** بالخرطوم اليوم - حسب وعد بعض سادتها- ترتيب لمشروع إسلامي جديد، بحيث يكون هذا المشروع بديلاً للأمم المتحدة ومجلس الأمن، والحركة الإسلامية السودانية هي التي ترتب - مع نظيرتها في العالم - لهذا المشروع، هكذا الحدث والحديث، أو فلنقل : هكذا الخرطوم اليوم .. ندع الخرطوم ووعد سادتها، وننظر شمالاً..بالقاهرة اليوم - ليس وعداً، بل بياناً بالعمل - يجتمع الرئيس مرسي بالرئيس التركي وأمير قطر ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس لبحث ومناقشة كيفية إعادة السلام بقطاع غزة..تأمل مائدة هذا الاجتماع المهم جداً، إذ تضم ثلاثة أنظمة - عربية وإسلامية - ورابعها حركة إسلامية أيضاً.. فلنسأل : ما موقع حكومة الخرطوم الإسلامية عندما نعرب تلك المائدة؟.. ** بملاعب أرقو السير، كان ود جبريل أهم لاعب في منتخبنا..لم يكن مهاجماً ولامدافعاً ولا لاعب وسط ولاحارس مرمى، ولكن اللوائح التي تنظم المنافسة كانت تلزم الفرق بتجهيز شاب أو صبي لأداء (مهام مهمة جداً)،ولا علاقة لها بما يحدث في الملعب..والتزماً بتلك اللوائح كنا نجهز ود جبريل - من نص النهار- ونتفق معه على المعلوم، ليتفرغ لتلك (المهام المهمة جداً)..وعندما ننزل أرض الملعب، وبعد توزيع المواقع والمهام، وقبل صافرة البداية، ننظر إلى الموقع الذي يجب أن يكون فيه ود جبريل ونطمئن على وجوده، ثم نلعب..وكان ود جبريل يقف خلف مرمانا مباشرة، لإحضار الكرات الطائشة - من المزارع المجاورة - بالسرعة المطلوبة..فالملاعب هناك تتوسط المزارع ذات الضريسة، وأحياناً تكون مروية، ولم يكن من السهل إيجاد متطوع يحتمل وحل الطين وطعن الضريسة ليأتي بالكرات الطائشة لحارس المرمى، ولذلك كانت تلزمنا لائحة المنافسة بتجهيز ود جبريل كأهم لاعب خارج الملعب.. وكنا نجزل له العطاء ..!! ** الله يطراه بالخير، غادر ود جبريل إلى الرياض متغرباً، وتاركاً حكومة بلاده لأداء تلك (المهام المهمة جداً)..حكومة ذات نظام إسلامي، كما الأنظمة المجتمعة بالقاهرة، وكذلك تدعي عروبة تفوق عروبة تلك المجتمعة بالقاهرة، بل - يعني كمان - فلسطينية أكثر من حركة حماس ذاتها..ومع ذلك، يتجاوزونها - زي الترتيب - عند أي لقاء يناقش إحدى قضايا فلسطين الساخنة..والمدهش لحد إدهاش الدهشة ذاتها، هو أن حكومة الخرطوم راضية بأن يكون موقعها في منافسات القضية الفلسطينية (وراء الشبكة )، وليس في هذا ما يعيب، إذ كل ميسر لما خلق له، ولكنها - للأسف - لاتكتفي بالمشاهدة ثم التصفيق أو التصفير كما تفعل بقية الجماهير، بل تتنطع وترهق ذاتها وتذل شعبها وتتطوع بأداء تلك (المهام المهمة جداً)، والتي كان يؤديها ود جبريل، وتغامر مثله وتتحمل ( ضريسة اليرموك) و(وحل السوناتات)، ولكن بلا ثمن..أي حكومتنا تختلف عن ود جبريل بأنها (تلقط الكرات الطائشة )، بكل ما فيها من وعثاء الجري في (الطين والضريسة)، بلاثمن.. هي مؤهلة - بحكم علاقتها المعلنة بصناع الحدث في فلسطين - بأن تلعب دوراً إيجابياً وفاعلاً في ملاعب السلام التي تعدها مصر وقطر بين الحين والآخر.. نعم، هي مؤهلة .. ولكن ربما حدود ثقتها في دبلوماسيتها، أو حدود اعتراف الدول العربية بعروبتها، لا تتجاوز أداء تلك (المهام الخاصة جداً) ..!!