يشهد العالم تغيُّرات مناخية واضحة تعتبر المشكلة الأكثر أهميةً وتحدياً للعالم أجمع، وتلتف جميع دول العالم بلا استثناءٍ مع بعضها البعض لاتّخاذ التدابير اللازمة لإيقاف هذا الجنوح غير المسبوق في أشكال الطقس والمناخ منذ عقود عديدة، حيث من المتوقع أن تزداد موجات الحر والجفاف والمطر الشديد ومخاطر الفيضانات، ممّا يُهدِّد النظُم البيئية والمُستوطنات البشرية والصحة والأمن, وربما يكون الأسوأ قادم !! إن لم يلتزم العالم بالحد من انبعاثات الكربون الصناعية، الذي يتسبّب في ذوبان الجليد وحُصُول فيضانات وغَمر جُزر ومُدن ساحلية بالكامل بالمياه.. كما أن للتصحر والجفاف نتائج كارثية مُتوقّعة نظراً لارتفاع درجات الحرارة، حيث سيفقد البشر مساحات زراعية واسعة.. إضافةً إلى ذلك، ستكون الغابات الكُبرى مُهدّدة بحرائق تأتي عليها وتقتل كل ما يقطنها من نباتات وحيوانات ذات أهمية بالغة في الحفاظ على النظام البيئي كما حدث في غابات الأمازون في العام الماضي! علاوةً على ما يرافق ذلك من تلوُّث الهواء والترب !! وهنا في السودان، رصد الخبراء الكثير من التغيُّرات التي ظهرت على البيئة في السودان بسبب تغيُّر المناخ، منها أنّ هطول الأمطار بات يتأخّر عن موعده أحياناً وتطول فترة الهطول إلى شهر نوفمبر مما خلق ارتباكاً في مواسم زراعة المحاصيل!! كما ارتفعت درجة الحرارة في الصيف الماضي ارتفاعاً غير مسبوقٍ مما جدّد الخوف من السيناريوهات المُحتملة للتغيُّرات البيئية! ونحن بلد هشٌ بيئياً!! حيث نُعاني من تدهورٍ بيئي مُريعٍ ومُطردٍ في بيئاتنا الطبيعية مما يعني أن التغيُّرات المناخية ستخلق ثورات مُختلفة من الجوع والحرمان والاحتقانات والصراعات على الموارد، ما لم نتجاوزها ونُوفِّر آليات مُعالجة التغيُّرات المتسارعة! بمثل مشروع خفض انبعاثات الكربون الناتج عن القطع الجائر وازالتها احدى اهم الآليات المطلوبة للتحكم في هذه التغيرات المناخية وذلك بإيقاف القطع الجائر للغابات الذي اصبح ظاهرة تطال الغابات بالسودان من جميع فئات المجتمع اهلية حكومية نظامية!! في جهل غريب باخطار ازالة الغابة وقطع اشجارها ويشجع ذلك قوانين ضعيفة غير رادعة وعدم حماية الغابات بوسائل أمنية او انشاء وحدات أمنية لديها سلطة الردع!!! فالغابات هي رئة الأرض التي تتنفس بها إذ إنها المصدر الرئيسي لامتصاص غاز ثاني اكسيد الكربون والغازات الضارة الاخرى وهي تعمل على اطلاق الاكسجين النقي وفلترة الهواء وترسيب الغبار بالاضافة الى دورها الجمالي في الطبيعة فبها تسر العيون وترتاح النفوس وتذهب الهموم وداخلها تنام الطيور وتزهو الفراشات وتمرح الحيوانات وتحافظ على دورة الطبيعة كما خلقها الله لتبقى وتنمو لا لتدمر وتفنى، والأخضر هو لون الحياة والفرح وبلاد بلا خضرة هي بلاد بلا حياة ولا حياء من الله الذي وهب والإنسان الذي دمر وحرق وقتل الطيور وشرد الغزال وعكر المياه الصافية وداس على الفراشات لكي يبني من أغصان الطيور مساكن ويزرع في تربتها ويحرق عيدان الورد لكي يتمتع بالطبخ والشواء، إنسان بلا مشاعر إنسانية ولا إحساس بالجمال إنسان لاينظر للغد ويغير في ما خلق الله ويبدل في دورة الحياة والارض التي خلقها الله لكي ننتفع بها وأجيالنا القادمة هذا الانسان يستحق ان يعيش في صحراء ويتنفس الغبار ويتلظى بحرارة الشمس .. يمثل خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها، إلى جانب الإدارة المستدامة للغابات، وتحسين مخزون الكربون (المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها) جزءاً أساسياً من الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ. وتوفر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الدعم للبدان النامية فيما يتعلق بعمليات المبادرة المعززة، وتحويل التزاماتها السياسية، وفقاً لما تم تمثيله في الإسهامات المقررة على المستوى الوطني، إلى أعمال على أرض الواقع! ولعل ما يأتي في صلب هذه الأعمال الغابات ودورها الرئيس الذي تلعبه في تخفيف تغير المناخ من خلال إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزينه في الكتلة الحيوية والتربة. ما يعني أيضاً أنه عند إزالة الغابات أو تعرضها للتدهور، قد تصبح مصدراً لانبعاثات غاز الدفيئة إذ تطلق ذلك الكربون المخزن! وتقول التقديرات أن الغاز الناجم عن إزالة الغابات وتدهورها يشكل قرابة 11 في المائة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على المستوى العالمي!! وإن كبح إزالة الغابات يشكل عملية فعالة مقابل تكلفتها إذ تعطي تأثيراً جلياً في الحدّ من انبعاثات غاز الدفيئة! و هذا ما تقدمه منظمة الأغذية والزراعة دعماً لتنمية القدرات وفقاً للاحتياجات النوعية لكل بلد لكي تصبح "مستعدة للمبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن تلك الازالة!!! ويمثل المشروع الوطني لخفض الانبعاثات ومايحويه من الخبرات الفنية في التقييم والقياس والرصد وإيجاد فرص حفظ كربون الغابات وإدارته وتحسينه مساهمة كبيرة وضرورية لتحقيق أهداف اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ!! خاصة أن الغابات في العالم تتناقص بشكل كبيرعاما بعد عام فقد أشارت ال (FAO)إلى أن مساحة الغابات العالمية تتقلص بمعدل (9) ملايين هكتار سنوياً. ففي فترة التسعينيات لوحدها فقدت إفريقيا حوالي 3,7 مليون هكتار من الغابات. ونحن في السودان بعد انفصال ورحيل الجنوبيين بغاباتهم وأمطارهم أصبحنا في الصقيعة دون انتباه!! أوضح المسح العالمي لموارد الغابات للعام 2010 بأن مساحة الغابات في السودان قد تقلصت من حوالي 76.4 مليون هكتار في العام 1990م إلى 69.95 مليون هكتار بنهاية عام 2009م مما يعني بان غطاء الغابات قد تدنى من 32.1% إلى 29.4% من المساحة الكلية للبلاد.وحسب تقرير إدارة الغابات "تعرض غطاء الغابات في النصف الاخير من القرن العشرين للاستغلال المفرط في أواسط السودان خاصة في إقليمي السافنا تحت ضغوط هائلة من القطع الجائر لتلبية احتياجات البلاد للطاقة والتوسع الزراعي المخطط وغير المخطط والرعي الجائر بأعداد تفوق طاقة المرعى. وبذلك تفاقمت مشكلة الجفاف والتصحر وما نجم عنهما من نزاعات حول الموارد الشحيحة وأضحت أكبر مهدد للأمن القومي" ان هذا التقرير يظهر الاهمية الكبيرة لوجود الغابات وادوارها الاقتصادية والحيوية مما يتطلب ان تعمل الدولة على تضمين الثروة الطبيعية ضمن حسابات الثروة القومية وبالارقام لكي يتم معرفة الفاقد من الناتج القومي في حال تدهور اي من قطاعات الثروة الطبيعية فإذا كانت الغابات لا تستطيع الكلام فالفاقد بالارقام يقرأ بوضوح!! تقدر وزارة المالية (2006) مساهمة قطاع الغابات في إجمالي الناتج القومي ب 3.3% اعتماداً على إيرادات الصادرات الغابية. علماً أن في ذلك تقليلاً كبيراً من دور قطاع الغابات وحجم إسهاماته القومية التي لم تضمنها وزارة المالية حساباتها وقد أدى عدم تقدير إسهام الغابات بصورة صحيحة في الدخل القومي إلى ضعف تمويل برامج تنميتها. يمكن لمشروع خفض انبعاثات الكربون أن يكون فرصة جيدة لتجديد الغابات في الأراضي المتدهورة أو تلك التي أزيلت الغابات منها أن يزيل أو يخفف ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي! بإيقاف اي شكل من أشكال قطع الاشجار خاصة للاغراض التجارية!! والتي برعت فيها القوات العسكرية بمساعدة المواطنين حول الغابات!! مما يؤهل للإدارة المستدامة للغابات!! مثل إعادة زراعة المناطق المتدهورة أو التي أزيلت منها الغابات و ذلك عن طريق السماح بتجديد أراضي الغابات بشكل طبيعي و وبمشاركة المجتمعات حول تلك الغابات!! والمحافظة علي الغابات المتبقية وحمايتها من مزيد من التغول!! أن هذا المشروع القومي بالغ الاهمية وفرصة مقدرة في زمن ضائع في الحفاظ علي وجود حياة طبيعية لنا وحفاظا على حق الاجيال القادمة وتعزيز فرصها في أن تعيش في بيئات مناسبة!! لذلك علي وسائل الاعلام ان تقف وتدافع عن ذلك الأمل في الحفاظ علي الاشجار والغابات التي تقطع تحت سمع وبصر الجميع بجهل وانانية!! ان الوطن مهدد في سلامته الطبيعية وثروته التي حباها به الله !! ان تأميننا في حماية ثرواتنا الطبيعية وتعويضها ممن تسبب في فنائها امر وطني يجب ان يعمل الجميع عليه!!