" الجريدة " تفتح أوراق الميثاق في صالات تحرير الصحف إجماع صحفي بأن الميثاق خطوة مهمة في طريق التحول المدني الديمقراطي. دعوة من مناصري الثورة في الوسط الصحفي لبلورة الميثاق أوساط القطاعات الحية في المجتمع السوداني.
منذ بواكير الثورة الشعبية ضد نظام المخلوع البشير، لم يتغيب كثير من منسوبي الصحافة السودانية عن المشاركة في حركة الاحتجاجات المناهضة لنظام المؤتمر الوطني المحلول، وأهل الصحافة السودانية دائماً ما يعرفون انحيازهم المُطلق للتحول المدني الديمقراطي بأنه جزء لا يتجزأ من ضرورة بقاء مهنة الصحافة نفسها في بيئة سياسية تسمح بالحريات وتحترم حرية الرأي، حتى تستطيع الصحافة القيام بدورها الطليعي في مراقبة السلطات وعكس نبض الجماهير وحماية تطلعاتها وأحلامها في سلطة تعبر عن الشعب تعبيراً حقيقياً غير منقوص ولا مُزيف. ولهذا لم يعد غريباً على عدد كبير من الصحافيين السودانيين الوقوف إلى جانب المقاومة الجماهيرية الراهنة ضد انقلاب ال25 من أكتوبر، وهو ذات الأمر الذي جعل جمهور الصحافة هم من أوائل المهتمين بميثاق سلطة الشعب الذي أعلنته لجان المقاومة التي تقود الحراك الثوري الراهن، تأييداً وبحثاً وتشريحاً لحيثيات الميثاق، وبدورها تفرد (الجريدة) مساحة لتجميع آراء بعض من الصحافيين السودانيين الذين عُرف عنهم تأييدهم للحراك الثوري الهادف لقيام الحكم المدني الديمقراطي.
(1) توطئة للتأييد منذ أن صدرت بيانات لجان مقاومة ولاية الخرطوم والتي أعلنت خلالها بأنها سوف تقوم بتدشين الإعلان عن ميثاق سلطة الشعب، وتداولت عدد من المنصات أهم مرتكزات الميثاق، بادرت اللجنة التأسيسية لنقابة الصحافيين السودانيين، بإعلان موقفها التأييدي والداعم لمشروع الميثاق في أهم مرتكزاته الرئيسية، وأصدرت اللجنة التأسيسية لنقابة الصحافيين السودانيين بياناً رسمياً قالت فيه، ( إننا في اللجنة التي تعبر عن إرادة غالبية الصحفيين السودانيين نعلن عن ترحيبنا بقرب إعلان ميثاق سلطة الشعب الذي تطرحه هذه اللجان لجماهير الشعب السوداني من أجل تدشين حوار مفتوح يحقق الأهداف المرجوة، وأضاف البيان: نثمن بهذه المناسبة المرتكزات الرئيسة لهذا الميثاق والتي وردت في مسودته الأولى ونرى أنها تتلاقى مع طموحات الشارع ولم تخرج عن أهداف ثورته في "19" ديسمبر، ما يبشر بأن إعلان الميثاق سيفتح الباب لإطلاق حوار شامل بين السودانيين لحمته وسداه وحدة الوطن وإفشاء السلام وتعزيز الإرادة الوطنية والتأكيد على مفارقة مناهج الماضي والسياسات التخريبية". وزاد البيان: "نحن نحيي جميع أعضاء لجان المقاومة على هذا العمل الوطني المخلص لوجه الشعب والمتجرد من الانحيازات الضيقة والرؤى القاصرة ونؤكد دعمنا لها في مواجهة ما تتعرض له من استهداف أمني، بجانب محاولات التخزيل والتقسيم، وأكدت اللجنة خلال بيانها بأنهم سينخرطون بشدة في عملية التداول حول بنود الميثاق، وسيعملون أيضا على توسيع هذه العملية وتشجيعها بحيث يصبح هذا الجهد معلما بارزا على إرادة هذا الشعب وتوحدها ومخرجا وطنيا من ما يواجه بلادنا ويتهددها.
(2) خطوة في الطريق الصحيح الأستاذ الصحافي بصحيفة "الشرق الأوسط" ، أحمد يونس، رداً على سؤال (الجريدة) عن مدى جدوى إعلان لجان المقاومة لميثاق سلطة الشعب في الوقت الراهن وفي ظل انسداد تام للأفق السياسي من بعد انقلاب ال25 من أكتوبر، قال : إن لجان المقاومة ظلت تقوم بدور كبير ومُقدر في تحريك المشهد السياسي السوداني، عبر المثابرة الدؤوبة في قيادة الحراك الثوري على الأرض، وبلا شك فإن الاتجاه للخروج بميثاق سياسي لحلحلة قضايا الدولة السودانية وإعادتها للمسار الديمقراطي، يعتبر في حد ذاته عملاً إيجابياً ومُقدراً، ووصفه يونس بأنه يمثل خطوة للأمام في الطريق الصحيح، داعياً لجان المقاومة لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية في الإضافة والحذف والتعديل لكل قوى الثورة الفاعلة والمؤمنة بالتحول المدني الديمقراطي، ليصبح الميثاق مركزاً موحداً لجميع الحالمين بالتغيير وتحقيق غايات الثورة السودانية. وفي ذات الاتجاه لم تبتعد الصحافية رحاب فضل السيد والتي أكدت بأن ميثاق لجان المقاومة جاء بعد رحلة شاقة في المقاومة السلمية ل"انقلاب" المكون العسكري ، وهو الأمر الذي جعل كل الأنظار تتجه صوب الميثاق لتأييده ودعمه بحسبان أن لجان المقاومة أثبتت عملياً بأنها هي القوى الحقيقية الفاعلة على الأرض، وأنها نجحت على خلال فترة وجيزة في إثبات علو كعبها في مضمار العمل الثوري الهادف لإحداث تغيير حقيقي للدولة السودانية يليق بعظمة التضحيات العظيمة التي بذلها شباب المقاومة دفاعاً عن ثورة ديسمبر المجيدة، وأكدت الأستاذة رحاب بأن الميثاق يحمل في مرتكزاته الأساسية كثير من الإجابات الشجاعة حول كيفية بناء دولة على أسس جديدة.
(3) التخلص من القديم الصحافي علي الدالي، وفي إطار تعليقه على ميثاق سلطة الشعب المُعلن من قبل لجان المقاومة، قال ل(الجريدة)" قبل التعليق على الميثاق أريد أن أعلن دعمي اللا محدود لثورة الشعب السوداني، وأن لا حياد أمام آلة القمع والموت المجاني في شوارع الخرطوم والمدن الأخرى . وأكد الدالي بأن ميثاق سلطة الشعب تحدث بوضوح لا لبس فيه عن كيف يحكم السودان ووضع أسس جديدة لكيفية الحكم وتخلص من كل ما هو قديم ، وأتى برؤية جديدة لحكم السودان الجديد ، وتابع الدالي: " لكن هذا المعلم يحتاج إلى وحدة وتلاحم قوى الثورة والقوى التي تناهض الانقلاب بما فيها القطاعات المهنية ومن بينها بالطبع الصحفيون المؤمنين بالثورة وأهدافها والداعمين لها ، وأضاف، " إنني أدعو جميع الزملاء الصحفيين والصحفيات إلى الترويج لميثاق الشعب والتبشير بما جاء فيه ومشاركة قوى الثورة بالقلم لأننا نمثل جيش الثورة الورقي. ومن جانبه قال الصحافي، محمد الأقرع في حديثه ل(الجريدة) : " الميثاق يعتبر منصة جيدة لنقاش والحوار بين قوى الثورة من أجل التطوير والوحدة، وأشار الأقرع إلى أن ما يميز هذا الميثاق عن غيره من المواثيق السياسية منذ الاستقلال وحتى الآن، أنه نابع القواعد لا توافق فوقي من شخصيات سياسية، لذلك هو راسخ وهو يمثل بالضبط مفهوم ميثاق سلطة الشعب. (4) حاجة مُلحة لوحدة قوى الثورة ظلت " وحدة قوى الثورة" المناهضة للانقلاب هي إحدى الهموم الرئيسية لدى غالبية السودانيين المناصرين للثورة، وكثيراً ما يتحدث السودانيين عن ضرورة تجاوز الخلافات والذهاب إلى وحدة حقيقية لمناهضة الانقلاب، الصحافي علي فارساب كان بمثابة صوتاً مُعبراً عن هذه الحالة، وقال ل(الجريدة) إن ميثاق "تأسيس سلطة الشعب" الذي أعلنت عنه تنسيقات لجان المقاومة بولاية الخرطوم، يمثل تحول كبير في الخارطة السياسية، الذي ينهي حالة الفرقة بين القوى السياسية والتنظيمات الثورية الأخرى والالتفاف حوله. وأشار فارساب إلى أن الميثاق يحتاج إلى مقترحات من القوى السياسية المناهضة للانقلاب لتزيد من قوته في تناوله للقضايا وأخرى من ناحية الصياغة، وأضاف، عموما الميثاق يمثل خطوة متقدمة في سبيل إسقاط الانقلاب، ويعطل من حركة الانقلابيين السياسية، الذين استغلوا عدم وجود برنامج أو ميثاق أو تحالف لخلق مركز موحد مقاوم للانقلاب، وعلى اللجان الاستعجال في التواصل مع لجان المقاومة في الولايات والتنظيمات الثورية الأخرى لمشاورتها والنقاش معها حول الميثاق حتى تنهي من أعماله مما يمهد الطريق إلى ميلاد جسم تنسيقي من الموقعين على الميثاق لقيادة المرحلة. وفي ذات المسار ذهبت الصحافية الأستاذة فتحية عبد الله، والتي أكدت أيضاً بأن ميثاق لجان المقاومة يُعبر عن القوى الرافضة للانقلاب والداعمة لأهداف ثورة ديسمبر، مشيرة إلى أن لجان المقاومة ينبغي أن تعكف على تخليق مقاربات سياسية بينها وبين بقية مكونات قوى الثورة المناهضة للانقلاب لتوحيد مركز المعارضة حول ميثاق واحد وموحد. (5) إثارة الجدل لم يخلو ميثاق سلطة الشعب من تدقيق أهل الصحافة الذين تحكمهم مهنة الرقابة والمراقبة عن كثب، الأستاذ الصحافي وليد النور، ثمن مجهود لجان المقاومة في استصدار الميثاق والذي أكد على أنه جيداً من حيث الشكل والمضمون، بيد أن وليد النور توقع أن يكون الميثاق بمسودته المُعلنة مثيراً للجدل في عدة نقاط، أحصاها وليد النور في الحديث أولاً عن إلغاء الوثيقة الدستورية التي كانت في السابق هى النواة لقيام الحكومة الانتقالية عبر شراكة بين المكون المدني والعسكري، ولكن وليد قلل من طبيعة الجدل في هذه النقطة بحسبان أن المكون العسكري الذي كان شريكاً في الوثيقة الدستورية انقلب عليها في الأساس وفض شراكته مع المدنيين، لكن عاد وليد وقال ل(الجريدة) بأن الميثاق تحدث عن القوى المدنية التي وقعت الوثيقة الدستورية مع العسكر وطالبتها لجان المقاومة بالاعتذار عن هذه الشراكة والتجربة، ويرى وليد بأن كثير من السياسيين والمراقبين سوف ينظرون لهذا الأمر بأنه بمثابة (تعسف) من قبل لجان المقاومة، غير أن وليد النور نفسه دعا القوى السياسية بأن تتجاوز هذا المطلب وأن لا ترى أن الاعتذار فيه إنتقاص لكينونتها. ودعا وليد النور لجان المقاومة لإبداء بعض من المرونة فيما يتعلق بقضايا مهمة جداً تعرض لها الميثاق مثل هياكل الحكم والمجلس التشريعي والمدة الزمنية المحددة للحكم وكل ما يتعلق بهيكلة القوات المسلحة عبر استشارة الخبراء والمعاشين. وفي اتجاه مغاير ذهب الأستاذ الصحفي، محمد أمين، في أن ميثاق سلطة الشعب يمثل تطوراً نوعياً كبيراً في تقدم الوعي السياسي للجان المقاومة وعدم استكانتها لحصرها إصطلاحاً في أنها هي القوى الشبابية التي تقود التظاهرات فقط، وقال أمين ل(الجريدة) بأن الميثاق أثبت عملياً بأنه تمخض من رحم ثورة ديسمبر المجيدة والتي كانت عنواناً سياسياً ومعرفياً لرفض مجتمعي لأية نوع من الوصايا للنادي السياسي القديم، وأن ثورة ديسمبر نجحت عبر لجان المقاومة أن تبرهن عملياً بأنها هي صاحبة الفعل الثوري والسياسي الذي يسعى لانتزاع سلطة الشعب التي تلامس أشواقه وتطلعاته وتعيد بناء الدولة السودانية على أسس جديدة . بالمقابل امتدح الصحافي الأستاذ محمد المصطفى ميثاق سلطة الشعب، وأكد ل(الجريدة) بأن لجان المقاومة هي روح الثورة وهي قلبها النابض وأنها هي الأجدر بحشد كل قطاعات شعب السودان ومكوناته السياسية والمهنية في ميثاق واحد وموحد. عبد الناصر الحاج