د. سيد سليمان سيد: يشكل حرق نفايات المستشفيات الطبية مصدراً اساسياً للديوكسين والزئبق وغيرهما من الملوثات التي يسهل تجنبها، من المعروف عن الديوكسين انها مواد مسببة للسرطان لدى الانسان وقد تم ربط آثارها بعاهات خلقية وتراجع في الخصوبة وضعف جهاز المناعة وغير ذلك من خلل هرموني، اما الزئبق فهو يتسبب بخلل في نمو دماغ الجنين كما يتسبب بتسمم مباشر للجهاز العصبي المركزي والكُلى والكبد. ان تسويق حرق النفايات الطبية من قبل البنك الدولي في دولة من دول العالم الثالث، فيما يتراجع استخدام هذه التكنولوجيا شيئاً فشيئاً في الدول الغربية لا سيما الولاياتالمتحدة حيث تستخدم بدائل لها اكثر اماناً واقتصادا، يشكل ازدواجية في القيم تمنح سكان دول الشمال مستوى ارقى من حماية الصحة العامة والبيئة بالمقارنة مع مواطني العالم الثالث. ومن المعيب على الاخص ان نرى البنك الدولي يشجع انتشار المحارق فيما يتولى برنامج الاممالمتحدة البيئي رعاية المفاوضات المتعلقة باتفاقية دولية لوقف تدريجي لانتاج واستخدام الملوثات العضوية ذات الاثر الدائم peresistent organic polluatants- pops. ومن بين تلك المواد ذات الاولوية التي تذكرها هذه الاتفاقية الجديدة يبرز الديوكسين والفوران - اللتان تنتجان عند حرق النفايات الطبية. ان البدائل الاسلم للمحارق موجودة ومتوافرة وهي افضل اقتصادياً، ويهدف هذا التقرير توفير معلومات ومراجع عن البدائل العلمية الاكثر امانا لمعالجة النفايات الطبية والتي يمكن استخدامها واعتمادها في المستشفيات السودانية. 1- محارق نفايات المستشفيات طبيعة المشكلة: ان معظم النفايات الصادرة عن اي مستشفى او مركز طبي ليست نفايات معدية او ملوثة ولا تشكل خطراً بالضرورة على الصحة العامة او البيئة فالورق والبلاستيك وبقايا الطعام وغيرها من النفايات العادية الصادرة عن اي مستشفى مشابهة لتلك الصادرة عن الفنادق او المكاتب او المطاعم، لا سيما وان المستشفيات تقوم بجميع هذه الوظائف في معظم دول العالم تتراوح نسبة النفايات الخطرة او المعدية بين 51 و02 في المائة من مجمل نفايات المستشفيات هذه النسبة تختلف بين الدول الصناعية والنامية الا انه معروف ان الاغلبية العظمى من النفايات الناتجة من المستشفيات ليست معدية، وهي لا تتعدى العشرين بالمائة عادة، بالتالي وعلى الرغم من المزايا الخاصة التي تتمتع بها مرافق العناية الصحية حول العالم، من الممكن ادارة معظم النفايات الطبية باستخدام تقنيات التقليص والفرز واعادة التدوير نفسها المعتمدة في المنازل والمكاتب. نستطيع ان نصنف نفايات المستشفيات الى اربعة انواع: ٭ نفايات باثولوجية او معدية. ٭ نفايات خطرة. ٭ نفايات مشعة. ٭ نفايات عامة اخرى. لا يوجد شك من ان نفايات المستشفيات الملوثة بيولوجيا كالاعضاء المبتورة والبقايا التشريحية والادوات الجراحية الملوثة بحاجة لعناية خاصة لتفادي انتقال اية عدوى. هنالك قلق متزايد من امكانية انتقال الامراض المعدية كالسيدا «نقص المناعة المكتسب» وفيروس الكبد الوبائي لذا فإن نفايات المستشفيات ليست كالنفايات المنزلية وهي تتطلب بالتالي معالجة خاصة، ولكن يجب التركيز على ان هذه الفيروسات تدمر بسرعة بعد مغادرتها للجسم المضيف، وبالتالي فإنه بغياب الادوات الحادة كالحقن فإن فرص انتشارها تبقى ضئيلة جداً. ويشرح د. بول كونيت من جامعة ساينت لورالنس في كانتون، نيويورك يفترض بالحرق اتلاف المواد التي توجد فيها المواد المعدية كالورق والورق المقوى والبلاستيك والزجاج والمعدن، في اثناء هذه العملية يتم توليد الغازات الحمضية «بفعل البلاستيك الكلوري الموجود» ويتم تحرير المعادن السامة «من الملونات والاضافات الموجودة في الورق والبلاستيك وغيرها من المواد الاخرى كالبطاريات، الخ» ويتكون الديوكسين والفوران «من اية مادة كلورية موجودة في النفايات» ان هذه المشاكل الكيميائية المميزة ليست ناتجة عن النفايات الطبية بحد ذاتها بل من هذا «الحل المفترض». ان الحرق غير الضروري لبلاستيك polyvinl cloride pvcوالورق والبطاريات وغيرها من المواد غير المعدية يؤدي الى توليد الديوكسين وانبعاثات الزئبق بالاضافة الى الفوران والزرنيخ والرصاص والكادميوم وانتاج رماد يحتاج بدوره الى المعالجة خاصة كونه يعتبر نفايات خطرة. حتى ولو احرقت نفايات المستشفيات في فرن حرارته C800 وتم تعريضها لعملية احتراق ثانية بحرارة 1000 C فإن المحرقة لن تدمر كل الجراثيم الموجودة فيها وقد خلصت مجموعة من العلماء بعد ايجادها معدلات مرتفعة لانواع من البكتيريا في الغازات الصادرة من محارق نفايات المستشفيات الى ان المحارق قد لا تشكل الطريقة المطلقة او المثلى لتعقيم النفايات الطبية. ان التلوث الصادر من محارق النفايات الطبية مرتفع جداً وفي دراسة قامت بها الوكالة الاميركية لحماية البيئة اعتبرت محارق النفايات الطبية مصدرا اساسيا للتلوث بالديوكسين والزئبق في بيئة البلاد ومخزونها الغذائي، ولذلك يتحول حرق النفايات الطبية في الولاياتالمتحدة الى تكنولوجيا بائدة، ويساهم في ذلك ايضا كون بدائل الحرق اكثر فائدة اقتصادياً. ففي عام 6991م اعلنت منظمة الصحة العالمية ان الديوكسين هو مادة سرطانية وفي وقت مبكر من هذا العام اوصت المنظمة بخفض المعدلات المقبولة التي يتعرض لها الانسان من 01 بيكوغرام/ كيلو غرام من وزن الجسم في اليوم الى 1-4 بيكوغرام وحتى هذا فإنه يعكس المعدل الموجود في جسم الانسان وليس ما يمكن اعتباره «آمنا». وقد خلصت الوكالة الاميركية لحماية البيئة في تقريرها حول تقييم الديوكسين، انه مادة سرطانية وتقدر الوكالة خطر التعرض للسرطان مباشرة من الديوكسين بنسبة 1 إلى 001 من معدل تراكمه في الجسم ونصحت الوكالة بعدم وضع جرعات محددة للديوكسين. ان الجرعات المحددة هي وسيلة لوضع حد اقصى حيث لا يتسبب التعرض لنسب دونه الى خطر التعرض للسرطان. الديوكسين: يشكل حرق النفايات الطبية وفقا للوكالة الاميركية لحماية البيئة احد اهم مصادر الديوكسين والديوكسين هو الاسم الشائع لمجموعة من 57 مادة كيميائية لا استعمال تجاري لها انها نفايات سامة بحتة تتكون عند حرق النفايات التي تحتوي على الكلور او اثناء تصنيع المنتجات التي تحتوي الكلور، ويشكل بلاستيك ال PVC المصدر الاساسي للكلور في النفايات الطبية. ينتقل الديوكسين في الهواء ويدخل في السلسلة الغذائية في مناطق بعيدة عن مكان اصداره وتشكل اللحوم ومشتقات الحليب والبيض والاسماك المواد الغذائية الاساسية التي ينتقل الديوكسين عبرها، وهي الوسيلة الابرز 09% لتعرض الانسان لهذه المادة، ويتراكم الديوكسين في الانسجة الدهنية، وبسبب النسبة المرتفعة من الدهون في حليب الام يتعرض الاطفال الرضع للديوكسين بنسبة تفوق خمسين مرة اكثر من الراشدين، وقد يحصلون خلال فترة الرضاعة على اكثر من 01% من نسبة ما يتعرضون اليه من الديوكسين خلال حياتهم بكاملها، وفي هذه الفترة يكون الاطفال اكثر عرضة لتأثيرات المواد السامة في الديوكسين. ويتسبب الديوكسين: أ- السرطان من المثبت علميا ان الديوكسين يسبب السرطان لدى الانسان وفقا للوكالة الدولية لابحاث السرطان INTERNATINAL AGENCY FOR RESEARCH ON CNCER وتم ربط تأثير الديوكسين بسرطان الكبد والرئة والمعدة والانسجة الرقيقة والضامة بالاضافة الى الورم اللمفاوي. ب- التأثير على جهاز المناعة يؤدي التعرض بنسب صغيرة للديوكسين الى ضعف المقاومة ضد الامراض التي تسببها البكتيريا او الفيروسات او الطفيليات. ج- التأثير على التناسل والنمو، يؤدي تعرض الحيوانات الى الديوكسين الى اضعاف الخصوبة وتقليص عدد الجراء في البطن الواحدة وعدم اكمال فترة الحمل الطبيعية، اما تعرض الانثى الحامل فيؤدي الى ولادة اطفال يعانون من تقلص مستويات هرمون التستوستيرون الذكري وتناقص اعداد الحيوانات المنوية بالاضافة الى عاهات خلقية ومشاكل في التعلم، وتعرض الاطفال الرضع لنسب مرتفعة من الديوكسين من حليب الام يؤدي الى خفض هرمون التيروييد الضروري لنمو طبيعي للدماغ. ان تعرض الرجال لمادة الديوكسين مرتبط بخفض نسبة جنس الاطفال لصالح الفتيات على حساب الصبيان في نسلهم والذي يستمر اثره عدة سنوات بعد تعرضهم للديوكسين. د- الخلل الهرموني: يعمل الديوكسين كالهرمون حيث انه يرتبط بأجسام التلقي ويخل بالنشاط الجيني في الخلايا، وبما ان الهرمونات البشرية قد تتأثر بنسب تبلغ اجزاء من الترليون «مليون مليون» تستطيع كميات صغيرة من الديوكسين التسبب بسلسلة تفاعلات في الجسم. نواصل