مع اقتراب شهر رمضان المعظم وتعطير رائحة الحلومر لأجواء البيوت السودانية، وان بدأت الظاهرة في التلاشي شيئاً فشيئاً، واصبحت (عواسة الحلومر) نوعا من الترف، لا تقدر عليه سوى الاسر متوسطة الحال، ومن سوء حظ السودانيين من ذوي الدخل (المهدود) الذين لا يستطيعون ل(عواسته) سبيلاً، داخل عليهم رمضان والمدارس في (ماهية واحدة)، وطبعاً المواطنين بقوا (حواة عديل كده)، بممارسة سياسة (دا في طاقية دا)، والنكتة المأثورة عندما طلب الطفل من والده (5) جنيهات لمشاهدة الحاوي في المدرسة، زجره وقال له (ياولدي الحاوي منو عليك الله الماشي تشوفو دا ولا أنا العايشكم بمرتب 500 جنيه قوم بلا يخمك). وبينما موظف من مهدودي الدخل محاصر و(مزرور) لتوفير مستلزمات رمضان والمدارس، و(نومو بقي خزاز خزاز)، اذا بزوجته تدخل عليه من الجيران (المرطبين)، وملامح وجهها متغيرة تماماً، الراجل طوالي التفت نحوها ووجه لها سؤالاً( خير يا مرة ان شاء الله مافي عوجة)، فردت عليه (والله يا اخوي العوجة بايتة ومقيلة، انت عارف ناس فلانة جارتنا بجهزوا في موية رمضان قبل (100) يوم لأهل راجل بتهم وكلفتهم (7) ملايين جنيه ، انت ياخ حلومر غالبك)، الراجل المسكين جر تنهيدة طويلة وقال لها باندهاش، ليه (اصلوا نسابتهم ديل عايزين يعملوا مائدة الرحمن ولا شنو)، فغادر المنزل هرباً من الزرزرة الزوجية وقال (الله غالب). الزوجة استغلت مغادرة زوجها و(تلفحت ثوبها وصوب جارتها الشمشارة)، وبدأت تسرد في تفاصيل موية رمضان بتاعة (جيرانها المرطبين)، وقالت ان مكونات الموية كالآتي:( حلومر، رقاق، كركدي، رز، بليلة، عجوة سعودية، تين، ذبيب، شرموط، ويكة، مفارش، حفاظة موية، جكاكة، صحانة، مصلاية، مصاحف، سبح،.. دا غير الحاجات الما اتذكرتها)، وطبعاً الحاجات دي كلها بالحجم العائلي، لكن أغرب ما شملته (شيلة موية رمضان)، امساكية للشهر المعظم مبروزة ومزركشة وبها منبه مضبوط على هذه الامساكية، (والله يا ناس الخرطوم عندكم المحن كل يوم بتورونا منظر). بعد جلسة شمارية مطولة تم فيها سرد التفاصيل، قالت زوجة الموظف لجارتها، (اتخيلي جارتنا بعد ما نادتني ورتني حاجات الموية دي عشان تتبور قامت اهدتني مصحف، طبعاً شلتو منها وقلت ليها في سري، كلام الله ما عندنا فيه قول لكن الفيك اتعرفت)، فطيبت جارتها خاطرها بكلمات وقالت لها:( فلانة اصلها كدا بتحب تتبوبر في حاجة ما تشتغلي بيها وربنا يرجينا رمضان طيبين ويقدرنا على صيامه وقيامه). هناك علاقة حب غريبة بين السودانيين والرقم (100) تحتاج الى دراسة عميقة تكشف هذا السر الغريب، مثلاً موية رمضان في ناس بجهزوها قبل (100) يوم من حلول الشهر الفضيل، واذا لاقيت زول سلم عليك يقول ليك (كيف الحال مية المية)، وبتاع محل الطعمية تلاقهو كاتب في البترينة طع 100)، والمعارضة اسع قبل ايام قالت عايزة تسقط الحكومة في (100) يوم، واذاعة الييت السوداني (اف ام 100) (الكتراااابة).