شهدت دولة السودان التطبيق العملي الاول للجيل الرابع من الحروب من بعد دولة الصومال الشقيق وما زالت التطورات الميدانية في السودان تُثير الهواجس حول انعكاسات الصراع في غرب السودان وهي الموجة الثانية من الجيل الربع من الحروب وذلك بعد الموجة الاولى التي ادت الى انفصال دولة الجنوب تنفيذا للمخطط الصهيو امريكي و يستمر مسلسل الحروب الدامية في غرب السودان مما يؤكد أن السودان لا يمر بمخاض صعب فحسب، بل يواجه الموجة الثانية والاكثر عنفا من الجيل الرابع من الحروب وهي حربا من طراز جديد اصطلح الخبراء الاستراتيجيون على تسميتها "الجيل الرابع" من الحروب، ولهذا المصطلح خلفيته التي بلورتها مراكز الدراسات التي تُشكّل "معامل أفكار" أو Think Tankers لصانع القرار بالبيت الأبيض والبنتاجون. أحد أبرز الباحثين بهذا المضمار والذي تحدثت عنه مرارا وتكرارا و هو البروفيسور ماكس مانوارينج الذي خدم بالمخابرات العسكرية الأميركية، وأحد أبرز مستشاري "البنتاجون"، ويُحاضر بالعديد من الكليات والمعاهد العسكرية الأميركية، وهو متخصص بالشؤون الاستراتيجية والحروب الجديدة، وفي دراسة له وعدة محاضرات يشرح كيف تستطيع واشنطن إسقاط أي دولة دون حرب تقليدية وقد سربت بعض محاضراته . و الان تشهدت عدة دول عربية واسلامية تطبيقا عمليا للجيل الرابع من الحروب، في مشروع يطلق عليه بدوائر الاستخبارات والدراسات الاستراتيجية (الطوق النظيف) لتدمير كافة القدرات العسكرية بالمنطقة، وهو ما حدث بالفعل بالعراق وسورية، والصومال وافغانستان و السودان وليبيا ،،،،،، وكاد أن يحدث بمصر لولا الخطوة التي أقدم عليها الجيش المصري، مدعوما بإرادة شعبية، بعدما توافرت لدى أجهزة الأمن معلومات بالغة الخطورة من تقسيم مصر لعدة دويلات . وكما ذكرت من قبل يتحدث مانوارينج عن أهداف "الجيل الرابع" من الحروب قائلا إنها لا تسعى لتحطيم الجيوش المعادية والقضاء على قدرات الدولة المستهدفة عبر مواجهات عسكرية نظامية، لكنها تعمل لإنهاك واستنزاف قدرات ومؤسسات تلك الدولة لإرغامها على تنفيذ الإرادة الأميركية، بزعزعة الاستقرار فيها، باستخدام الإعلام التقليدي والجديد كالفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، حتى برامج الترفيه والسخرية التي تبدو بريئة. أما الدور الأبرز في هذه الحرب النفسية فتضطلع به مجموعة من الناس لتحريكهم بالشكل الذي يُطلب منهم الذين يُطلق عليهم "العملاء المجانيون"، أو "الطابور الخامس" من نفس الدولة سواء كانوا بالحكومة او المعارضة . ويمضي الخبير الأميركي مشيرا للقدرات العقلية باعتبارها السلاح الرئيسي لهذا الجيل الجديد من الحروب، ليست الجيوش النظامية بل "القوة الناعمة" التي تتخذ صورا متعددة، وغالبا تبدو للوهلة الأولى "طيبة النوايا" حتى يتبناها مواطنون من الدول المستهدفة، لكنها في نهاية المطاف ستؤدي لخلق "دولة فاشلة" تفقد بسط سيطرتها على أجزاء من ترابها الوطني وتعجز عن تنفيذ القوانين، وصولا للانفلات الأمني وترويع المجتمع. كل هذا سيؤدي بالضرورة لزعزعة السيادة التي يعرفها الخبير الأميركي بأنها "القدرة على تطبيق القانون بكافة التراب الوطني والشعب في كيان سياسي هو (الدولة)"، التي ستفقد سيطرتها بعد زرع "جماعات مُعادية" تنتهج العنف لأسباب شتى، تتوقف على طبيعة الدولة المستهدفة وعناصر التأثير في ثقافتها الشعبية، كالدين أو الأعراف السائدة او الاعراق والاجناس وغيرها والسودان الان يقف وحيدا في مواجهة الموجة الثانية من الجيل الرابع للحروب دون مساعدة احد وجهل المثقفين سواء كانوا في الحكومة او المعارضة بالمخاطر التي تواجه السودان وذلك لتحويله إلى "دولة فاشلة"، وحينها يمكن لأميركا التدخل للتحكم بمسار ومصير الدولة الجديدة في غرب السودان كما استولت على دولة جنوب السودان من قبل بعد فقد القائد التاريخي والوحدوي دكتور جون قرنق في ظروف غامضة في تحطم مروحية تابعة لدولة يوغندا و الرجل الذي رفض كل الضغوط الدولية لفصل الجنوب من الشمال ، ويذهب البروفيسور ماكس مانوارينج في المحاضرة التي تم تسريبها بطريقة ما الى أبعد من ذلك بتمزيق الدولة وتقسيمها على أسس طائفية وعرقية ومذهبية.. إلخ. ويتحدث الخبير الأميركي عن مفهومين للحرب: الأول هو التدخل العسكري التقليدي القديم، والثاني خلق "دولة فاشلة" والذي يتطلب عمليات بعيدة المدى وخطوات تُنفذ بهدوء في عملية متواصلة تمضي على وتيرة متصاعدة ومحسوبة بدقة، وسيذهب الناس كالعادة للنوم، وإذا نفذت هذه الخطط بحرفية عبر زرع "طابور خامس، فسيستيقظ عدوك ميتا"، على حد تعبيره. وما يحدث في الموجة الثانية من حروب الجيل الرابع حاليا هو استخدام مجموعات "الطابور الخامس" و التي تتلقى تمويلا وتدريبا خارجيا مشبوها ، لتواصل الحروب بعد انفصال الجنوب الى حروب في غرب السودان تصل الى مشارف الخرطوم وهذا ما لن نرتضيه لشعبنا العنف والترويع والفوضى. كل هذا يحدث بأيادي سودانية لتقترف انفصال الجنوب وغرب السودان في الطريق، بل تم صنع وزراعة من يفعل ذلك، سواء عبر قناعات دينية أو سياسية خاطئة، أو بتجنيد "عملاء محليين" يلعبون دور "ضابط الاتصال من أبناء جلدتنا في إشعال السودان نيابة عن قادة الجيل الرابع من الحروب. المستشار عبد الحميد حمزة السوداني /الامارات.