قدّر الله أن أكون ضمن إحدى دورات الأركان العراقية بالرستمية ذلك الصرح العسكري العلمي المميّز ضمن كوكبةٍ من الأخوة الضباط العراقيين وبعض الأخوة من اليمن وفلسطين.. وقد كان من ضمن ما تم تلقيننا له من إخوةٍ سودانيين (سبقونا) في بغداد بلد الرشيد بأن بعض الضباط العراقيين قد يسألون عن أشياء (معلومة بالضرورة) عن السودان والحياة في الخرطوم فكثيرُ منهم قد لا يهتمون وقد لا يعلمون أن يقع السودان حتى وما هي عاصمته.. في حين أننا نعرف العراق منذ حضارة السومريين والآشوريين والكلدانيين وتاريخ الإسلام الذي عبر العراق والشام والدولة العباسية وتاريخ الملكية في العراق.. نعلم ملابسات اغتيال الملك فيصل ونعرف الرئيس أحمد حسن البكر وعبد الكريم قاسم وتاريخ البعث وصدام حسين ونحفظ أبيات معروف الرصافي وبدر شاكر السياب وكنا نحتفي جداً بمهرجان المربد.. المهم أننا وضعنا ذلك نصب أعيننا ولكن لم يكن يدر بخلدنا بأن الأسئلة عن الخرطوم قد تمتد وتصل مرحلة هل توجد أسود بالخرطوم تتجول كيفما تشاء وكيف نسلم منها؟؟ ثم سؤال عن هل توجد سيارات بالخرطوم؟ المهم أننا منا نجيب طوراً هزلاً وطوراً (بالجد) وكان من ضمن ما قلت أنا شخصياً لأحد الأخوة عن سؤاله عن وجود سيارات بالخرطوم بأنه لا توجد بالخرطوم غير سيارة السيد السفير العراقيبالخرطوم والذي تبرّع مشكوراً بترحيل الرئيس من مقر سكنه للقصر الرئاسي تذكّرت ذلك وأنا استمع لما قال به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عقب لقائه سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وقد شرح سموه للرئيس تفاصيل كل ما يدور في السودان من (طق طق لسلام عليكم).. ما جعل الرئيس على (علم تام) وفهم شامل وعام بالحرب في السودان وعرف أن ما يحدث هناك أمر (فظيع) وكيف أنه كان يعتقد [انه لا توجد حكومة بالسودان وقد شرح لي تاريخ وثقافة السودان.. أنا على قناعة كاملة بأن المواطنيين الأمريكيين ليس من اهتماماتهم السودان وقد لا يعرفون هل هو ضمن دول البلطيق أم من دول شرق آسيا فثقافتهم لا تختلف كثيراً عن ثقافة بعض الأخوة العراقيين الذين ذكرت لكم.. لكن أن يكون مبلغ علم ترمب عن السودان وحربه المتطاولة هو الذي سمعه من سمو الأمير ما جعله يعلم (أبعاد الحرب) منه شخصياً فهذا مسمار كبير يدق في (نعش الرباعية) وجهود مسعد بوليس الذي يبدو أنه (مستشار لا يستشار).. أين البنتاعون وأين المخابرات وأين تقارير الرئيس عن الحروب في العالم والتي جعلها ترمب من أولويات عمله خلال فترة رئاسته الحالية وقد صرح بذلك غير مرة.. أعتقد أن الرئيس في وادي ومستشاره مسعد بولس في واد آخر ووزير الخارجية الأمريكي في وادٍ ثالث لذا جاءت تصريحات كل منهما غير ذات صلة بالأخرى ما يعكس (تخبطاً) وعدم رؤية في موقف الإدارة الأمريكية تجاه ملف حرب السودان.. الرئيس ترمب (خارج الشبكة) تماماً في أمر حرب السودان وهذا (بعضمة لسانه) ومستشاره اللبناني يصطاد في الماء العكر تقرباً من حلف المليشيا وتصريحاته غير موفقة دوماً ووزير الخارجية صب زيتاً ساخناً على حلف المليشيا وداعميها من خلال تصريحاته الأخيرة بتصنيف المليشيا منظمة إرهابية.. قلت غير مرة عبر الصفحة وعبر مقابلات أن موقف الرئيس ترمب تجاه الحرب غير مفهوم وغير معلوم وغامض وقد لا تشكل حربنا هذه أي جزء من اهتمامات الرجل المولع بعقد الصفقات (التجارية والسياسية) وهذا ما لا يتوفر في أزمتنا المثخنة بالجراحات والدماء والدموع.. لكن ما يحيّرني وأقض مضجعي ليس (حمى الالتهاب) فقط ولكن فرحة حلف المليشيا والقحاطة بتصريحات ترمب التي وجدت عندهم كل احتفاء.. أعتقد أن حكومتنا قد التقطت (الرسالة). أخيراً: مسعد بوليس أصبح في موقف (لا يحسد عليه) وهو أشبه بسمسار عقارات (سوداني) يحول بينك وبينك صاحب منزل للبيع (بكل السبل).. لكن تخدمك الظروف لتلتقي صاحب العقار وجهاً لوجه