«توجس، خوف، شكوك وهواجس» بدأت همسا سرعان ما إرتفعت الى أصوات عالية تقدح فى ملتقى كادقلى التشاورى حول قضايا السلام قبل أن تبدأ مداولاته، الى ان تم تمديد موعد الملتقى من (23 - 26) سبتمبر ثم إلى (6 - 8) أكتوبر بطلب من أبناء جنوب كردفان بالخارج ثم لحقه تعديل آخر ليعقد فى الفترة (8 - 10) إكتوبر المقبل انتظار لم يتوقع أن يتداوله البرلمان من مناقشات وتصديقات على «إتفاقية التعاون المشترك بين السودان ودولة جنوب السودان « والتى تعتبر ذات إرتباط وثيق بالحرب فى جنوب كردفان . القائمون على أمر الملتقى يقولون ل»الصحافة» نحن ندرك تلك التباينات كما ندرك حجم المشكلة وإلا لما كان الملتقى نفسه! وتقول اللجنة إن «العبرة فى الخواتيم « وان التحدى الأكبر أمامها كيفية إيجاد أكبر قدر من التوافق بين الفرقاء فيما إعتبر مراقبون «إتفاق التعاون المشترك بين الدولتين» قد جاء فى «طبق من ذهب» يكلل بنجاح ملتقى كادقلى، بينما مختصون فى الشأن إعتبروا الحركة النشطة للجنة وللآلية الشبابية بالخرطوم وإستجابة مجلس سلاطين جبال النوبة التى جاءت بعد تردد متأخرة كان ذلك بمثابة «آخر حجر» أراد به أعداء السلام إفشال الملتقى،بينما الرسالة قد جاءت باكرا وقوية من رئيس اللجنة يوسف بشير يحذر فيها من إفشال الملتقى وأن كارثة حقيقية ستحل فى حالة الفشل وقال بالحرف (إن لم توقف الحرب فى جنوب كردفان فإن الشر سيستمر وتصبح جنوبا ثانيا). المتتبع لمسيرة الولاية سلما وحربا يجدها قد عاشت فترة شراكة سياسية فاعلة كانت مكان إشادة من قبل الجميع كما كانت كذلك مكان دراسة وتقييم، فقد حققت تلكم الفترة جملة من المشروعات التنموية والخدمية غير المسبوقة، يقول يوسف بشير وزير التربية بالولاية من (الإتحادى الديمقراطى الأصل) - رئيس اللجنة التحضيرية أن تلكم الفترة أسهمت فى الإستقرار والتواصل المجتمعى وقد توفرت لها كافة مقومات الشفافية والنزاهة والحرية ،إلا أن الحرب التى إندلعت بالولاية قضت على عشم مواطن جنوب كردفان فى الإستقرار والحياة الكريمة ،فيما يصف آثارها اللواء ركن معاش إبراهيم نايل إيدام عضو مجلس قيادة الإنقاذ بأنها أهلكت النسل والحرث والضرع ودمرت كافة مقومات وبنيات الولاية التنموية والخدمية، وفرقت أهل جنوب كردفان مابين مصدوم من هول الفاجعة ولاجئ ومشرد ومرتحل يضرب يباب الأرض بحثا عن حياة آمنة. محمد رزق الله تية رئيس حزب البعث العربى الإشتراكى يقول ان فكرة الملتقى لم تكن الرؤية محض صدفة فقد سبقتها حوارات عميقة إتفقت حولها ستة أحزاب عقب إندلاع الحرب مباشرة ،فقد كانت الولاية قبلها تدار بصورة مؤسسية إلى أن جاءت أزمة التعداد السكانى وكانت بمثابة الشرارة ، فيما إتسع التوافق ليشمل (14) حزبا بالولاية حكومة ومعارضة، فيما قال ل»الصحافة» فى وقت سابق عبد المطلب سليمان رئيس الحزب الشيوعى السودانى بجنوب كردفان المنسلخ عنه أن عضوية الشيوعي (7) أشخاص وغير ملتزمين ، فيما يرى الزبير كرشوم نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبى أن خصوصية جنوب كردفان جعلتهم أن يتفقوا على برنامج كيفية إدارة شؤون الولاية. الواقع يشير الى ان جنوب كردفان لم تغب عنها المؤتمرات التصالحية، حيث نفذ فيها أكثر من (40) مؤتمرا فى «لقاوة ودلامى والعباسية وكادقلى والفولة والمجلد» ولكن ما الذى يميز هذا الملتقى ؟ يقول ل(الصحافة) صباحى كمال الدين صباحى نائب رئيس المؤتمر الوطنى بالولاية عضو الوفد «أن ما يميز الملتقى أنه جاء بمبادرة من القوى السياسية بجنوب كردفان حكومة ومعارضة إتفقت على ما عجزت فيه حكومتنا المركزية من التوافق والتناغم ، فوجدت الدعوة القبول والرضا و التلبية الفورية من قبل كافة الجهات بدءً من رئاسة الجمهورية وقيادات الأحزاب والقوى السياسية بالمركز «حكومة ومعارضة»ونفر من الشخصيات العامة، وأهل السلك الدبلوماسي والمنظمات الدولية والإقليمية فى المحيطين الأفريقي والعربي والمراكز البحثية والجهات ذات الصلة والإختصاص وأبناء الولاية بالداخل والخارج بمختلف تكويناتهم المجتمعية» التخوفات التي تبدو على محيا الذين يتحفظون على هكذا مؤتمرات تنطلق من ان الذين ينظمون يعمدون الى وضع مخرجات جاهزة ويدعون الآخرين الى التوقيع والبصم عليها، لكن عثمان قادم رئيس آلية التصالحات عضو لجنة الملتقى يقول «ان هذا االمؤتمر ليست له أوراق محددة وبالتالى ليست هنالك مخرجات جاهزة متفق عليها بل كل «يدلو بدلوه» فلا حجر على أحد أو رأى فالغرض من الملتقى فى المقام الاول المشاركة بالرأى بحرية وأريحية على حد تعبيره، ويضيف عثمان»أن هنالك مخاطبات تحوى قضايا يستند عليها الموقف المشترك للأحزاب والقوى السياسية بجنوب كردفان وتتمثل فى الجانب السياسى «ولائيا وقوميا ،العلاقة مع دولة الجنوب (قضية تلفون كوكو)» وفى المحور الإجتماعى «السلام الإجتماعى ،المواثيق والتحالفات ،حرية التنقل والحركة وتبادل المنافع ،قضايا الأرض ،قضايا إدارة التنوع « وفى المحور الأمنى «مشكلة أبناء الولاية فى الحركة الشعبية فى الجنوب « فضلا عن المحور الإقتصادى والتنموى والدروس المستفادة ،ومن ثم يتم تقسيم الحضور لمجموعات للخروج بتوصيات يتم صياغتها لتصبح مخرجات نهائية للملتقى. ولكن ماهو الهدف من هذا التجمع ؟ يقول قادم قصدنا من الملتقى النظر فى مسببات الحرب والقضايا ذات الصلة عن طريق الحوار ، نوحد من خلالها رؤى كافة مكونات الولاية حول مقترحات الحلول التى ستطرح فى المفاوضات ،وتقوية الإحساس لدى الجميع بملكية الرؤى المطروحة وإقتراح شكل لمشاركتهم ومساهمتهم فى العملية التفاوضية فضلا عن إستعراض الدروس المستفادة من الحرب وتنفيذ الإتفاقية السابقة ،ولكن كيف ؟ هذا ما سيجيب عليه الملتقى نفسه !. المتتبع لمأساة الحرب فى جنوب كردفان يجدها مسببة لمظالم تاريخية تطورت بتطور الأدوات وتعدد الأشخاص وتباين الظروف المحيطة ،لذلك جاءت كادقلى مكانا للملتقى لذات الخصوصية ، كما لا سقف محدد لمخرجات الملتقى ويقول بلة حارن « الحركة الشعبية جناح السلام «مستشار الوالى وعضو الملتقى ل «الصحافة» الذين يتخوفون من هيمنة المؤتمر الوطنى نقول لهم لا مجال لفرض رأى لحزب أو قبيلة فالملتقى للجميع.