المهندس عمر حسين شرفي *: بعد 4 ديسمبر 2008م، وهو تاريخ تولي الإماراتي السيد/ على بن سعيد الشرهان رئاسة مجلس إدارة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، أصبحت الأوضاع بالهيئة كارثية على كل الأصعدة، وبيئة العمل مأساوية بكل المقاييس، وهناك فوضى ضاربة، وانهيار خطير، وتذمر كبير، وأداء ضعيف وعدم رضاء واضح، وظلم بيّن واقع على العاملين بها، وإذا لم يُنه مجلس المساهمين خدمات هذا الرجل والحمدلله كان من المحتم انهيار الهيئة وبرامجها واستثماراتها ومشروعاتها وشركاتها مع إمكانية تصفيتها، وسنوضح بشكل موجز سلبيات قيادة الهيئة السابقة «أولاً»، ونتطرق للكوادر المؤهلة والكفاءات ذات الخبرات المتعددة والمميزة التي فقدتها الهيئة «ثانياً»، ونطرح بعض التساؤلات علها تجد إجابات «ثالثاً»، ونقترح بعض المعالجات «رابعاً». ثانياً: الكفاءات والكوادر ذات الخبرة التي فقدتها الهيئة: منذ تعيين السيد الشرهان رئيساً للهيئة في 4 ديسمبر 2008م وحتى إقالته بما يشبه الطرد في 3 أبريل 2013م، قام بإنهاء خدمات بعض العاملين الذين بلغ عددهم أكثر من «70» خبيراً وفنياً وموظفاً، ومنحهم «48» ساعة فقط للمغادرة ضد كل القوانين واللوائح والأعراف وحتى الأخلاق. كما لم يوافق على تجديد عقود «25» آخرين بهدف تقليل المصروفات، وقدم نحو «15» استقالاتهم بسبب سوء الأوضاع. وقد فقدت الهيئة العربية خيرة كوادرها وأفضل خبرائها الذين انتقل معظمهم إلى مؤسسات محترمة أخرى، وتبقى فقط من يجيد النفاق، أو من يتحمل الذل والهوان، أو من يستطيع الصمت خوفاً من التعبير عن رأيه، أو من لم يستطع الانتقال إلى مكان آخر لضعف قدراته وإمكاناته. وقد ترك الهيئة نحو «30» من خيرة الخبراء والباحثين والاختصاصيين في مختلف المجالات، منهم على سبيل المثال لا الحصر: ٭ في مجال التعاون الدولي الخبير المعروف أمير عبد الله خليل الذي عمل لأكثر من خمسة وعشرين عاماً بمنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة. ٭ في مجال البحوث الزراعية البروفيسور مرضي عبد العظيم الذي سبق اختياره أفضل باحث على مستوى جمهورية مصر العربية، وانتقل إلى رحمة الله بذبحة صدرية بعد أشهر قليلة من إنهاء خدماته بطريقة الشرهان المذلة، والدكتور نشوان عبد الرزاق الذي ساهم في إنشاء إدارة البحوث الزراعية بالهيئة وكثير من محطاتها داخل وخارج السودان. ٭ في مجال الإنتاج الحيواني الدكتور الخلوق أزهر الحبوبي الذي انتقل لإدارة شركة زراعية يملكها الدكتور عبد الكريم العامري الرئيس الأسبق للهيئة. ٭ في مجال التخطيط الاستراتيجي وإدارة المشروعات وهندسة التصنيع الغذائي شخصي الذي عمل بمؤسسات كبرى وبيوت خبرة استشارية ومنظمات دولية في بريطانيا والكويت وقطر. وحقيقةً لم أستطع تحمل هذا الرجل الكارثة، وقدمت استقالة مسببة «مرفقة» لم يصدقها أو يهضمها الشرهان حتى هذه اللحظة، وأعمل منذ أكثر من عامين مديراً تنفيذياً لبرنامج مشروعات تبلغ تكلفتها «1.2 مليار دولار»، أي أكثر من ضعفي رأسمال الهيئة العربية للاستثمار. ٭ في مجال المراجعة المالية الأستاذ الطاهر عبد القيوم الذي أصبح المراجع العام لجمهورية السودان، والأستاذ عبد الله حامد الذي عمل مع الشركة العالمية KPMG بكندا والتحق بالديوان أيضاً، والأستاذ بابكر تاج الدين الذي أصبح المدير المالي لشركة بترودار، وثلاثتهم يحملون زمالة في المحاسبة ACCA من بريطانيا، بالإضافة للأستاذ العربي بن رجب الذي عمل بتونس والسعودية وانتقل الآن لإحدى شركات المراجعة الكبرى. ٭ في مجال الإنماء الزراعي الخبير الدولي الدكتور الخير خلف الله خالد الذي عمل أيضاً لأكثر من عشرين عاماً بمنظمة الزراعة والأغذية. ٭ في مجال الاقتصاد الدكتور المتميز إسماعيل أبو صاحب الخبرات المتعددة في المؤسسات الاستثمارية بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، والأستاذ فيصل محيسى الاقتصادي الزراعي الذي عمل أيضاً بالسعودية. ٭ في مجال دراسات الجدوى وتقييم المشروعات والتحليل المالي الأخ محمد أحمد عطية الذي يحمل شهادة CPA وتم استقطابه عندما كان يعمل بالولايات المتحدةالأمريكية، والأستاذ أحمد بدري المدير الناجح للشركة العربية للزيوت النباتية التي كانت تحقق وتوزع أرباحاً قبل عهد الشرهان، والأستاذتان منى سراج الدين وهويدا خالد اللتان تحملان درجة الماجستير، وأفنتا عصارة شبابهما بالهيئة وعرفتا بكفاءتهما العالية في مجال عملهما. ٭ في مجال الإعلام والتسويق والتوثيق الدكتور عباس منوفلي والدكتور فيصل عوض اللذان أشرفا لسنوات عديدة على مجلة الهيئة العلمية ربع السنوية، وكانا يعدان التقارير السنوية. ٭ في مجال القانون الأستاذ عبد الله ولد ببها الذي استقال، ويعمل الآن بالصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. ٭ في مجال تقنية المعلومات المهندسان عمر غزال وتيسير ميسر اللذان هاجرا إلى كندا والسويد حسب المعلومات المتوفرة. ٭ في مجال التأمين الأستاذة إقبال أبو الريش التي أحرزت شهادات مهنية عالية في هذا المجال، وعملت بالهيئة لأكثر من عشرين عاماً.. مع اعتذاري للآخرين الذين لم أذكرهم. * خبير سابق بالهيئة