غاضبون للغاية ؟ نعم. ساخطون ؟ نعم. فكرنا مرارا في ترك الأمر برمته والاتجاه لوعاء جديد أو العمل باستقلالية من أجل الوطن ؟ نعم. ولكن ! هل هذا هو الحل ؟ ربما. ربما ما نفعله بالبقاء هو أمر صائب، وربما تفكيرنا في ترك الحزب هو الأصوب. المشكلة أن الخراب الوطني شامل ومتمدد حتى في ذواتنا نحن نتاج الديكتاتورية المستمرة منذ نحو ثلاثة عقود. والحل الفردي يظل في نهاية المطاف أنانيا وبائسا طالما أن المئات بل الآلاف يعملون بتجرد من أجل غايات عليا. والمشكلة الأكبر أن كل خارج يحل مكانه فورا أحد الحواريين أو الحواريات في حفلات حرق البخور المستمرة، ورقصات الذهول عن العقل والمنطق، والخسارة الوطنية أكبر. إذن ما الحل ؟ 1. حزب الأمة وإن تحكم فيه فرد، هو ملك للوطن وللشعب ولكل أعضائه. وحالة التقديس هذه طارئة وبالوسع القفز عليها والانتصار للمؤسسة و"التراث الثوري" 2. مؤمن أنا أشد الإيمان بشباب الحزب وكوادره وجماهيره، ولولا هذه المكونات اتركنا الجمل بما حمل بعد جيبوتي وجنيف فورا، وهاتان كانتا أس البلاء، يتحمل وزرهما رئيس الحزب والأمين العام للتجمع آنذاك. 3. أمامنا فرصة أخيرة للعمل الجاد من أجل عملية إصلاح شامل تستهدف تقوية المؤسسية، وتقسيم الصلاحيات، ودفع دماء جديدة إلى القيادة حتى في أعلى مستوياتها، وإيلاء عمليات النقد الذاتي والوعي والاستراتيجيات عناية قصوى لإنتاج مفاهيم وقيم جديدة يجب أن تسود الحزب. 4.الحزب ليس بقرة مقدسة، هو مجرد وسيلة في العمل الوطني. فإن تعثر هذا كله الذي نطالب به ونعمل من أجله، فالأصوب أن نمضي قدما في البحث عن وسيلة أخرى نخدم بها الوطن. 5. الأوضاع في الحزب بلغت درجة من السوء ما كان لتخطر حتى ببال أعدائه. والحلول الجزئية ما عادت تجدي. أمامنا خياران فحسب: إما إصلاح جذري ينهض إليه فورا المؤمنون به كلهم، أو البحث جماعيا عن حل آخر خارج الحزب. مرةً أخرى بالنسبة لما يحدث في حزب الأمة: البعض – من خارج حزب الأمة -، وأكرر ..البعض، يحمل مفهوماً ل"الوصاية" غريباً من نوعه، ويتنافى مع أبسط قيم الديمقراطية، بل ويفترض في نفسه الكمال في العمل الوطني والثوري، والكمال في "الرؤية الثاقبة" ليشير لشباب الحزب بأن أفعلوا كذا وأتركوا كذا، وما الذي يبقيكم، وما إلى ذلك. 1. كلنا في الهم شرق. المتحزبون والمستقلون كلهم في مركب واحدة، فاشلة حتى الآن في بلوغ ساحل الحرية، وفاشلة في إجراء إصلاح جذري، ليتنا نهتم بإصلاح ذواتنا وبيوتنا. 2. نرحب بالنقد الهادف والبناء ونرى أنه يفيد مسيرتنا، بل ونسعى أحيانا لاستطلاع آراء رفاق درب من تنظيمات أخرى حول خطواتنا بإنفتاح تام. 3. النقد لا يعني الوصاية. النقد مرحب به، الوصاية نرفضها رفضا قاطعا. شباب حزب الأمة الذين ناضلوا على مدى سنوات طويلة، وتقدموا الصفوف في مرات كثيرة واكتسبوا خبرات متراكمة عبر السنين ليسوا أطفالا قصرا في حاجة لمن يعلّمهم ماذا يصنعون وماذا يتركون. هم يخوضون معاركم داخل الحزب وضد نظام البشير، وهم الأدرى كيف يفيدون الوطن ومن أي موقع. 4. الوصاية دائما تنمّ عن تسلط كامن في النفوس، وهذا يناقض مبادىء الثورة ومفاهيم الحرية والديمقراطية. 5. فليقم كل بواجبه على النحو الذي يرضي ضميره، ولندع قليلا التنظير والوصاية. خالد عويس