المحروقات وما أدراك ما هي ، اهميتها ومحوريتها وتغلغلها في كل الانشطة والمجالات. وكل ذلك لم يشفع لها امام اهل الحل والعقد بعد ان بلع البرلمان تعهده برفض أية خطوة في هذا الاتجاه وبعد ان خرج علينا قيادي في الحزب الحاكم ليقول لا مناص ولا خيار سوى رفع الدعم عن المحروقات. اذن اختارت الحكومة التدخل ورفعت عنها الدعم في خطوة ستكون انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية فوق كل تصور. لن نتحدث عن احتجاجات شعبية او خلافه فهذا شأن اخر بل عن حتمية اتساع رقعة الفقر وخروجه عن السيطرة. تستطيع الحكومة تقديم ما تشاء من المبررات فالاقتصاد كعلم حمال اوجه يستطيع أي كان توظيفه لتمرير قرارات من الوزن الثقيل. لسنا في حاجة للتذكير بما سيتبع هذا القرار لان البلاد والعباد سيتاثرون به من "قولة تيت" لندع كل هذا جانبا ونقارب المسالة من زاوية اخرى أي الملابسات والاخطاء التي اوصلتنا الى هنا. وما اوصلنا الى هنا الا التجريب والقفز من سياسة الى اخرى واهمال الانتاج ووضع العصي في دواليبه والتغاضي عن ترهل جهاز الدولة والافراط في النفقات غير الضرورية واثقال كاهل الميزانية ببنود تخصم ولا تضيف الى عوائد الدولة أي شئ. نعم انهار اقتصادنا وفشلت الحكومة في ادارته على النحو المطلوب ، لا مبرر للتراجع المريع في قيمة الجنيه السوداني خاصة وان معظم ما يمكن قوله في هذا الجانب سياسي بامتياز. تحمل الاقتصاد السوداني من اعباء السياسة واخطاء الساسة ما لم يتحمله أي اقتصاد اخر في العالم. هناك مشكلة سودانية اصيلة في انزال القرارات من فوق دون اهتمام بما ستحدثه من دوي عند ارتطامها بالارض، فالسياسة يجب وضعها في خدمة الاقتصاد بما يدعم موارده ويزيد من قدرته على الصمود داخليا وخارجيا. بالعودة الى قرار رفع الدعم يجد المرء صعوبة في فهم اصرار الحكومة على تحميل الشعب المسؤولية دائما. نقول ذلك في ظل التمسك غير المبرر بالعبء المالي للنظام الفيدرالي ومناصبه التي ما انزل الله بها من سلطان. وعدم الوضوح كما وكيفا في ما يقال عن ضبط الانفاق ومحاصرة مصروفات الدستوريين، ونضيف تشوش البرامج المعنية بدعم الانتاج وتذليل العقبات امامه. لتأتي الحكومة على نفسها مرة ولماذا لا تكون الان، فهناك معالجات غير رفع الدعم يمكن اللجوء اليها اذا ما صححت اخطاء السياسة وسدت منافذ الفساد وحدد جدول بين للاولويات فما من دولة في العالم تدار بالمزايدات والعلاقات الشخصية مثلنا. لتسأل الحكومة نفسها لماذا فشلت في استقطاب الدعم والمساعدات الدولية دون ان يهب في وجهنا احد ليحدثنا عن المؤامرات والاستهداف "وما عارف شنو" ولماذا فشلت الحكومة في استقطاب المستثمرين وهل وصلها ما تفوه به مستثمرون ظنوا فينا خيرا قبل ان يكتشفوا الواقع المر. ستبدأ آثار رفع الدعم في الظهور سريعا ، ستقول الحكومة انها مستعدة او انها متيقنة من تفهم المواطن لدواعي رفع الدعم "ولسان حالها يقول هذا ليس اول دعم يرفع ولن يكون الاخير " مشوها باركوها وكلو بثوابو" وعجبي يا بلد.