تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    الذكاء الاصطناعي يتوقع الفائز بلقب "الليغا"    السودان..تصريح مهم لقائد عسكري    فوزي بشرى يكتب: لن تتوقف إلا إذا....    اعتقال موظف في السودان    الشاطئ أبوعشر يتعاقد مع صبحي جبارة لقيادة الدكة الفنية    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم السبت 25 أكتوبر2025    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تبكي على الهواء وتثير تعاطف الآلاف: (تعرضت للتحرش من والدي ومن أقرب الناس.. والدتي تزوجت 7 مرات وفي كل مرة تطردنا من المنزل أنا وأبني وبسببها أصبحت أتعاطى المخدرات)    شاهد بالصورة والفيديو.. في تصرف عرضه لسخرية الجمهور.. الفنان جمال فرفور ينحني من أعلى المسرح ويُقبل أيادي معجباته وساخرون: (بوس الأيادي على الطريقة الفرفورية)    شاهد بالصورة.. ترقية "مهند" شقيق الفنان المثير للجدل شريف الفحيل لرتبة "نقيب" بالشرطة والجمهور: (سبحان الله البطن بطرانة)    شاهد بالصورة والفيديو.. مستعيناً ب"ميكروفون" بائع الخضار.. أب سوداني يوقظ أبنائه الشباب من النوم بطريقة طريفه وأحدهم يستيقظ مندهشاً وينفجر بالضحك    شاهد بالصورة.. ترقية "مهند" شقيق الفنان المثير للجدل شريف الفحيل لرتبة "نقيب" بالشرطة والجمهور: (سبحان الله البطن بطرانة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تبكي على الهواء وتثير تعاطف الآلاف: (تعرضت للتحرش من والدي ومن أقرب الناس.. والدتي تزوجت 7 مرات وفي كل مرة تطردنا من المنزل أنا وأبني وبسببها أصبحت أتعاطى المخدرات)    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    شاهد بالفيديو.. الهلال يكتسح "البوليس" مجدداً ويصعد لمجموعات أبطال أفريقيا    الخارجية السودانية: زيارة الوزير تأتي في سياق الجهود المستمرة لتطوير العلاقات بين الخرطوم وواشنطن    قرار لاتحاد الكرة السوداني بشأن خطوة في الفاشر    الأهلي مَالُو زَعلان؟    المدرب محمد الطيب : يجب على لاعبي الهلال عدم الاستهتار    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    الجيش يصد هجومًا عنيفا للمليشيا الإرهابية على الفاشر وتكبدها خسائر فادحة    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    بلينغهام يعود للتهديف..ويقود ريال مدريد لفوز صعب على يوفنتوس    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماية المستهلك.. عندما تتحدث فلسفة الوجودية!!
جعجعة بلا طحين
نشر في الصحافة يوم 26 - 03 - 2013

تعتبر جمعية حماية المستهلك احدى اهم منظمات المجتمع المدني، فقد علا صوتها حول العالم عندما نجحت الجمعية في اكتشاف واثارة قضية الدايوكسين في البيض عام 2001م، بعد ان تولت امر الفحص مع احد المعامل ومراكز البحث، فجاءت النتائج مشيرة الي تلوث البيض بالدايوكسين، فانتشر الخبر لتحظر كل اوربا استخدام البيض الا بعد الفحصو وفي اعقاب ذلك اتجهت الحكومات حول العالم الى اصدر التشريعات بصورة مكنت جمعيات حماية المستهلك على مستوى المنظمات الطوعية او الادارات الفنية بالوزارات عبر السلطات الواسعة والصلاحيات التي تجاوزت في بعض الاحيان صلاحيات الوزارات، وكل ذلك بهدف حماية المستهلك.
وفي السودان جاء بروز الجمعية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، غير انها في دورتها الحالية فعلت دورها تماماً، وبات لها صوت وموقف واضح من خلال نشاطها ومنبرها الدوري الذي ناقشت فيه مجمل القضايا التي تهم المستهلك.
غير أن البعض يرى ان دور الجمعية لم يتجاوز حالة مقاطعة اللحوم، وهو الموقف الايجابي الاكثر بروزا، وغير ذلك من المواقف كان مجرد ضجيج على طريقة ديكارت في توجهه الوجودي ونظريته «أنا أفكر إذن أنا موجود» لتأخذ به الجمعية وكأنها تقول «أنا استنكر إذن أنا موجود».
لقد فشلت الجمعية في اختراق مكونات المجتمع خاصة في الريف، مما ادى إلى اخفاق الجمعية في مواجهة ارتفاع اسعار السلع والخدمات، ونتج عن ذلك ترك المواطن وحيداً في مواجهة تدفق سلع غير مطابقة للمواصفات وذات صلاحية منتهية، وخدمات كل هم مقدميها الثراء ومص دماء العباد دون رحمة، في وقت أكدت فيه الحكومة ان مفهوم التحرير لديها ان تقف مجرد رقيب علي حراك المجتمع - حديث عبد الرحيم حمدي وزير المالية الاسبق عن مفهوم الدولة في عهد التحرير.
وتبنت جمعية حماية المستهلك عدداً من المبادرات اشهرها «حملة الغالي متروك» الخاصة بمقاطعة اللحوم، وقد تابعتها الصحف وتصدرت صفحاتها على مدى ثلاثة أيام، وبحسب مراقبين للحملة فإنها لم تتغلل وسط المواطنين، لذلك كان نجاح الحملة محدوداً، وفشلت الجمعية في نشر ثقافة صلاحية السلع بصورة تجعل المواطنين قادرين على تمييز السلع غير الصالحة للاستخدام وخطورتها عليهم، وظلت الجمعية عبر منبرها الاسبوعي تكتفي بالكشف عن الاخطاء التي ترتكبها بعض الجهات، غير انها لم تسهم في وضع حلول جذرية للقضايا التي تطرحها وتتبنى بعضها، بل إن الجمعية فشلت في مواجهة تعريفة الكهرباء بالرغم من أنها حصلت على تقرير لجنة فنية كونها وكيل الوزارة، وقد أوصت اللجنة بخفض التعريفة، وبدلاً من ذلك قامت الوزارة بالزيادة وسط دهشة أهل السودان، وبالرغم من أن الجمعية أعلنت على لسان أمينها العام انها ستلجأ للقضاء إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم.
ويبدو أن جمعية حماية المستهلك بالفعل تعتمد على حسها الاعلامي، فعندما استوقفنا عدداً المواطنين في محاولة لتلمس اثرها في الشارع لم نجد اي اثر لوجود جمعية تنشط في حمايتهم بوصفهم مستهلكين، وفقدنا الامل في مقابلة شخص يبدي رأيه في ما تقدمه الجمعية للمواطنين، ووجدنا المواطن عبد العظيم الله جابو الذي تعرف عليها من خلال متابعته للصحف فقط، ولكنه لم يعرفها من خلال منابر توعية خاصة بالمواطنين.
ويقول محمد ابرهيم الطيب انه وجد عدداً من الملصقات الخاصة بحملة المقاطعة وضعت علي ابواب البقالات والمحلات تحث المواطنين على مقاطعة اللحوم لأن أسعارها مرتفعة جداً، واضاف محمد قائلاً «إذا أرادت الجمعية أن تخدم البسطاء عليها النزول الى الشوارع والاحياء واقامة ندوات وحلقات نقاش وورش عمل، حتى يتعرف المواطن على كيفية اكتشاف السلع الفاسدة باعتبار ذلك أبسط مقومات الثقافة الاستهلاكية».
وحينما اعلنت جمعية حماية المستهلك عن نجاح حملة مقاطعة اللحوم التي استمرت ثلاثة ايام متتالية وقدرت النجاح بتجاوب ثلثي المواطنين معها، أرجعت عدم مشاركة الثلث الآخر لعدم المعرفة بالحملة وعدم مقدرة البعض الآخر على شراء اللحوم اصلاً، بالاضافة الى تجاوب مسؤولين في قمة الدولة مع مقاطعة اللحوم، واعتمدت الجمعية في حديثها عن نجاح الحملة على المسلخ المركزي الذي أكد انخفاض عدد الابقار المذبوحة من «200» في اليوم الى «70» في وقت يشير فيه المراقبون لحركة الذبيح إلى أن سبب الانخفاض هو دخول أبقار من اثيوبيا، وقال نائب رئيس الجمعية دكتور موسى علي أحمد في تصريحات صحفية أعقبت الحملة ان الحملة كشفت ان اسباب ارتفاع اسعار اللحوم هي الجبابات والرسوم والضرائب من أماكن الانتاج وصولا الى مناطق الاستهلاك، قائلاً ان الخروف الواحد تؤخذ منه رسوماً ضعف سعره، منتقدا الطريقة التي تستخدم في تحصيلها، واستنكر عدم تنظيم مسألة الصادر، مشيراً الى أن هناك اجانب يوجدون داخل اسواق المواشي السودانية ويمتلكون طائرات ولديهم الاستعداد للشراء اية كمية باي ثمن، الأمر الذي ادى الى رفع الاسعار. وهناك أيضاً غياب الدور الحكومي في ما يتعلق بتنظيم الاسواق.
نائب رئيس الجمعية في حديثه عن حملة «الغالي متروك» اكد ان الجمعية اتجهت نحو المحليات لبحث امر تخفيض الضرائب والجبايات دون تدخل من الحكومة، لوضع حلول عملية تضمن للمستهلك حقه، وعلى الرغم من ان الجمعية اعلنت نجاح حملتها إلا أن الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج قد قلل من تأثير حملة مقاطعة اللحوم في خفض الاسعار واعتبرها نوعاً من المقاومة الشعبية وتعبيراً عن حالة السخط على السياسات الاقتصادية، باعتبار ان لدى السودان من الثروة الحيوانية ما يمكنه من توفير اللحوم، قائلاً إن تركها لا يؤثر في الطلب على الدولار لعدم استيرادها، داعياً الى علاج الخلل الهيكلي في الاقتصاد وزيادة الإنتاج، وقال إن وزارة المالية لن تستطيع معالجة سياسات مورست لحوالى «22» عاماً لكن عليها ألا تسير في نفس الاتجاه.
ومن المبادرات التي تبنتها جمعية حماية المستهلك مقاضاة وزارة الكهرباء بسبب تعرفة الكهرباء المرتفعة بالانابة عن المستهلكين، ولكنها لم تخط خطوات في هذا الاتجاه.
ويرى متابعون لنشاط جمعية حماية المستهلك أن الجمعية مطالبة بتوسيع نشاطها وتجاوز حالة الوجود الاعلامي والاتصال المباشر بالمواطن، خاصة أن الجمعية كانت قد تحصلت على منحة اجنبية مقدرة تمكنها من اداء دورها التوعوي.
ويقول محمود سعيد أحد المتابعين لنشاط الجمعية عن كثب، إن عليها أن تتغلل في الاطراف والولايات حيث تنشط الآن بشكل كبير في العاصمة، وعليها ان تستهدف كل شرائح المجتمع والاتحادات والنقابات، وقال أيضاً إن الجمعية لا تقوم بإجراء استطلاعات رأي في ما يتعلق بحركة السوق وقياس رضاء المستهلك عن السلع والخدمات، ويضيف محمود أن الجمعية من المفترض ان تولي الخدمات اهتماماً كبيراً، فالملاحظ انها تركز على السلع اكثر من بقية الخدمات. وما يحسب عليها ايضا انها لا تقصد المواطنين في اماكنهم لنشر الوعي وتدريبهم على كيفة اكتشاف السلع المغشوشة في السوق.
طرحنا هذه الملاحظات المأخوذة على جمعية حماية المستهلك على امينها العام دكتور ياسر ميرغني الذي اقر بحصرية الجمعية على قراء الصحف، وهم فقط من يعلمون نشاطها، مبرراً ذلك بأن دور الجمعية اعلامي، وقال ميرغني: «إننا لم نصل الى الاطراف بعد ومازلنا نحمي مستهلك المدينه فقط، ومستهلك الاطراف خارج اطار هذه الحماية، كما تغيب عنه الجهات الرقابية، فمواطنو الارياف واطراف العاصمة بعيدون كل البعد عن حماية المستهلك، وقد لا يعلمون بوجود الجمعية بوصفها جسماً يعمل على حمايتهم». ويضيف ياسر قائلاً إن الجمعية اذا ارادت ان تنتشر في الاطراف ووسط الاحياء فإنها عليها أن تستقطب عدداً كبيراً من المتطوعين، قبل ان يقول إن مفوضية الشؤون الانسانية ترفض ان تمنح الجمعية تصاديق للقيام بنشاطات التوعية في المناطق الطرفية.
ويبدو أن جمعية حماية المستهلك تعيش بمعزل عن مواطنيها الذين تدعي أنها توفر لهم قدراً من الحماية، فإلى متى ستظل الجمعية تحصر نفسها في شريحة محددة، وهنالك من يحتاج إلى الحماية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.