للسودانيين بالخارج العديد من المفارقات والطرائف التي تستحق الوقوف عندها خاصة في وجود الاطفال، والسيدة دار النعيم احمد محمد زوجة سفير السودان بهولندا من اولئك السيدات اللائي اضطرتهن ظروف عمل الزوج بالخارج للتنقل بين العديد من الدول والمدن، خاصة ان السيدة دار النعيم القادمة من منطقة مرابيع ود اللبيح بالنيل الابيض كان عليها التنقل من الخرطوم الي نيويورك ومن اقصي جنوب الكرة الارضية في يوغندا جنوب افريقيا الى اقاصي الدنيا في بحر الشمال، حيث يعمل زوجها الان في لاهاي، وخلال ايام ملتقى الاستثمار السوداني الهولندي كان منزل السفير بالحي الدبلوماسي مثل خلية النحل، فقد اقيم في المنزل اكثر من حفل استقبال وحفل غداء وحفل آخر لمراسم التوقيع على مجلس رجال الاعمال السوداني الهولندي، وطيلة تلك الايام كانت السيدة دار النعيم شأن زوجها تعمل جاهدة في اكرام الضيوف.. السيدة دارالنعيم تحكي لقراء «الصحافة» بعض تجربتها. ٭............؟ انا دار النعيم احمد محمد حرم السفير سراج الدين حامد. وهو للعلم ابن خالتي.. نشأت وترعرعت بمرابيع ود اللبيح ريفي كوستي وانا ام لسبعة اطفال. ٭............؟ اولي المحطات الخارجية في حياتي كانت بالرياض في عام 1983م، واستمرت حتي عام 1989م، وكان زوجي خلال تلك الفترة يعمل مستشاراً قانونياً بمكتب صلاح الحجيلان، وهو مكتب محاماة شهير بالعاصمة السعودية، وخلال تلك الفترة رزقنا بثلاثة من البنين وبنت واحدة، وكنت متفرغة لتربية ابنائي، وكانت ساعات وجود الزوج بالمنزل كافية للمساعدة في اعمال التربية. ٭............؟ بعد العودة وانضمام زوجي للسلك الدبلوماسي لم تواجهني اية متاعب تربوية، ثم بلغ الصغار سن المدرسة لتبدأ حالة من القلق، سيما ان عمل الزوج يتطلب التنقل بين عدد من المحطات والدول الاجنبية تتباين ثقافات شعوبها عن تلك التي نشأ عليها الصغار. ٭............؟ كانت نيويورك اولى المحطات، فقد التحق زوجي بالبعثة الدبلوماسية سكرتيراً أولاً، وقد ادى تباين الثقافات لتزايد حالة القلق. واذكر في احدى المرات اننا مررنا بالقرب من الشاطئ في نيويورك.. وكان الجو مشمساً مما يعني ان معظم الموجودين قد تحرروا من الملابس الا القليل منها، وكان معنا ابني الصغير وكان عمره ثلاث سنوات، فالتفت نحو الشاطئ وعاد ليقول لي «يا ما ما شوفي الناس المساكين ديل ما عندهم ملابس اديهم توبك ده عشان يتغطوا»، وقررت من يومها عدم الخروج بالاطفال في الايام المشمسة. ٭............؟ في احدي المرات خرج الاطفال مع والدهم لزيارة تمثال الحرية في نيويورك.. وترك السفير الاطفال لقطع التذاكر ليجد ابني الصغير المغيرة الفرصة سانحة فابتعد عن اخوته واختفي تماما ليعاني الاب طيلة ساعتين قبل أن يجد الصغير. والغريب ان السفير ابلغني بخبر اختفاء الصغير بعد العثور عليه وبرغم ذلك عانيت كثيراً، فقررت عدم السماح بخرج الصغار الا في معيتي. ٭............؟ من الحالات المزعجة التي مررت بها خارج السودان، ان الفحوصات الطبية اكدت اصابة ابنتي ايناس التي جاءت في اعقاب ثلاثة من البنين بثقب في القلب، فأجريت لها عملية قلب مفتوح في المستشفى التعليمي بنيويورك، وعانينا كثيراً قبل خروجها معافاة، وكانت نهاية تلك الازمة اجمل ايام العمر. ٭............؟ من النقلات الكبيرة جداً العودة من امريكا للابيض مباشرة مع الفارق الذي لمسه الصغار الذين سعدوا بالعودة وما ترتب عليها من تخفيف لحالة الرقابة اللصيقة جدا في امريكا. ٭............؟ بعد العودة من امريكا انتدب السفير للمجلس الوطني رئيساً للجنة حقوق الانسان، ثم كان الانتقال الي جنوب افريقيا التي عرفت بحالات الانفلات الامني، فقررت عدم المخاطرة بابنائي، غير انني ذهبت بهم في العطلة الصيفية، وخلال وجودنا تواترت الانباء عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين السودان واوغندا، ورشح السفير سراج الدين حامد سفيرا معتمدا بكمبالا ٭............؟ في كمبالا كان السفير يقيم في أحد أرقى أحياء المدينة، وكنا نزور المدينة خلال العطلات المدرسية، وبعد خمس سنوات تم نقل السفير الى موسكو ولحقنا به بعد مضي عام، وقضى الصغار الاجازة في مدينة بسان بطرسبيرج، وقبل أن نعود في الاجازة التالية انتقل السفير الي محطة لاهاي. ٭............؟ لاهاي مدينة جميلة وتوجد بها جالية سودانية كبيرة، ولها من المناشط الاجتماعية الكثير، كما توجد بها العديد من منظمات المجتمع المدني العربي والدبلوماسي. ٭............؟ ترك الأبناء بالوطن أبرز حالات المعاناة التي نواجهها.