في تطور أثار صدمة واسعة داخل الأوساط القبلية والإدارية في شمال كردفان، كشفت قيادات أهلية من قبيلة المجانين عن معلومات دقيقة تتعلق بالعملية العسكرية التي أودت بحياة الناظر سليمان جابر سهل، أحد أبرز رموز القبيلة، إلى جانب عدد من قيادات الإدارة الأهلية. وبحسب قادة القبيلة، فقد استهدفت طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة اجتماعاً قبلياً كان منعقداً يوم الجمعة الماضي، وأسفر الهجوم عن مقتل نحو ثلاثين شخصاً، بالإضافة إلى إصابة آخرين بجروح متفاوتة. هذا الاستهداف المباشر لمجلس أهلي تقليدي أثار موجة من الغضب والاستنكار، وسط مطالبات بالكشف عن ملابسات القرار العسكري الذي أدى إلى تنفيذ الضربة الجوية. القيادي الأهلي عمر أبو سكين، أحد ممثلي قبيلة المجانين، أدلى بتسجيل صوتي كشف فيه عن اجتماع رسمي عُقد بين وفد من القبيلة ووالي ولاية شمال كردفان، بحضور أعضاء اللجنة الأمنية بالولاية. وأوضح أبو سكين أن الوفد ضم شخصيات بارزة من القبيلة، من بينهم محمد منصور، والعقيد أمن الحاج آدم نعيم، وحسين إبراهيم، حيث جرى خلال اللقاء مناقشة تفاصيل الهجوم الذي استهدف الاجتماع الأهلي. وأكد أن اللجنة الأمنية أشارت إلى أن قرار إطلاق الطائرات المسيّرة يصدر من غرفة السيطرة التابعة للولاية، ما يضع المسؤولية المباشرة على الجهات العسكرية المحلية في اتخاذ القرار وتنفيذه. وأشار عمر أبو سكين إلى أن اللجنة الأمنية أبلغت الوفد بأن غرفة السيطرة كانت قد أصدرت قراراً قبل يوم واحد من الهجوم، يقضي بتنفيذ ضربات جوية على منطقتي "المريا" و"القربة" الواقعتين في منطقة المزروب. هذا التصريح يعزز فرضية أن الهجوم لم يكن عشوائياً أو نتيجة خطأ ميداني، بل جاء ضمن خطة عسكرية مسبقة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة المعلومات الاستخباراتية التي بُني عليها القرار، ومدى دقتها في تحديد الأهداف، خاصة أن الاجتماع الذي تم استهدافه كان يضم قيادات أهلية مدنية غير مسلحة. واختتم أبو سكين إفادته بالإشارة إلى أن الوفد القبلي تعرض للهجوم بعد وصوله إلى الموقع بثلاث دقائق فقط، مؤكداً أن الطائرة المسيّرة انطلقت من مدينة الأبيض، ما اعتبره دليلاً على أن الضربة كانت موجهة بشكل مباشر ضد وفد قبيلة المجانين. هذا التوقيت الدقيق للهجوم، إلى جانب طبيعة المستهدفين، دفع القيادات الأهلية إلى اعتبار ما جرى استهدافاً ممنهجاً للقبيلة، وليس مجرد عملية عسكرية في سياق النزاع الدائر.