إذا أراد لك الله أن تتحدث بطلاقة عن الفساد وماهيته فلن تجد له موطناً أنسب من الجزيرة، وما ذكر اسم الجزيرة في أي مكان إلا وأطل الفساد برأسه وكان نديداً لها (أي الجزيرة)، وسيبقى داءً ملازماً طالما بقي هؤلاء. إلا أن ما سنعرضه في السطور اللاحقة من فساد أمرٌ آخر، لمخلوقات أخرى، ويمكن وصفه ب(فساد مكحل بالشطة)، والجاز والبنزين! فهو يتعلق بقصة تعجز تقف الدراما الإبليسية والسيناريوهات الهندية أمامها موقف العاجز، بدأت أحداثها في ديسمبر 2013 وانتهت بمأساة إهدار المال العام في يناير 2014..! أصل الحكاية أن إدارة التحصين الموسع قررت شراء (بيت) ليكون مكتباً يليق بها وبحجم عملها، ويرتقي لمقام شريكها المساهم الأكبر والداعم الرسمي ال(UN) بدلاً عن المنزل المنهار (الخرابة) الذي أتاحته لها ولاية الجزيرة، والواقع بحي بانت، فقامت إدارة التحصين بإدخال البيت القديم (الخرابة) في مقايضة على أن تدفع 70% من المبلغ المتبقي، وتقوم حكومة الولاية بدفع ال30% المتبقية من المبلغ، مع مراعاة إشراف وزارة المالية على تنفيذ هذا الإتفاق باعتبارها (صاحبة الخرابة) التي سوف تتنازل عنها في إطار المقايضة، وهي (اي المالية) من ستقوم بتسديد ال30% المتبقية كفرق للمقايضة. وقبل اكتمال المقايضة، نما إلى علم إدارة التحصين (صاحبة الوجعة) بقربها عمارة مكونة من طابقين لشخص يدعى (معاوية شل)، وهي معروضة للبيع منذ سنتين ولم يوفق صاحبها في بيعها لأن سعرها لم يتجاوز (الواحد مليار ومائة مليون جنيه)، فاقترحت إدارة التحصين على وزارة المالية تلك العمارة كمقترح فيه كل المميزات التي تلبي حاجتها من حيث الشكل والمضمون (حيث لا يبتعد موقعها عن (الخرابة) بأكثر من عشرين متراً)، وبناءً على هذا ولكون إدارة ستدفع ال70% من الفرق، سارعت وزارة المالية بتشكيل لجنة مليونية لتقييم (العمارة والخرابة) والإتفاق على حجم المبلغ المفترض سداده ل(معاوية شل) مع إعطائه (الخرابة)..! حيث قررت السيدة/وداد مصطفى البشرى مدير عام وزارة المالية تكوين اللجنة المعنية من كلٍ من مدير الإيرادات ومدير المشتريات ومدير التخلص من الفائض ومدير التنمية ومدير المراجعة والمستشار القانوني للوزارة، وممثل عن كلٍ من الأراضي والتخطيط والصحة مع الإستعانة ببعض (السماسرة والكماسرة والكومسنجية) لتقييم العقارين وإلزام الطرفين بما سيسفر الإتفاق عليه بُناء على قرارات وتوصيات اللجنة! تم تقييم عمارة (معاوية شل) بمبلغ مليار وستمائة ألف جنيه بزيادة خمسمائة مليون من سعر السوق، وتقييم (الخرابة) بمبلغ فقط أربعمائة ألف جنيه! وأصبح المتبقي ل(معاوية شل) مبلغ مليار ومائتي ألف جنيه، مع إعطائه (الخرابة) وفقاً لتقييم الخبراء الذين استعانت بهم الوزارة! وعلى الفور سددت إدارة التحصين، عبر وزارة الصحة، مبلغ سبعمائة وخمسون مليون جنيهاً في يناير 2014 لوزارة المالية، والتي بدورها أبرمت عقد الإتفاق وإشرفت عليه ب80% من كوادرها و20% من خارجها. وقامت وزارة المالية بسداد مبلغ السبعمائة وخمسون مليون للسيد (معاوية شل) في نفس اليوم، ليتم نقل ملكية (الخرابة) له ويصبح المدفوع (فعلياً) مليار ومائة وخمسون مليون جنيهاً. اكتشفت وزارة المالية وقوعها في خطأ قانوني يصعب معالجته، وهو وجوب قيامها بتدليل ال(خرابة) عبر لجنة التخلص من الفائض والأصول تبعاً للقواعد المتعارف عليها وهو ما لم تفعله، فطلبت من السيد (معاوية شل) إعادة المبلغ الذي استلمه، مع ملاحظة أن تقييم عمارته كان عالياً فاق القيمة السوقية (الفعلية) بنسبة 30%، مع تقليل قيمة (الخرابة) بنحو 20% من سعر السوق (حسب رأي الفنيين)! وحتى الآن لم تسترد وزارة المالية مبلغ ال(750.000.000) من (معاوية شل)، بحجة أنهم من فشلوا في الإلتزام وأنهم جاهلون بقوانين بيع الأصول وطامعون في الإغتناء من (صاحب الخمشة)! وفي الاتجاه الآخر، ظلت إدارة التحصين في حيرة من أمرها وعاجزة تماماً عن استرداد أموالها التي سددتها لوزارة المالية، والتي بدورها دفعتها للمدعو (معاوية شل) دون أي تدابير إحتياطية في حالة فشل الطرفين في تنفيذ الإتفاق، بل ووفق مخالفة واضحة لكل الأصول والقواعد المتعارف عليها في مثل هذه الحالات، والتي لا يمكن بأية حال من الأحوال أن تغيب عن وزارة المالية! على أن اللافت في الأمر، أن كل هذه الإجراءات جرت بإشراف وتصديق واعتماد وزير المالية الأسبق صديق الطيب علي، وكان حاضراً ومحيطاً بكل الإجراءات المخالفة للوائح والقوانين لا سيما قانون بيع الأصول الحكومية، يشاركه في الأمر تلك المرأة الجهولة (وداد مصطفي البشري)، بدءاً بالمفاوضات وانتهاءً بتحرير واستخراج وتوقيع الشيك وتسليمه لمن لا يستحقه!! في يردد السيد/حسن الكوز محامي (معاوية شل) عبارة (أعلي ما في خيلكم اركبوه)! هذه هي وداد السواد واللواد !!! فمن أين أتي هؤلاء ؟؟؟ أنموذج (بسيط) و(وواحد) لكيفية إدارة المال العام السايب بالجزيرة فتأملوا…..! ولنا عودة بشأن السيارات البرادو والبكاسي التي نشرتها صحيفة الصيحة بتاريخ السبت 25 يوليو 2015 وبالوثائق هذه المرة فترقبونا.