قطع عدد من الخبراء الاقتصاديين بتأثير خروج الشركات الأجنبية على مجمل النشاط الاقتصادي واضعاف قطاع الإنتاج الحقيقي وارتفاع الأسعار والتضخم وعجز الميزان التجاري وفقدان رؤوس أموال مقدرة وعزل السودان عن العالم بصورة تدريجية. وأكد الخبير الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين بروفيسور عصام بوب انهيار الوضع الاقتصادي بالبلاد، وأن الدولة لا تملك أي طاقات لسد عجز خروج الشركات الأجنبية في ظل الوضع الراهن لعدم وجود احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، مؤكدا الحاجة لتدفقات نقدية ودعم مباشر يقدر بحوالي (5 7) مليارات دولار لإعادة هيكلة الاقتصاد وإصلاح البيئة الإنتاجية، ولكن مع الوضع الاقتصادي الخانق والحصار الاقتصادي لا نستطيع توفيرها من قبل البنك وصندوق النقد الدوليين والدول الدائنة، مشيرا الى أن السودان غير مؤهل لتلك المساعدات لعدم معرفته بأوجه الصرف لذلك نتوقع أن يزداد الوضع سوءا. وقال بوب ل(السوداني) إن خروج الشركات الأجنبية من العمل التجاري بالبلاد بدأ منذ العام 2009م وهذا رغم ثبات سعر الدولار أمام الجنيه السوداني، ولكن الخروج بصورة مكثفة بدأ منذ إرهاصات انفصال الجنوب ودخول الدولة في مشاكل اقتصادية بسبب فقدان الموارد، وتم التخلي الكامل عن العمل ببداية العام 2012م بعد التأكد أن الأوضاع الاقتصادية تسير من سيئ لأسوأ مؤكدا أن وجود أزمة حقيقية تواجه معظم المستثمرين بالبلاد منها عدم تحويل أموالهم للخارج وهذا لا يتفق مع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتطلب تحريك الأموال من والى الدول التي يتم الاستثمار فيها مما يؤدي لعدم وجود فوائد اقتصادية، مؤكدا أن خروج الشركات يؤدي لفقدان رؤوس أموال مقدرة وعزل السودان عن العالم بصورة تدريجية، وقد حدث ذلك بالفعل مع فقدان القيمة الحقيقية للجنيه السوداني بفعل عوامل التضخم وتدني الانتاجية بصورة عامة، موضحا تأثير التغير المتصل في السياسات الاقتصادية على قدرات الشركات الأجنبية في المحافظة على القيمة الحقيقية لإنتاجها وتحويل أموالها للخارج وذلك بسبب اضمحلال قدرة المصارف الوطنية على تحويل الجنيه السوداني لدولار والانخفاض المتواصل لقيمة الجنيه أمام الدولار، إضافة لوجود عوامل سياسية لا يمكن تجاهلها ومنها التجديد المستمر للحظر الأمريكي على العمل الاقتصادي داخل السوق وخارجه، وهذا دفع الكثير من الشركات التي كانت لها مشاريع وتلك التي كان لها الرغبة في الاستثمار بالبلاد، إضافة لعدم الاستقرار السياسي ووجود معوقات طبيعية اقتصادية منعت تلك الشركات من التوسع في أعمالها الاقتصادية. وأكد الخبير الاقتصادي د.الكندي يوسف ل(السوداني) أن خروج الشركات الأجنبية يؤثر على مجمل النشاط الاقتصادي بالبلاد، مؤكدا دورها في إيجاد التمويل وفتح الاعتمادات وعدم قيامها بهذا الدور يؤثر على الانتاج الكلي للسوق، وبالتالي البحث عن فرص أخرى، وزاد: "إن انعدام التمويل يضعف القطاع الإنتاجي الحقيقي مما يخلق ندرة في السوق الداخلي وارتفاعاً في الأسعار ويرفع تنافسية السلع المصدرة ويزيد عجز الميزان التجاري، ويضعف مساعي الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، مشيرا لتوقف شركات الطيران الأجنبية، وتأثر الشركات المحلية بالإجراءات الاقتصادية الأخيرة وارتفاع تكلفة الوقود وغيرها. يذكر أن 31 شركة أدوية عالمية امتنعت مؤخرا عن التعامل مع السودان لحين سداد مبالغ الاعتماد المؤجلة والبالغة 90 مليون دولار، وسبقتها في ذلك شركات طيران أجنبية للأسباب التي أوردها د. الكندي في خاتمة حديثه.