البرهان يتفقد مقر متحف السودان القومي    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    المصباح في زجاجة.. تفاصيل جديدة حول اعتقال مسؤول "البراء" الإرهابية بالقاهرة    إعراض!!    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب التاريخية ستكون في ذمة التاريخ إذا لم تطور خطابها وهياكلها
غندور: الانتخابات ب«النية».. سليمة 001٪
نشر في الصحافة يوم 26 - 04 - 2010

دافع حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يقوده الرئيس عمر البشير، بشدة، عن فوزه الكاسح في الانتخابات السودانية التي جرت في الفترة ما بين 11 و15 أبريل الحالي، وأكد أنه فوز مستحق، وجاء بسبب الإعداد الجيد والخطاب المتميز الذي قدمه خلال الفترات الماضية. ورفض الحزب أيضا اتهامات المعارضة التي أشارت إلى وجود عمليات تزوير واسعة، أدت إلى ذلك الفوز، الذي وصفته ب«المهزلة». وسخر إبراهيم غندور، المسؤول السياسي في الحزب، من هذه الاتهامات، وقال «نحتاج إلى نصف مليون متآمر من المفوضية والشرطة، لتزوير نتائج الانتخابات في 51 ألف صندوق اقتراع في السودان»، وقال إن «تلك فرية» أريد بها صرف الأنظار عن الانتصار الكاسح الذي سجله الحزب.
وقال غندور الذي يتولى مسؤولية الانتخابات في الحزب في حوار عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط»تعيد «الصحافة» نشره: «إذا وقع أي تزوير فلن يكون مسؤولية جماعة أو حزب.. بل مسؤولية فردية»، وزاد: «إذا كانت النزاهة تحسب بالنية والممارسة العملية، فإننا نستطيع أن نقول إن المؤتمر الوطني في حرصه عليهما، كانت الانتخابات نزيهة 100%». وقال إن تقاعس المعارضة وتضييع وقتها في تحالفات أثبتت فشلها، وترددها بين المشاركة والمقاطعة، أدى إلى خسارتها الكبيرة في الانتخابات، وشن هجوما محددا على الأحزاب التاريخية متمثلة في حزبي الأمة بزعامة الصادق المهدي، والاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني، وقال إنهما في أضعف حالاتهما، وإذا لم يطورا من خطابهما السياسي وهياكلهما فسيكونان قريبا في ذمة التاريخ. وحول الحديث عن حكومة وحدة وطنية قال إن الوقت ما زال مبكرا.. لكنه أوضح أن حزبه سيبحث في صيغة للتواصل مع المعارضة خارج البرلمان، والحوار بشأن القضايا الكبرى. كما أشار إلى أن حزب المؤتمر الوطني سيبذل كل ما في وسعه خلال الأشهر المقبلة من أجل أن يكون خيار الوحدة جاذبا للجنوبيين، خلال استفتاء تقرير المصير الذي سيجري في يناير من العام المقبل.
* المؤتمر الوطني حقق فوزا كبيرا.. بل يعد اكتساحا.. كيف تصفون هذا الفوز.. وماذا يمثل لكم؟
* هذا الفوز جاء بفضل التنظيم الجيد والكبير، والإعداد المبكر، للعملية الانتخابية، في مقابل تقاعس أحزاب المعارضة، وترددها في المشاركة من عدمه، وتضييعها للوقت في تحالفات فشلت جميعها. وأيضا لثقة المواطن في المؤتمر الوطني، من خلال متابعته لما تم إنجازه من برامج خلال الفترة الماضية، من عمر حكومة الوحدة الوطنية، وقبلها حكومة البرنامج الوطني، وعلى رأس تلك الإنجازات تحقيق السلام، والاستقرار الاقتصادي.
* كيف تقدر حجم هذا الفوز.. لو تحدثنا بالأرقام؟
* الاكتساح كبير جدا، في غالبية دوائر الشمال، وغالبية الدوائر الانتخابية في ولاية النيل الأزرق «ولاية متاخمة لحدود الجنوب، والوحيدة التي لم تقاطعها الحركة الشعبية في الشمال»، ووصل الفوز حتى الآن إلى نحو 75% في كل ولايات السودان «26 ولاية، بينها واحدة تأجلت فيها الانتخابات» ووصلت نسبة الفوز في الولايات الشمالية «16 ولاية» أكثر من 95%.. وهذا أكبر تفويض شعبي يحصل عليه حزب سوداني منذ ما قبل الاستقلال حيث أجريت أول انتخابات سودانية (1954).
* وماذا عن الانتخابات الرئاسية؟
* الرئيس عمر البشير حقق فوزا كبيرا في الولايات الشمالية يصل إلى نحو 90%، من الأصوات، ومن خلال الدعم الذي وجده خلال رحلاته الانتخابية إلى الجنوب نستطيع أن نقول إنه سيجد سندا قويا، وسيكون الأول في الجنوب.
* ما هو موقف المؤتمر الوطني بالنسبة للجنوب؟
* الحركة الشعبية اكتسحت الانتخابات في الجنوب.. ولكن ليس لديّ أرقام دقيقة حتى الآن.
* ماذا عن موقف الأحزاب الأخرى؟
* حققت نسبة ضعيفة للغاية.
* لكن المعارضة تتحدث عن خروقات كبيرة.. وأن فوزكم هذا لم يأت إلا عن طريق التزوير؟
* نحن نرد المعارضة إلى تقارير المراقبين الدوليين، والإقليميين؛ الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومن خلال بعثتيهما الكبيرتين، أشاروا إلى أن الانتخابات السودانية، كانت حرة ونزيهة وشفافة، ومن أفضل الانتخابات التي أجريت في المنطقة. والاتحاد الأوروبي ومركز كارتر قال إنها كانت حرة ونزيهة، ولكن لا ترقى إلى المعايير الدولية، ومعروف أن أهم المعايير الدولية هي النزاهة.. كما أن كثيرا من المنظمات الإقليمية والدولية أشادت بما تم. وقد كان هناك نحو 800 مراقب أجنبي، حضروا كشهود لهذه الانتخابات.
* خروج الأحزاب الكبيرة صفر اليدين من هذه الانتخابات، وهي صاحبة اليد الطولى في السابق، ألا يثير التساؤلات؟
* أولا خلال ال25 عاما الأخيرة »جرت مياه كثيرة تحت الجسر«، من خلال تغير نوعية الناخب. معروف أن الأحزاب التاريخية، والتي نسميها وطنية، والتي نشأت قبل الاستقلال، كانت ترتكز على طائفتين دينيتين، لهما أتباع كثر، ولكن مع انتشار التعليم، في الجامعات تضاءل الولاء للطائفة، وساد التفكير العقلاني، فيما يخص المصالح الجهوية والفردية. وبالتالي أصبح اختيار الناخب للمرشح أو الحزب، يبنى على ماذا قدم.. وماذا سيقدم. وبالتالي ليس مفاجئا، هذا الاكتساح الكبير للمؤتمر الوطني. وساعد في الفوز أيضا تقاعس هذه الأحزاب خلال فترة تسجيل الناخبين وترددها في دخول الانتخابات، ولم تفعل الكثير في عملية نقل ناخبيها إلى مراكز الاقتراع.
* هي لا تملك الكثير من المال.. بسبب طول غيابها عن قواعدها.. وتشتكي بأن الحكومة لم تمولها كما ينص قانون الانتخابات؟
* أولا القانون لم يعط الأحزاب حق التمويل من الدولة، ولكنه أشار إلى أنه «يجوز تمويلها»، وعندما دار الحوار في هذا الأمر، كان السؤال عن الأسس التي يمكن بها تمويل الأحزاب. هناك 85 حزبا مسجلا، بعضها يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة، تصل إلى الملايين.. وأخرى لا تتعدى عضويتها الأفراد. وبالتالي كان الخيار أن تخوض هذه الأحزاب الانتخابات لمعرفة أحجامها الحقيقية أولا، وبعدها يتم وضع أسس تمكنها من التمويل إذا كان هناك أي تمويل مستقبلي. ونحن نقول إنه وفي ظل هذا الانتشار الواسع من الأحزاب، وباعتبارنا من دول العالم الثالث، فيجب أن لا تعول الأحزاب على التمويل من الدولة كثيرا.
* هناك حديث عن قضية عدم تساوي الفرص، بالإشارة إلى القدرات المالية؟
* إذا كانوا يتحدثون عن عدم تساوي الفرص فإنه وخلال تاريخ السودان السياسي لم تكن الأحزاب متساوية في قدراتها المالية. كان حزبا الأمة والاتحادي، يملكان أموالا طائلة، أتيحت لهما من خلال عضويتهما الكبيرة التي تضم رجال أعمال ورأسماليين وطنيين، وخلافه، وكانت هناك أحزاب أخرى تتمتع بتمويل من دول أجنبية، ترتبط بها عقائديا.. هذه الدول اختفت من الخارطة الآن، أو اختفت العقائدية التي كانت تستند عليها تلك الأحزاب إقليميا ودوليا. فتغير الساحة السياسية غير من هذه الموازين. وبالتالي تغيرت قضية المال بالنسبة للأحزاب المختلفة، وهذا الأمر طبيعي في تاريخ السودان، ولا أدري لماذا الشكوى منه الآن. نحن نعلم أنه في السابق كانت هناك أحزاب تستجلب حتى الثلج والسيارات من الخارج، وكانت أحزاب أخرى لا تجد ما ترحل به مرشحيها. وفي كل العالم توجد هذه الفروقات المالية من حزب إلى آخر.
* وماذا عن قائمة الشكاوى الطويلة الأخرى، من تغير السجلات، إلى الاقتراع بالإنابة.. إلى حتى تبديل صناديق الاقتراع؟
* السجل الانتخابي وسقوط أسماء منه، تأثرت به جميع الأحزاب بما فيها حزبنا.. والطعن في السجلات كان من المفترض أن يتم خلال الفترة القانونية المحددة. نعلم أن هناك أسماء سقطت، ولكن المفوضية قامت بمعالجة الأمر من خلال توفير خط تليفوني ساخن، يمكن لأي فرد الاتصال به، وبعد التحقق من الشكوى يمكن إعادة اسمه إلى القائمة، بعد إثبات هويته. ونعلم أن العشرات فقدوا الفرصة في التصويت بسبب هذه الأخطاء الفنية والإدارية، وقد تساوت كل الأحزاب في هذا الأمر ولم يدفع ثمنه حزب بعينه. أما التصويت بالإنابة فهذا غير متاح، لأن هناك وكلاء للأحزاب، ووكلاء للمرشحين، و»عِرِّيف« في كل مركز اقتراع، كما أن أي مقترع عليه أن يثبت هويته أو شهادة سكنه قبل الإدلاء بصوته. وحتى لو حدثت أي خروقات في هذا الجانب فستكون فردية، ولن يكون لها تأثير بسبب الفارق الكبير جدا الذي حدث في نتائج التصويت.
* وماذا عن تبديل صناديق الاقتراع؟
* هذه فرية كبرى أشار إليها أحد قادة الأحزاب. وأشير هنا إلى أن عدد مراكز الاقتراع في كل السودان يصل إلى 17 ألف مركز، وإذا كان في كل مركز 3 صناديق اقتراع فإن إجماليها يصل إلى 51 ألف صندوق اقتراع. وبالتالي فإن أي محاولة لتبديل هذه الصناديق والإتيان بغيرها مزورة تحتاج إلى جيش جرار من العاملين، وتحتاج إلى تآمر من قبل كل لجان المفوضية، العاملين في هذه المراكز، وتآمر من 140 ألف رجل شرطة كانوا يحرسون هذه المراكز. هذا يعني أن نحو نصف مليون شخص شاركوا في عملية التزوير. عملية مثل هذه لو حدثت لا يمكن لها أن تكون سرا، في بلد كالسودان تنعدم فيه الأسرار. هذه فرية المراد بها التمويه والتغطية على النجاح الكبير الذي حدث في هذه الانتخابات، خاصة في مجال الأمن الذي فاق كل التصورات.
* وماذا عن الاتهامات بخصوص استخدام أجهزة الدولة خلال الحملة الانتخابية وخصوصا استخدام الرئيس لطائرات الدولة في تحركاته؟
* هذا لم يحدث إلا مرة أو مرتين، ومنذ أن وقعنا الميثاق الانتخابي الذي وضعه الاتحاد الأفريقي وأشار فيه إلى وقف استخدام الطائرة الرئاسية، توقفنا نحن عن هذا الأمر. ولكن لنقل إن الطائرة استخدمت مرة أو اثنتين، أو ثلاثا.. هذا الأمر لا يقلل الفارق الكبير الذي حدث في الانتخابات، والفارق الكبير الذي حققه الرئيس البشير على منافسيه جميعا.
* وماذا عن استخدام الأجهزة الإعلامية والتي تتحرك في تغطية حملة الرئيس، وافتتاح المشروعات الذي تم خلال فترة الحملة الانتخابية؟
* بالنسبة للإعلام.. هناك تلفزيون وإذاعة واحدة مملوكان للدولة، وبقية الأجهزة الإعلامية الأخرى جميعها مملوكة لشركات، ولا توجد صحيفة واحدة مملوكة للدولة. والجميع يعلم أن تلفزيون السودان وفي ظل التنافس الإعلامي الكبير، فإن الإقبال عليه بات ضعيفا، ولكن رغم ذلك تساوت فيه الفرص.. أما ظهور الرئيس أو الوزراء في العمل الرسمي، فهذا أمر طبيعي ولا يمكن تجميد عمل الدولة أثناء فترة الانتخابات. الفارق الكبير الذي تحقق ليس لهذه الأشياء التي تسوقها الأحزاب ولكن كما قلت سابقا للتنظيم الجيد والخطاب المتميز لحزبنا، مقابل خطاب إقصائي للأحزاب المعارضة بني على اقتلاع المؤتمر الوطني، كشعار ارتضته إلى جانب تقاعسها خلال فترتي التسجيل والاقتراع.
* كم تقدر نسبة النزاهة في هذه الانتخابات؟
* إذا كانت النزاهة تحسب ب«النية» و«الممارسة العملية»، نستطيع أن نقول إن المؤتمر الوطني في حرصه على النزاهة، بنية صادقة، وممارسة، فإن نسبة النزاهة هي 100%. وإذا حدث تزوير هنا أو هناك، فهو ليس صفة لمجموعة أو حزب، ولكن ربما تجد شخصا هنا، أو هناك، ينتمي لأي حزب أو لأي مجموعة حاول أن يقوم بالخداع. وحتى هذا لم يكن بالشيء اللافت ولا يؤثر في النتيجة الحاسمة. وأستطيع أن أؤكد أن انتخابات السودان كانت نزيهة.
* ولكن فيما يبدو أن الارتباك كان كبيرا.. وأن الحديث عن الأساليب الفاسدة لم ينته؟
* كنت مرشحا للدائرة 15 بولاية الخرطوم، وكنت أول مرشح يتقدم بشكوى للمفوضية في اليوم الأول، محتجا على الارتباك والأخطاء الفنية، هذا شيء تضررنا نحن منه أولا. ولكن في اليوم الثاني قامت المفوضية بمعالجة الأمر وتم تفادي الأخطاء في اليوم الثاني، وانعدمت في اليوم الثالث، كما قامت بزيادة أيام الاقتراع لتعويض الناخبين والمرشحين ما حدث في اليوم الأول؟
* ما رأيك في أداء المفوضية، التي وصفتها المعارضة بأنها لم تكن محايدة بالمرة؟
* إجمالا فقد قامت بعمل كبير جدا.. سيذكره لها التاريخ.
* رغم كل اتهامات المعارضة؟
* رغم كل الاتهامات التي اعتبرها اتهامات غير صحيحة، وغير حقيقية. اعترف بوجود أخطاء فنية في البداية وقد قامت بتداركها.
* هل تدافع عنها لأنها كانت متهمة بالانحياز لكم؟
* لا أحد يستطيع أن يقول إن المفوضية كانت منحازة لنا، خاصة أن تشكيلها تم بموافقة كل الأحزاب المعارضة سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. كما أن قانونها الذي تعمل بموجبه شاركت فيه الأحزاب الأخرى، من خلال الحوار المباشر معنا أو مع الحركة الشعبية أو الاثنين مع الشريكين مجتمعين.
* النتيجة الحالية للانتخابات تصل إلى درجة أن تكون إقصائية للأحزاب التاريخية المعارضة.. هل هي بداية نهايتها؟
* لا أستطيع أن أقول إنها النهاية لهذه الأحزاب، ولكن هي الآن في أضعف حالاتها.. وإن لم تغير من طريقة عملها، وخطابها للشعب، وتركيبتها الهيكلية، فإنها ستصبح في ذمة التاريخ.
* البرلمان القادم.. سيكون في اتجاه واحد.. للمؤتمر الوطني.
* هذه حقيقة.. سيكون الغالبية الكبرى للمؤتمر الوطني، وللحركة الشعبية، وبعض الأحزاب الأخرى بنسب صغيرة جدا.. وهذا ليس أمرا مستغربا، برلمانات السودان السابقة شهدت تجارب مماثلة، فقد كان حزبا الأمة والاتحادي يملكان أكثر من 90% من المقاعد، ولكن الصحيح أنه لم يفوض حزب بهذا التفويض الكبير الذي ناله المؤتمر الوطني.
* ألا يؤثر هذا في أداء هذا الجهاز التشريعي؟
* لا أعتقد ذلك.. فالنائب البرلماني المفوض شعبيا، وإن كان ينتمي إلى حزب واحد هو الحزب الحاكم، يجب أن يتمتع بقدرة وضمير حي، لمراقبة الحكومة والعمل على ابتداع وابتدار وإجازة التشريعات المختلفة، التي تخدم قضايا الوطن جميعه. كما لا بد من ابتدار طرق أخرى من أجل التواصل مع المعارضة السياسية، وسماع صوتها الذي سيغيب عن البرلمان، على الأقل في القضايا الوطنية الكبرى. هناك اتفاقية السلام الشامل وتقرير مصير الجنوب، وقضية دارفور، والقضايا الاقتصادية والمعيشية كلها نحتاج فيها إلى الحوار مع المعارضة.
* كيف سيكون شكل حكومتكم المقبلة.. هناك دعوة غير رسمية لتكوين حكومة وطنية موسعة؟
* لا يزال الوقت مبكرا للخوض في هذا الأمر.. ولكننا نرغب في حكومة لها شعبية عريضة رغم التفويض العريض الذي حصلنا عليه، والذي يؤهلنا إلى تشكيل حكومة بمفردنا. أي حزب في كل مكان في العالم يحصل على أغلبية كبيرة كهذه، يقوم بتشكيل الحكومة بمفردة.. أما نحن فلا نرغب في ذلك، رغم قدرتنا على الحكم منفردين.
* ما هو مصير الحركات الدارفورية التي وقعت معكم اتفاقات سلام، هل سيتم مشاركتها في الأجهزة الحكومية المقبلة؟
* هناك التزام تفرضه علينا الاتفاقات المبرمة مع هذه الجهات، وهي اتفاق أبوجا وأسمرة، على الأقل إن لم تكن في المحاصصة الولائية، فسيكون على المستوى القومي. ستظل هذه الاتفاقات سارية. ونقوم بمشاورات معهم منذ ما قبل الانتخابات.. وبعدها.
* هل سيتم تعيين نواب لهم في البرلمان؟
* التعيين غير متاح.. لكن هذه الحركات لديها عناصر خاضت الانتخابات كمستقلين.. وقد فازوا، وسيكون لهم صوت في البرلمان.
* هل ستكون هناك انتخابات قادمة..؟
* ستكون هناك انتخابات برلمانية كل 4 سنوات.. ورئاسية كل 5 سنوات.
* هناك حديث بوجود صفقة بينكم والحركة الشعبية.. تفضي بقبول نتائج الانتخابات والرضا عنها.. مقابل قيام استفتاء على مصير الجنوب بصورة هادئة؟
* الاستفتاء والانتخابات هما أهم مطالب اتفاقية السلام الشامل.. وبالتالي لا نحتاج إلى صفقة لإجراء الانتخابات أو لاتفاق آخر لإجراء الاستفتاء في موعده.. لا توجد صفقة من أي نوع.. نحن دعاة للوحدة، ولا نرى أن قادة الحركة الشعبية في الجنوب انفصاليون، كما يرى البعض، هناك من بينهم من يريد الوحدة.. غرضنا جميعا أن نؤمن للجنوبيين استفتاء حرا نزيها يؤدي لوحدة السودان.
نحن الآن وبعد أن انتهت الانتخابات والفوز الكبير الذي حققناه سيكون برنامجنا خلال الفترة حتى الاستفتاء في مطلع يناير المقبل مركزا على قضية الوحدة. سنعمل من أجل الوحدة الجاذبة.. بكل الوسائل المتاحة سياسيا وشعبيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، حتى نجعل خيار الوحدة لأهلنا في الجنوب خيارا جاذبا.
* كان لديكم نحو 6 سنوات للعمل من أجل هذه الوحدة.. كيف ستنجحون خلال 8 أشهر فيما فشلتم فيه خلال سنوات؟
* إن كان العمل من أجل الوحدة يعني برامج اقتصادية تقيمها حكومة الجنوب، فهذا قد تم.. وإن كان البعض يحاول أن يثير المتاعب، والغبار حول هذا الأمر. فبعض قطاعات الحركة الشعبية كانت «خميرة عكننة»، بيننا والحركة، أو فلنقل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الحركة في الجنوب. لكن نحن واثقون من أن الفترة المقبلة، ستكون فترة عمل مكثف، خاصة إذا أخذنا في الحسبان، أن اتفاقية السلام تم تنفيذها بالتدرج، خلال السنوات الماضية، وتبقى أمر واحد هو الاستفتاء. وبالتالي فإن الفترة المقبلة ستكون كلها من أجل العمل للوحدة.
* ولكن هناك عقبات حقيقية مثل ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وقضيتي أبيي وولاية النيل الأزرق، وقضايا أخرى في غاية التعقيد يمكن أن تستثمر ما تبقى من الوقت؟
* قضيتا المشورة الشعبية في ولاية النيل الأزرق وأبيي، لن تكون معضلة، وحسب اتفاقية السلام فإنهما من مشاغل البرلمانات المنتخبة حديثا. وقضية أبيي موقفنا فيها واضح، وهو تنفيذ قرار المحكمة الدولية في لاهاي، ونحن ملتزمون تماما به. أما قضية ترسيم الحدود فإن الخلافات التي تبقت فيها طفيفة ويمكن معالجتها بواسطة اللجنة الفنية في القريب العاجل.. لتقدم تقريرها النهائي إلى هيئة الرئاسة.
* ما هي توقعاتكم بالنسبة للجنوب؟ وحدة أم انفصال؟
* كلا الاحتمالين وارد، ولكن أقول إذا جاء الاستفتاء بصورة نزيهة أعتقد أن خيار الجنوبيين سيكون الوحدة.
* وإذا اختاروا الانفصال؟
* نحن في الشمال.. مع كل القوى الحزبية المعارضة، لن نكون سعيدين.. ولكننا سنستقبل قرار الجنوبيين بالترحاب.
* من سيتحمل الوزر؟
* خيار تقرير المصير وافقت عليه كل الأحزاب المعارضة. وافق عليه حزب الأمة في اتفاقية شقدم 1992، ووافقت عليه قوى المعارضة الأخرى المنضوية في التجمع الديمقراطي الذي كان يقوده الحزب الاتحادي، من خلال مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرة.. وبالتالي فإن كل الأحزاب السياسية في السودان كانت موافقة على خيار حق تقرير المصير بالنسبة للجنوبيين. على كلٍّ سنحترم قرار أهلنا في الجنوب، ولكننا سنعمل من أجل الوحدة بكل قوة خلال الفترة المقبلة حتى يختارها الجنوبيون طواعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.