دبروسة تكتسح التوفيقية بثلاثية في افتتاح كأس السودان بحلفا    "الميرغني" يرحب بتدخل ترامب لإنهاء الحرب    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    فى الطّريق إلى "الضّعين"، ف "أم دافوق": كيف يفكّرُ الجيش فى القضاء على "التمرّد"؟    دستة إلا ربع.. انها نتيجة مباراة وليس سلة بيض!!    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كاف" يخطر الهلال السوداني بقراره النهائي حول شكوى مفاجئة    الهلال يستهل مشوار الدوري الرواندي بمواجهة البوليس    يصرح ترامب وكل يفسر على هواه..ما كان قبل الفاشر لن يكون كما سيأتي بعده    أشهر ناشط في مجال العمل الطوعي بالسودان يعلن إعتزاله العمل الإنساني بعد أن أرهقته "الشائعات"    شاهد بالفيديو.. "البرهان" يطلق إصدار جديدة من حركة "الزردية" الشهيرة ويلوح بها أمام حشد غفير من المواطنين والجمهور: (شكلو كدة في فتك ومتك جديد جاي)    شاهد بالصورة والفيديو.. وزير الإعلام السوداني "الإعيسر" يشارك مطرب الحفل الغناء (في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز)    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    شاهد بالفيديو.. فتاة مصرية محجبة تعلن خطوبتها من شاب سوداني: (أنا فخورة بخطيبي وأهله ومبسوطة جداً إن الأولاد بطلوا يتابعوني وكل متابعيني أصبحوا بنات وأهل السودان على رأسي من فوق)    شاهد.. الفنانة ندى القلعة تمدح السعودية: (يا خادم الحرمين سلام وولي عهدك السعى للسلام) والقايداية بالحرية والتغيير حنان حسن تسخر: (أجي يا أخواني.. يا مثبت العقل والدين)    (المنطقة باسيادها)    ساهرون يكسب التحرير الكريبة بدوري مدني    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    انعقاد الجمعية العمومية لنادي الهلال الأبيض وسط أجواء مثالية    من هم دعاة الحرب؟    بوساطة من موسى هلال..الجيش يطلق سراح 43 من عناصر الميليشيا    حديث ترامب الذي قال انه سيفعل شيئاً بخصوص الأزمة في السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    إنهم يكذبون على انفسهم فقط    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    جعبوب يحرز برونزية الوثب العالي بدورة التضامن الإسلامي    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    حقق حلمه وكان دائماً ما يردد: "لسه يا قلبى العنيد لا شقيت لابقيت سعيد".. شاهد ماذا قالت مفوضية اللاجئين عن ظهور الشاب السوداني "مهدي" وهو يغني مع الفنان الشهير تامر حسني داخل أحد المصانع بالقاهرة    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظروف بتعدّى..ما تهتموا
نشر في الصيحة يوم 22 - 08 - 2024


عبد الحفيظ مريود
في العام 2017م، طلبتْ منّا القوات الخاصّة، التّابعة للجيش، إنتاج فيلم وثائقىّ عنها. شركتُنا "أوتِرِكْ" – التي تعني: القمر بلغة البداويت – شركةٌ صغيرة متواضعة، تقعُ في الطّابق الثالث من عمارة طلب بالخرطوم بحري. الوسيط قال إنَّ قائد القوات الخاصّة، يطلب كاتب السّيناريو، شخصيّاً، ولا تكفي المعلومات المكتوبة التي تمَّ تزويدنا بها. أرسل سيّارة بلوحات ملكيّة، فذهبتُ إليه في معسكر وقيادة القوّات الخاصّة، شمال أمدرمان، وسط الجبال.
القائد كان ضابطاً برتبة العقيد. اسمه الشّاهر عيسى الطّالب. كان ودوداً، مهذّباً ودقيقاً. بعد التنوير الضافي، ما يجب أنْ يُقَال وما لا يُقَال. ما يجب أنْ تعرفه أنت، وما يجب أنْ تكتبه، وجّه مدير معهد التّدريب، المقدّم الفادنىّ، بمرافقتي في جولة على معهد التدريب، برامج التّدريب، وما إلى ذلك. من خلال الجولة بالمعهد، والميدان، لاحظتُ أنَّ المتدرّبين كلّهم من شباب قوات الدّعم السّريع. سألتُه "……؟". أجاب بأنَّ هذه هي الدّفعة الكذائيّة منهم. يأتوننا خام، رؤوسهم ناشفة، نتّبعُ معهم منهج (الخير يخصّ..والشّرُّ يعمُّ). حين يغلط الواحد منهم، نعاقبُ المجموعة كلّها.. حين يقضون فترتهم يكونون قد أحكموا "العسكريّة"..
شايف كيف؟
ضمن التنوير، كانتِ القوّات الخاصّة هي التي صنعتِ الفرقَ في معارك تحرير هجليج من جيش جنوب السُّودان، عام 2012م. من بين مَنْ تولّى قيادتها: الزّبير محمد صالح، بكري حسن صالح، وأسماء لامعة، أخرى. ركبتُ مع السّائق ليعيدني إلى عمارة إبراهيم طلب ببحري. كان مساعداً في الجيش. الطريقُ طويلةٌ ولابدّ أنْ نتحادث. في كشفه، تنويره الخاصّ، لي، أخرج ورقاً من درج السيّارة ليثبتَ لي أنَّ عمل القوات الخاصّة شاقٌّ جدّاً، ولا يحتملُه إلّا الرّجال. كان – وهو يقود – يطلب منّى تقليب الأوراق وقراءتها. من الأسلحة والوحدات، في القوائم، ثمّة فقط 11 عسكريّاً سجّلوا أسماءهم للانضمام إلى القوات الخاصّة. طبيعة التدريب الشّاق والمستمر، لا تدفع أىَّ عسكرىّ للتسجيل في القوات الخاصّة. الانضمام إليها طوعىّ، من حيث موقعك العسكرىّ. لا يتمُّ تجنيد عساكر لها، من الشّارع. لابدّ أنْ تكون عسكريّاً، أوّلاً، ثم تنضمّ إليها. سألتُه "ولماذا لا يرغبُ فيها العساكرُ، عادةً؟". أجابني "لأنّها تمنعكَ عن مزاولة أىّ عمل آخر، بسبب برنامجها التّدريبىّ، والعساكرُ يرمّمون حيواتهم بأعمال أخرى، إذْ لا يكفيهم المرتّب".
شايف كيف؟
صنعنا وثائقيّاً من الطّراز الأوّل. عثمان عكاشة مصوّر فنّان، يكبّلُه المخرجون قصار القامة. حين فرغ من التّصوير، قال لي حين يأتي فني المونتاج، قبل أنْ يشرع في أىّ شيء، دعه يكلّمني. "ح أريّحو ليك في المونتاج". ذلك أنّه صوّر جملاً بصريّة كاملة، وليس مجرّد لقطات من برامج التدريب المختلفة التي نفّذها مدير وطلّاب معهد التّدريب.
لنراجعِ الأمرَ، إذن…
يُعجبُكَ أنَّ عرب الشتات أميّون في كلّ شيء. لا يحسنون العسكريّة ولا المدنيّة. جاءوا من "الخلا"، وينبغي أنْ يعودوا إليه، لتنعمَ بحياتكَ الهادئة اللطيف. في أحسن الأحوال: يجب أنْ يذهبوا لحراسة الحدود. قطّاع طرق، نهّابون، سرّاقون، سكنوا بيوتنا، سرقوا ذهب نسائنا، عرباتنا، اغتصبوا (في الاغتصاب، عادةً، لا يُقَال اغتصبوا نساءنا)، ويجب إبادتهم من الوجود.
حسناً…
هذا ليس قولكَ أنتَ. هذا يقوله القائد العام للجيش، الفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان، وعموم الضبّاط العظماء. سواءً أكانتْ كُلفة إبادتهم ومحوهم من الوجود موت آلاف المدنيين وتهجيرهم، أم كانت كلفة أقلّ، يجرى فيها قتل الدّعامة فرداً فرداً. فمعركة الكرامة ستستمرّ، حتّى ولو قاتلنا مائة عام، على حدّ قول الفريق ياسر العطا.
انطلقتْ سخريّات لذيذة، حين تسرّب أنَّ الدّعم السّريع استخدم الطائرات المسيّرة، لأوّل مرةٍ، في معارك المدرّعات الأولى. "هؤلاء الواحد منهم يعجزُ عن استخدام الهاتف الذكي..تقول لي مسيّرة؟!". لكنَّ الواقع أنّه – بعد عام ونصف العام، تقريباً – لا تزال الأوضاع على الأرض عصيّة بالنّسبة للجيش. خلال عمر الحرب، كان يخسر ولا يكسب، باستثناء معارك أمدرمان القديمة. لكنَّ الدّعم السّريع يقف على تخوم الدّمازين، تخوم القضارف، ولم تعدْ ولاية نهر النّيل من (الولايات الآمنة).
شايف كيف؟
ثمّة عبارة شبه رسميّة (تمَّ القضاء على القوّة الصّلبة للدعم السّريع.. وما تبقّى جزر معزولة تفتقر إلى القيادة). وهي عبارةٌ مخدّرة. ستثلجُ صدرَك، بالتأكيد. لكن ما أنتَ لستَ على يقينٍ منه، هو ما إذا كان التدريباتُ الخاصّة، للنّخبة ولغيرها، التي تمّتْ على أيدي خبراء الجيش، والخبراء الأجانب، قد ذهبتْ إلى المقابر أم لا. هل في مقدورها أنْ تقاتل المائة عام القادمة أم لا…طوّرت قدراتها أم ما تزال حيث تركها الخبراء…لكنَّ خبراً قبل شهور كان يقول إنّ الفادني يرقد جريحاً في مستشفى شندي..مدير معهد التّدريب.
لماذا عليك أنْ تقاتل مائة عام أخرى؟
بل لماذا عليك أنْ تقاتلَ ليوم إضافىّ واحد؟
لتستردَّ سيّارتَك؟ ذهب زوجتك؟ أثاث بيتك؟ "كرامتكَ"، كونكَ خرجتَ منه خائفاً، ولم تحمل إلّا ما خفَّ، وصرتَ لاجئاً أو نازحاً؟ كلُّ ذلك لن يعود ..ما بعد الحرب، لنْ يُعيدَ لك ما قبلها.. هذا إذا كنتَ تقاتل، وليس إذا كنتَ مثلي جالساً تقرأ ما أكتب.
شايف كيف؟
ما يعيد لك حياتَك.. ما يستأنفها لك، أو يرمّمها هو السّلام..
لا غيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.