يرى المشايخ المعتمدون مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني أن أول ما أوجبه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم هو الإقرار بالشهادتين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن "إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، ويرى الجيلاني أن الإقرار بالشهادتين يتضمن معرفة الله سبحانه وتعالى، وهذا هو مذهب السلف الذي خالفه جماعة من أهل الكلام والصوفية وبعض الفقهاء، فقد ذهب جماعة من هؤلاء المتكلمين والصوفية إلى أنه يجب على العبد المعرفة أولاً قبل وجوب الشهادتين (ومنهم من قال يجب القصد إلى النظر) ومنهم من أوجب الشك أولاً!. وقال الجيلاني: (فأما معرفة الله عز وجل فهو أن يلزم العبد قلبه قربه عزّ وجل، وقيامه عليه وقدره عليه وشهادته وعلمه به، وأنه رقيب حفيظ، وأنه واحد، ماجد، لا شريك له في ملكه.. ليس له شبه ولا مثيل، وأنه كاف رحيم، ودود، سميع، عليم، وأنه كل يوم هو في شأن، لا يشغله شأن عن شأن، يعلم الخفي وفوق الخفي، والضمير والخطرات والوسوسة والهمة والإرادة والوسواس والحركة والطرفة والغمزة والهمزة، وما فوق ذلك، وما دون ذلك، مما دق فلا يعرف، وجل فلا يوصف، مما كان وما يكون وأنه عزيز حكيم ....). وقال ابن العماد الحنبلي: قال ابن رجب "... وكان الشيخ عبد القادر متمسكاً في مسائل الصفات والقدر ونحوهما بالسنة، مبالغاً في الرد على من خالفها، قال في كتابه (الغنية) المشهور: (وهو بجهة العلو، مستو على العرش، محتو على الملك، يحيط علمه بالأشياء، (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)(فاطر: الآية10) (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(السجدة: الآية5). ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: الآية 5)وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال: ... وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل، بلا كيف، وذكر كلاماً طويلاً، وذكر نحو هذا في سائر الصفات، وهذا الكلام الذي نقله لنا ابن العماد الحنبلي عن ابن رجب يوضح لنا عقيدة الشيخ عبد القادر السلفية، وكيف أن الشيخ ابن تيمية متفق مع الشيخ عبد القادر في الكلام عن جهة العلو والاستواء على العرش والكلام عن سائر الصفات، فابن تيمية يكرر دائماً أنه لم يقل أحد من الأئمة: إن الله ليس في السماء ولا أنه ليس على العرش، وأن هذا هو اعتقاد الفرقة الناجية إلى يوم القيامة من أهل السنة والجماعة، فإنه يجب أن نؤمن بما وصف الله به نفسه في كتابه الكريم، وبما وصفه به رسوله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تأويل ولا تعطيل. وقد تكلم ابن تيمية عن مسألة صفات الله كلاماً يدور حول الاعتقاد السابق في كثير من كتبه ورسائله، منها على سبيل المثال لا الحصر (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) و(الفتوى الحموية الكبرى) التي تكلم فيها عما يجب الإيمان به وعن صفات الله في إجابته على استفتاه من مدينة حماة في هذه المسألة وغيرها، وفي رسالته (الإكليل في المتشابه والتأويل) وفي رسالته (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)، وفي كتابه (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول)، الذي وضح فيه الذي عليه فرسان الكلام والفلسفة، والذي عليه أئمة الهدى، ودافع عن نفسه ووضح أنه ليس من المشبهة كما يتهمه بعض العلماء، ووضح أقسام المسلمين في مسألة الصفات، وركز على الذي عليه أئمة الهدى. بروفيسور/ شوقي بشير عبد المجيد