السودان.. خبر سعيد للمزارعين    معتصم جعفر يصل مروي ويعلّق على الحدث التاريخي    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    البرهان يضع طلبًا على منضدة المجتمع الدولي    بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم رقصة مثيرة أثناء إحيائها حفل خاص وتتفاجأ بأحدهم قام بتصوير اللقطة.. شاهد ردة فعلها المضحكة    الدعم السريع يشدد حصار الفاشر بحفر خنادق عميقة حول المدينة    بحضور رئيس مجلس الوزراء ووالي ولاية البحر الأحمر... "زين" ترعى انطلاقة برنامج "قرع الجرس" لبداية امتحانات الشهادة السودانية    الصحة العالمية: يوجد فى مصر 10 ملايين لاجئ ومهاجر 70% منهم سودانيون    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    عيد ميلاد مايك تايسون.. قصة اعتناقه الإسلام ولماذا أطلق على نفسه "مالك"    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    تمت تصفية أحد جنود المليشيا داخل مدينة نيالا بعد أن وجه إنتقادات حادة للمجرم عبدالرحيم دقلو    ذكري 30 يونيو 1989م    دبابيس ودالشريف    ملك أسبانيا يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني    باريس سان جيرمان يكتسح إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    السجن المؤبد عشرين عاما لمؤيدة ومتعاونة مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    وصول الطاقم الفني للمريخ برفقة الثلاثي الأجنبي    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    بالتنسيق مع الجمارك.. خطة عمل مشتركة لتسهيل وانسياب حركة الوارد بولاية نهر النيل    بعد ظهور غريب..لاعب الهلال السوداني يثير جدلاً كبيرًا    "مخدرات في طحين الإغاثة".. مغردون يفضحون المساعدات الأميركية لغزة    مصادرة"نحاس" لصالح حكومة السودان    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    الجَمْع بَينَ البُطُولَتين    رونالدو: الدوري السعودي أحد أفضل 5 دوريات في العالم    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    تيم هندسي من مصنع السكر يتفقد أرضية ملعب أستاد حلفا الجديدة    حادثة هزت مصر.. تفاصيل حزينة لمأساة "فتيات العنب"    إبراهيم شقلاوي يكتب: خميس الفكرة والنغم وتقرير المصير!    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    مصري يطلق الرصاص على زوجته السودانية    تعثّر المفاوضات بين السودان وجنوب السودان بشأن ملف مهم    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    شاهد بالصورة.. الإعلامية السودانية الحسناء شيماء سعد تثير الجدل على مواقع التواصل بالبنطلون "النمري"    شاهد بالفيديو.. الفنانة اليمنية الحسناء سهى المصري تخطف الأضواء على مواقع التواصل السودانية بعد تألقها في أداء أشهر أغنيات ثنائي العاصمة    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تغازل عازفها الجديد في إحدى حفلاتها الأخيرة وجمهورها يرد: (مؤدبة ومهذبة ومحتشمة)    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    يعني خلاص نرجع لسوار الدهب وحنين محمود عبدالعزيز..!!    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    استدعاء مالك عقار .. لهذا السبب ..!    "سيستمر إلى الأبد".. ترمب يعلن بدء وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    إيران ترد على القصف الأمريكي بعملية عسكرية    قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات    أسهم الخليج تتجاهل الضربة الأمريكية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير مجموعة الازمات الدولية اكبحوا جماح حماستكم: إسرائيل وفلسطين ما بعد الأمم المتحدة .. الملخص التنفيذي والتوصيات
نشر في حريات يوم 01 - 10 - 2011


الملخص التنفيذي والتوصيات…
بالتعابير الدبلوماسية، يُعتبر أيلول/سبتمبر 2011 رمزاً لمحاولة الفلسطينيين الحصول على اعتراف رسمي بدولتهم في الأمم المتحدة، وما سيتبع ذلك من إجراءات انتقامية إسرائيلية وأمريكية، وباختصار رمزاً لقدر كبير من الأضرار والتداعيات الخطيرة. ثمة مخاوف مشروعة حيال هذه التداعيات، غير أن الهوس بما سيحدث في الأمم المتحدة والطاقة المبالغة بها المستثمرة في إحباط هذه المحاولة باتت تشكل عائقاً أمام التفكير الواضح. من شأن هذه المحاولة أن تنتج علاجاً أشد فتكاً وضرراً من المرض نفسه. إذا تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإنه سيسهم بشكل كبير في تقويض قيادته، وتقوية أعدائه وإطلاق العنان للقلاقل في أوساط شعبه. كما أن العودة بسرعة لاستئناف محادثات السلام كبديل لذلك من شأنها أن تُفضي إلى انهيار هذه المحادثات مع ما سيسببه ذلك من تبعات أكثر خطورة من أي شيء يمكن لهذا الجهد أن ينتجه. ينبغي أن يكون التركيز على صياغة حصيلة في الأمم المتحدة تُقدّم مكاسب ملموسة للفلسطينيين في مسعاهم للحصول على الدولة وفي نفس الوقت تقديم بعض التطمينات للإسرائيليين، والحد من مخاطر اندلاع العنف أو انهيار السلطة الفلسطينية وترسيخ المبادئ الجوهرية لحل الدولتين. ومع ضيق مساحة الزمن المتبقي، فإن العبء تحول إلى الاتحاد الأوروبي كي يسعى للتوصل إلى هذه التسوية. لطالما سعى الاتحاد الأوروبي لذلك الدور؛ أما الآن فينبغي أن يكون على قدر هذه المسؤولية.
لقد كان الطريق باتجاه الأمم المتحدة بمثابة سرد لسوء الإدارة الجماعية؛ فقد قام القادة الفلسطينيون، وبسبب مزيج من عدم المعرفة، والانقسامات الداخلية واتباع سياسة حافة الهاوية، بالترويج بشكل مفرط لما يمكن أن يحققوه في المنظمة الدولية، وهم يحاولون الآن أن يفعلوا أي شيء لتجنب خسارة مصداقيتهم الداخلية. أما إسرائيل، التي تبالغ بشكل درامي في أثر هذا التحرك في الأمم المتحدة، وهي مصممة على وقفه، فقد هددت بكل أشكال الإجراءات العقابية، بداية بوقف تحويل عائدات الضرائب إلى إعلان موت اتفاق أوسلو، وانتهاءاً بإجراءات تكون هي الأسوأ. الإدارة الأمريكية غير القادرة على توجيه الأحداث، وقد سئمت من كلا الطرفين، والتي تواجه الكونغرس الذي سيفرض ثمناً على أي تحرك فلسطيني في الأمم المتحدة، فإنها فقط تريد لكل هذه العملية أن تتلاشى وتختفي. في الواقع فإن كل اهتمامها (المتلاشي) بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني خلال الأشهر الماضية كان مُركّزاً على تحقيق هذه الهدف: من خطاب الرئيس أوباما في 19 أيار/مايو الذي وضع المبادئ التوجيهية لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني إلى محاولة اللحظة الأخيرة للخروج ببيانٍ للرباعية من شأنه أن يدفع إلى استئناف المفاوضات.
بصرف النظر عن الصعوبات التي واجهت خروج الرباعية بنص مُرضٍ، فإن من شبه المؤكد أن هذا الجهد سيؤدي إلى أثرٍ عكسي. لنبدأ بالهدف نفسه. من الصعب فهم كيف يمكن للمفاوضات أن تساعد على إخراج الطرفين من المأزق الذي وصلا إليه إذا كانت المفاوضات (الفاشلة) هي التي أوصلتهما إلى ذلك المأزق في المقام الأول. إذا كان ثمة شيئاً واحداً يتفق عليه المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون، فهو أن من المستحيل عملياً وفي السياق الحالي أن يتمكن عباس ورئيس الوزراء نتنياهو من تحقيق تقدم كبير، ناهيك عن التوصل إلى اتفاق. وأسباب ذلك أكثر من أن تُعد؛ فهناك فجوات واسعة وعميقة بين الطرفين، وهناك السلطة المتراجعة للولايات المتحدة والقيود المحلية المتعاظمة في سياق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية، والانقسامات الفلسطينية، والثقل الذي يتمتع به اليمين الإسرائيلي. إن استئناف المفاوضات الآن لمنع ما يمكن وصفه بتدهور القطار في أيلول/سبتمبر من شأنه أن يؤدي إلى انهيار أكثر خطورة إذا تداعت المفاوضات. لا يكفي الاهتمام بأيلول/سبتمبر عندما يكون عليك الاهتمام بما تبقى من أشهر العام.
إن المحاولات الهادفة إلى إقناع عباس أو الضغط عليه للتخلي عن التحرك في الأمم المتحدة يتجاهل – أو، الأسوأ من ذلك، يسيء قراءة واقع السياسة الفلسطينية. إذا أجّل هذا التحرك أو إذا قبل بقرارٍ رمزي بشكل أساسي في الأمم المتحدة ومن ثم عاد إلى المحادثات الثنائية دون تجميد المستوطنات، فمن المرجح أن يواجه تحدياً داخلياً يشلّ حركته. وسيأتي هذا التحدي من أبناء شعبه الذين فقدوا أي إيمانٍ بالمفاوضات منذ وقت طويل والذين قُدِّم لهم خيار اللجوء إلى الأمم المتحدة من قبل القيادة منذ عدة شهور. معظم الفلسطينيين لا يدعمون خيار الأمم المتحدة بقوة، لكنهم سيعارضون بقوة أيضاً أي قرار بسحبه دون تقديم تعويضات مناسبة. يُذكر أن عباس يعيش في خوف مستمر من احتمال “حادث غولدستون” آخر – في إشارة إلى الهجمات التي تعرض لها عندما وافق، تحت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، على تأجيل النظر في تقرير الحرب على غزة، 2008 – 2009، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولديه كل الأسباب التي تدعوه للخوف.
من الأفضل إذاً نسيان أي جهد للخروج ببيان من قبل الرباعية – الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا والأمانة العامة للأمم المتحدة – أو على الأقل عدم اعتباره بديلاً لحلٍ تقدمه الأمم المتحدة. الحصيلة الأقل ضرراً في هذه المرحلة تتمثل في قرارٍ للأمم المتحدة يُنظر إليه بوصفه انتصاراً من قبل الفلسطينيين لكنه يتطرق إلى بعض المخاوف الإسرائيلية الأساسية ويحتفظ بخيار حل الدولتين. يتطلب تحقيق تلك النتيجة بعض الدبلوماسية الماهرة التي يمكن أن يقوم بها طرف ثالث. الولايات المتحدة، التي كانت حتى الآن غير راغبة في الانخراط في صياغة النص الذي سيصدر عن الأمم المتحدة، أخرجت نفسها من السباق. وهذا يترك للأوروبيين، الذين يسعى الفلسطينيون جاهدين للحصول على دعمهم أن يفرضوا شروطاً مقابل دعمهم هذا.
ثمة عدد من الاعتبارات التي ينبغي أن تمثّل القواعد الموجِّهة لجهود الاتحاد الأوروبي. أولاً، عليه أن يقنع الفلسطينيين أن ينسوا محاولة الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن. وهذا سيفضي إلى انقسام في الاتحاد الأوروبي الذي يرغب بشدة في البقاء موحداً، وسيفرض على الولايات المتحدة أن تستعمل حق الفيتو وهو ما سيصور واشنطن على أنها الجهة التي قضت على تطلعات الفلسطينيين – وهي بالتأكيد ليست السمعة المرغوبة وسط أتون الاضطرابات العربية. إضافة إلى ذلك، فهو ليس مفيداً للفلسطينيين أنفسهم، حيث سيبدأون مسعاهم لتحقيق الدولة بعقبة، وما سيترتب على هذه العقبة من خسارة للزخم.
ثانياً، ينبغي أن يتضمن قرار الجمعية العامة معايير جوهرية لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. لقد عبّرت الولايات المتحدة عن مخاوفها من أن النص الذي ستصدره الأمم المتحدة سيؤدي إلى تصلب الموقف الفلسطيني بموافقته على مفاهيم – مثل حدود 1967 دون ذكر تبادل الأراضي. أو حق العودة بالنسبة للاجئين – وهو ما سيجعل من الصعب عليهم التراجع. هل من طريقة أفضل لمعالجة ذلك الخوف من ضمان أن تكون المعايير متوازنة؟ وهكذا، على الاتحاد الأوروبي أن يجعل دعمه للنص مشروطاً بأن يستجيب هذا النص ليس فقط للمتطلبات الفلسطينية الجوهرية (حدود 1967 والتبادل المتساوي للأراضي، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين) بل المطالب الإسرائيلية الهامة أيضاً، مثل الحاجة إلى المفاوضات؛ وضرورة أن تكون أية اتفاقية بمثابة نهاية للصراع؛ وهدف تأسيس دولتين لشعبين (وهي خطوة لا ترقى إلى الاعتراف بدولة يهودية لكنها تمثّل المطلب الإسرائيلي الذي ظل يشكل أحد المحرمات بالنسبة للفلسطينيين حتى الآن، لكن يمكن أن تُفهم على أنها خطوة في ذلك الاتجاه).
ثالثاً، على القرار أن يرفع من الصفة الفلسطينية في الجمعية العامة إلى دولة مراقبة غير عضو. وهذه ليست عضوية كاملة في الأمم المتحدة – حيث أن هناك حاجة لموافقة مجلس الأمن على مثل هذا الأمر. لكن هذا يبقى ثاني أفضل خيار، وإشارة قوية لدعم الاعتراف بالدولة، ومساراً باتجاه المشاركة الممكنة في بعض المؤسسات الدولية.
لقد عبّرت الولايات المتحدة وإسرائيل عن عدد من المخاوف حيال هذا الخيار؛ وكلٌ منها جدير بالدراسة. إنهما قلقتان من أن الفلسطينيين، حالما يدركون أن حقهم في التصويت في الأمم المتحدة لن يغير الظروف على الأرض، فإنهم يمكن أن يثوروا بسبب إحباطهم. لا يمكن استبعاد احتمال تجدد الاضطرابات، خصوصاً في ضوء الأحداث الإقليمية الأوسع، رغم أن من غير المرجح أن تكون نتيجة لخيبة الأمل هذه، لكن يبدو أن الفلسطينيين يدركون أن ما يحدث في الأمم المتحدة لن يؤثر مباشرة وفوراً على حياتهم. إذا اختاروا الانتفاض، فإن ذلك سيكون بسبب الواقع الراسخ للاحتلال والذي لا يبدو أنه قابل للتغيير، وليس بسبب ما يحدث أو لا يحدث نتيجة اكتسابهم لحق التصويت في الأمم المتحدة. في واقع الحال فإن فشل عباس هو على الأرجح الذي سيؤدي إلى إثارة الاضطرابات خلال الشهور القادمة وليس نجاحه.
ثمة مخاوف أخرى تتعلق بوصول الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية واستعمالها كمنبر لملاحقة الإسرائيليين. بصرف النظر عن التناقض الواضح المتمثل في السعي لمنح أي طرف حصانةً ضد وصول القانون الدولي إليه في وقت تعتبر فيه المحكمة الدولية منصة مناسبة تماماً بالنسبة للآخرين – حيث العقيد القذافي هو آخر المنضمين إلى هذا الدور، وبصرف النظر عن العقبات الكثيرة والكبيرة التي سيترتب على الفلسطينيين تخطّيها قبل وصول أي قضية إلى محكمة الجنايات الدولية، وبصرف النظر عن حقيقة أن بعض الفلسطينيين أيضاً يمكن أن يتم إحضارهم أمام المحكمة إذا اتهموا بارتكاب جرائم حرب – كما اتهموا فعلياً خلال حرب غزة الأخيرة، فمن الواضح أن هذا يشكل مبعث قلق ومن شأنه أن يدفع إسرائيل إلى الشروع في تحركات عقابية قاسية. وفي هذا الصدد، فإن على الاتحاد الأوروبي، ويستحسن أن يعمل بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة، أن يحث جميع الأطراف على ضبط النفس والحكمة في أعقاب تصويت الأمم المتحدة – كي لا يتصرف الفلسطينيون وكأنهم يمتلكون من القوة أكثر مما لديهم فعلياً، وكي لا يكون الرد الإسرائيلي مبالغاً به.
وأخيراً، ثمة احتمال قائم في أن يتم اتخاذ إجراءات عقابية كبيرة مالية أو غير مالية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة – بضغط من الكونغرس. وهذه ليست تهديدات فارغة. إن خفض المساعدات أو وقف تحويل العائدات الضريبية يمكن أن يحدث آثاراً كارثية على السلطة الفلسطينية؛ وسيكون على الدول العربية والاتحاد الأوروبي محاولة التعويض عن هذه الخسائر. كما أن إسرائيل استحضرت إجراءات يمكن أن يكون لها أثرٌ شديد ومن شأنها أن تدمر السلطة الفلسطينية. يؤمل أن تفهم إسرائيل أن اتخاذ مثل هذه الخطوات سيكون بمثابة إدخال هدفٍ في مرماها، حيث سيؤدي إلى وقف التعاون الأمني الإسرائيلي – الفلسطيني، وتعريض وجود السلطة الفلسطينية للخطر، وفي المحصلة إجبار إسرائيل على تحمل العبء الحقيقي والتكاليف المترتبة على الاحتلال.
لا ينبغي استبعاد إمكانية حدوث سيناريو القيامة؛ لكن بوسع صنّاع السياسات الفلسطينيين، والإسرائيليين، والأمريكيين، والأوروبيين أن يضمنوا عدم حدوث هذا السيناريو. ولهذه الغاية ينبغي عليهم جميعاً إظهار قدر أكبر بكثير من الحكمة والمهارة السياسية في انتشال أنفسهم من هذه الورطة مما أظهروه في الوصول إلى هذا المأزق.
التوصيات
إلى منظمة التحرير الفلسطينية:
التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن إستراتيجية في الأمم المتحدة.
لتخلي عن فكرة تقديم طلب للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة في الوقت الراهن.
الترويج لإصدار قرار في الجمعية العامة ينص على:
أ‌. ترسيخ مبادئ حل الدولتين، بما في ذلك:
i. حدود تستند إلى خطوط ما قبل 5 حزيران 1967، مع مبادلات متساوية ومتفق عليها للأراضي؛
ii. القدس عاصمة إسرائيل وفلسطين؛
iii. ترتيبات أمنية تحمي أمن الدولتين، وتحافظ على سيادة فلسطين، والمعالجة الفعلية للتهديدات القائمة والناشئة التي تواجه إسرائيل؛
iv. تسوية تفاوضية نهائية تضع حداً للصراع على أساس حل دولتين لشعبين؛
ب. رفع صفة فلسطين في الأمم المتحدة من كيان مراقب إلى دولة مراقبة غير عضو.
إظهار ضبط النفس في أعقاب التصويت بالإيجاب في الأمم المتحدة من أجل عدم إثارة رد إسرائيلي قاس.
إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي:
التوصل إلى اتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية على قرار ينسجم مع ما تم وصفه أعلاه.
السعي للحصول على تفاهم ضمني مع الفلسطينيين والإسرائيليين وبدعم من الولايات المتحدة يقضي بممارسة ضبط النفس في أعقاب تصويت الأمم المتحدة، وخصوصاً:
أ‌. الضغط على إسرائيل كي لا تتخذ إجراءات عقابية قاسية، وبشكل خاص وقف تحويل العائدات الضريبية إلى السلطة الفلسطينية؛
ب‌. الضغط على الفلسطينيين كي لا يبالغوا باستعمال مكاسبهم الجديدة في المؤسسات الدولية.
السعي، بالتعاون مع البلدان العربية، للتعويض عن أي نقص في المساعدة المقدمة للسلطة الفلسطينية.
إلى الحكومة الإسرائيلية:
8. الاستمرار في تحويل العائدات الضريبية والامتناع عن الإجراءات العقابية الأخرى رداً على التحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة.
9. إفهام الكونغرس الأمريكي بأن قطع المساعدات سيضر بالمصالح الإسرائيلية، خصوصاً بتعريض بقاء السلطة الفلسطينية والتعاون الأمني للخطر.
10. ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، خصوصاً فيما يتعلق باستعمال الرصاص الحي، في التعامل مع الاحتجاجات الفلسطينية.
إلى حكومة الولايات المتحدة:
11. الضغط على الكونغرس كي يستمر في تمويل الفلسطينيين إلى أقصى درجة ممكنة والمحافظة على تقديم المساعدة الأمنية.
12. الضغط على إسرائيل للاستمرار في تحويل العائدات الضريبية.
إلى السلطة الفلسطينية:
13. ضمان أن تبقى جميع الاحتجاجات لاعنفية وتجنب الخطوات التي من شأنها أن تفضي إلى العنف.
إلى فتح، وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى:
14. تسريع المصالحة الوطنية وإطلاق حوار حول أهمية الطلب المقدم إلى الأمم المتحدة والدور الذي يمكن أن يلعبه في الإستراتيجية الوطنية.
إلى الدول العربية:
15. الوفاء بالتزامات تمويل السلطة الفلسطينية فوراً، وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، زيادة المساعدات للتعويض عن أي نقص في الميزانية ينجم عن التحرك في الأمم المتحدة.
رام الله/القدس/واشنطن/بروكسل، 12 أيلول/سبتمبر
نقلاً عن مجموعة الازمات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.