تحدثنا في الحلقة السابقة عن أحداث مصنع الشفاء، لماذا لا يحاول صلاح إدريس بناء المصنع مرة أخرى؟ الخطة أولاً أن يُبنى هذا الصرح ويقوم ثانيةً، لكن الظروف لم تكن مواتية لذلك من ناحية مالية "علشان نريح الناس"، ومن ناحية حضورية الفترة التي قضيتها في (سويسرا)، إن شاء الله شهر أغسطس من العام الجاري ليس هذا وعداً ولكنه أمل أن تبدأ فيه من جديد. هل لديك مشاريع مستقبلية تنوي أن تبنيها في السودان خلتال الفترة القادمة؟ كثيرة. مثلاً؟ كثيرة جداً، أخونا دكتور نافع علي نافع كان معنا قبل أيام بالمملكة السعودية، وحرصت على أن أعرض عليه أشياء ليس كسياسي أو أخ عزيز علينا ولكن من ناحية مهنيته التي غلبت عليها السياسة التي غطتها قليلاً، بل كأحد العلماء والمختصين في الجانب الزراعي، هناك شيء لا أستطيع أن أفصح عنه أبداً، ولكن سيكون مؤثراً جداً، أخطرت به وجدي ميرغني. تريد أن تدخلا في شراكة مع دكتور نافع علي نافع؟ أتشرف بأن أشاركه. هل هو صديقك؟ "أخوي"، جمعتني به السياسة، كنت في اجتماع في العام 1992م، ومن ذلك الوقت كنت حريصاً على أن أُنمِّي علاقتي به. هنالك حديث أن صلاح أحمد إدريس يَمُنُّ على بعض الذين أنفق عليهم أو حل ضوائقهم، أو ساهم معهم إذا اشتعل الصراع والعراك والخلاف معهم؟ حاشا لله أن أكون كذلك، وأسأل الله أن أستمر على ما أنا عليه، لو كنت أمتنُّ لوافقت للسيد الصادق المهدي أن يأتي لي بمبارك الفاضل منكسراً ليعتذر لي. هذه المسألة منتشرة في الوسط الرياضي، بأنك قدمت عوناً لبعض الجهات واختلفت معها استخدمت ذلك الكرت "المن"؟ هذا كلام غير صحيح، ونحن نتكلم عن الفترة السابقة لما ذكر أن هنالك صحفيين مرتشين، الكلام ده طلع من بعض الناس الذين يجهلون الحالة الاجتماعية. *هل الصحفيون الرياضيون مرتشون فعلاً؟ والله لا أعلم، وأي شيء أقوله أُشْهِدُ الله عليه، أعلم أن المجتمع الرياضي يعج ويضج بترابط اجتماعي وترابط تكافلي مميز جداً، ويجب أن لا نتكلم كلاماً مُطلقاً أبداً. *لماذا لم تنضم لحزب المؤتمر الوطني؟ قلت لدكتور نافع في وقت من الأوقات، بعدما أثير هذا الحديث: إذا انعدمت الأحزاب أنا لن أكون "مؤتمر وطني". *وماذا كان رد دكتور نافع؟ قال لي: (نحن ذاتو ما عايزنك). *لكنك تقوم بأدوار مهمة لحزب المؤتمر الوطني؟ في التعامل مع العمل السياسي والعمل العام يجب أن يكون هنالك أفق واسع وإدراك كبير، أحب أن أقوله إن هذه الحياة عبارة عن مباراة بتاعة شطرنج. *يعني الحياة ليست (دافوري)؟ نعم، هي مباراة متقدمة جداً بتاعة شطرنج. *بمعنى؟ في حديثنا العادي بقولوا ليك "أعرف خاتي كراعك وين"، والحياة قائمة على هذا الأساس لعبة الشطرنج، وعمق التعامل، والهدوء واحترام كافة الأطراف، أعطِ كافة الأطراف حقها ستصل إلى نتيجتك التي تريدها. ماذا كانت إجابتك لدكتور نافع بعد أن قال لك: (نحن ما عايزنك معانا في الحزب)؟ قلت له: أنا أديت أدواراً كبيرةً جداً قرَّبت بينكم وبين معارضيكم، ووصلنا لاتفاقية جدة وأعقبتها اتفاقية القاهرة. *كنت طرفاً في اتفاقية القاهرة إذن؟ لم أكن طرفاً فيها ولكنها كانت المرحلة التالية لاتفاقية جدة، ولو كان لي دور في اتفاقية القاهرة لكان هنالك اختلاف كبير جداً، اتفاق جدة حل كامل، والقاهرة كان الاتفاق فيه على وظائف ومكاسب واقتسام للسلطة، ورد لي دكتور نافع قائلاً: (إنت عارف) نحن لماذا لا نريدك؟ قال لي: نحن نريد أن يكون مثلك في الأحزاب (التانية)، وحديثه يقودنا لشيء مهم جداً وكبير، أنا تعاملت مع كل السياسيين. *إنت مع مين؟ مع البلد والمجتمع السوداني. يعني ما مع مصالحك الشخصية؟ لا مصالحي إذا ما كانت في صالح البلد (مافي فايدة منها). أنت تؤدي هذه الأدوار السياسية لتنمية وحماية مشاريعك الاقتصادية داخل السودان؟ أبداً، ولن أقبل في يوم من الأيام أن أذهب إلى مسؤول وأقول له (أديني)، أنا طبيعتي لا تقبل ذلك، وإذا أنا (بحافظ) عليها كانت هنالك أشياء كثيرة لم تقف كما تقول. *هل فكرت في رئاسة الحزب الاتحادي الديمقراطي؟ أنا طالع منو أبقى رئيسو كيف. *في السابق يعني؟ لا.. أبداً، بالعكس السيد محمد عثمان كان قال لي في وقت من الأوقات إنه يريد أن يُعيِّن مجموعة من المستشارين الذين يُشرفون، يكفي أن فيهم الطيب صالح، لكن لم (أشوف نفسي في المكان ده). *ولا منصب الأمين العام لحزب؟ إذا كانت الحكاية هذه فيها صالح للبلد أولاً والحزب بتتعمل، كان جاءني كلام عن الترشيح لوزارة، وكان الناس يتكلمون أن صلاح إدريس سيُعيَّن وزيرا، أبداً لم أضعها في بالي، ولما تكلم معي السيد محمد عثمان قلت له بأنني ما عندي رغبة، أنا حياتي ممتعة بالنسبة لي عندما كنت صغيراً هناك وظيفتان (ما كنت حابب) أفكر بهما. *ما هما الوظيفتان، ولماذا بالتحديد؟ ضابط، وطبيب، لأن وقتك لن يكون ملكك وأنا أريد أن يكون وقتي ملكي، من خلاله أخدم من أشاء، وأكتب وأغني، وما إلى ذلك. *هل فعلاً السيد محمد عثمان الميرغني من أغنى أغنياء السودان؟ الغنى غنى النفس، وإذا تكلمنا عن غنى النفس فإن السيد محمد عثمان من أغنى أغنياء السودان، أما الغنى الآخر، فمن المعروف أن وضعه المالي جيد، وما عندي حق أتكلم عنو. *أنت تتعامل مع السياسيين بلا أسوار، من أين اكتسبت هذه الحيوية والطلاقة مع كافة القوى السياسية؟ من الخلو من الغرض الشخصي، والصدق، أنا بستغرب في شي واحد، الشيخ حسن الترابي في الفترة من 2011م كان عندي مناسبة، جاءني أخونا عصام الترابي قال لي شيخ حسن يبارك لك ويقول لك إنه ما بقدر يجي ومعاهو ضيوف، وقال لك تجي تفطر معاهو بكرة، قلت ليهو مناسبتي دي وأهلي ناس شندي ديل دايرين الفطور لازم أفطر معاعهم، لكن كلموا وقول ليهو بكرة الظهر شوف أجيك وين، فرجع لي عصام الترابي، وقال لي الشيخ بقول ليك تعال له بكرة في المركز العام، ومشيت الساعة إتنين، ودخلت عليه لقيت معه الشيخ إبراهيم السنوسي، وخرج السنوسي وشيخ حسن قال لي أنا عايزك في موضوع، حاولت أكثر من مرة أقابل السيد محمد عثمان الميرغني، ووسطت أكثر من شخص ولكن لم يتم اللقاء بيننا، وعايز أقابل السيد وعايزك تساعدني في المسالة دي. *ماذا كان ردك لحسن الترابي؟ سألته عن ما إذا كان يريد أن يتحدث في أمور خاصة أم يريد أن يتحدث عن السياسة قال لي الإتنين قلت له لا تقابله ولا أنا سأتحمل هذه المهمة قال ليه، قلت له لأنكم مختلفين تماماً، السيد محمد عثمان ضد المحكمة الجنائية، وأنت معها يعني حتتفقوا كيف، "دي مش خط أحمر دي ولا باريلف زاتو". *وماذا كان اقتراحك على شيخ حسن الترابي؟ قلت له حتى إذا قابلت السيد واتفقتما مشاكل البلد سوف تظل موجودة، لماذا لا تتقابلون أنتم الأربعة، إنت، والرئيس البشير، والسيد محمد عثمان، والإمام الصادق المهدي، قال لي كويس، بعدها مشيت للإمام الصادق المهدي، وقابلت دكتور نافع ليعكس الأمر للرئيس، وصراحة الشيء الذي يفترض أن يحسبه الناس ويقدروه أن حزب المؤتمر الوطني يعمل عمل مؤسسة. *عكس الاتحاديين؟ يمكن أن يكون عكس الاتحاديين لا ليس بصورة مطلقة، والموجود في الحزب الاتحادي موجود في حزب الأمة هذه حاجة موروثة ولكن لا بد من تغييرها. *وماذا قال لك الإمام الصادق المهدي؟ السيد الصادق رجل محاور ممتاز جداً، وقال لي يا أخ صلاح لماذا لا يكونون خمسة وليس أربعة بس قلت له الخامس منو؟ قال لي أخونا محمد إبراهيم نقد، وأنا سعدت بهذه الملاحظة جداً جداً.. وثانياً إذا أنا صلاح الذي لا يساوي أي شيء أمام هؤلاء الأشخاص دي وبحاوروني بهذا العمق وهذه الأريحية ما عشان صلاح وإنما في الإطار العام بتاع السودان الناس ديل لماذا لا يتقابلون مع بعضهم البعض، لماذا شيخ حسن يتناقش معاي ويقبل مني ومنو، كثرت التواصل تزيل الخلافات والوسيط مهما كان يمكن أن يزيل الخلافات أو ينقصها.