامعة الدلنج ورئيس مفوضية المشورة الشعبية بالمجلس التشريعى لجنوب كردفان / آدم جاروط خميس شن هجوما عنيفا على المقترح الامريكى وقال انه غير مناسب وغير مقبول بين مكونات الولاية لانه يفرق بين هذه الاثنيات ويكرس لعنصرية بغيضة ، وزاد جاروط ان المقترح الأمريكى نفسه يعقد مشكلة الولاية بصورة أكبر ولن يحلها اطلاقا ، عازيا الامر لطبيعة تركيبة انسان جنوب كردفان المتداخلة اجتماعيا ، مطالبا المجتمع الدولى سيما الأمريكى استصحاب مكونات الولاية المختلفة فى أطر الحل دون النظرة الآحادية ، الا ان جاروط أشاد بالتقسيم الانجليزى لجنوب كردفان وقال انه الاوفر حظا من حيث الجغرافية السياسية والتى تعنى ربط البعد الجهوي و الجغرافي بالبعد الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و الآيديولوجي ، ويتمثل ذلك فى القطاع الغربى ، الشرقى والاوسط ،موضحا ان كل قطاع جغرافى يتميز بعلاقات اثنية متناسقة وتلاقح اجتماعى وفكرى ونظام ادارى قوى. مجلس كنفدرالى ومن جانبه يدفع جاروط ب«أربعة» سناريوهات لتقسيم ولاية جنوب كردفان على ذات النهج الانجليزى فى اطار النظام اللامركزى ويراه مناسبا لان يتخذ شرعيته ضمن تطبيقات المشورة الشعبية من خلال الشكل الدستورى والاقتصادى والادارى فى الاتجاه الأفقى للولاية ، ويتمثل المقترح الاول الابقاء على الولاية بشكلها الحالى كما هى عليه فى اطار الحكم اللا مركزى ،أما الثانى اعادة النظر فى الوضع الادارى للولاية باضافة محليات جديدة فى اطار اللامركزية كذلك ،أما الثالث والرابع تقسيم الولاية لثلاث ان أربع ولايات «كنفدرالية» على نهج تقسيم دارفور يربطها «مجلس كنفدرالي » فى حالة الثلاث ولايات يصبح كل قطاع ولاية الشرقى ،الاوسط والغربى ،أما فى حالة التقسيم الرابع على ان يظل الشرقى ولاية والغربى ولاية ،أما الانسط تصبح فيه كادقلى بحدودها القديمة والتى تشمل محليات كادقلى ،هيبان ،أم دورين ،البرام والريف الشرقى ولاية ثالثة ،ومحليات الدلنج ،دلامى ،هبيلة والقوز ولاية رابعة يربطها مجلس كنفدرالي كما ذكر آنفا الثالث ، ودافع جاروط بشدة عن مقترحه وقال انه يحل مشكلة مطالبات القطاع الشرقى مع التعقيدات التى قد تصاحبه فى حالة الانفصال جراء تركيبته الاثنية ،وكذلك القطاع الغربى لما تواجهه من مشكلة تبعية الجبال الغربية والجبال السبعة والداجو بلقاوة والتى بموجبها تذويب ولاية غرب كردفان لعدم امكانية تحديد تبعيتها لجهة دون الأخرى ،وكذلك يرضى تطلعات أهل القوز.