أكد الأستاذ علي عثمان محمد طه أن يوم أمس الأول كان نقطة مضيئة في مسيرة التنمية من حيث الانجاز الكبير الذي تجسد في تعلية الروصيرص واستخدام المياه في توليد الكهرباء وزيادة الرقعة الزراعية. وأضاف طه في حوار مع التلفزيون القومي: لقد كان عنفوان التاريخ وعنفوان الحاضر. وأشار إلى أن النيل الأزرق كان مدخلاً لتشكيل هوية السودان الحديث ببناء السلطنة الزرقاء، وكذلك في تشكيل حاضر البلاد الآن، واكد طه ان المواطن صبر كثيراً لتتحقق أحلامه في التنمية ومشهد المنظمات والصناديق العربية المالية والبيوتات التي شاركت في انجاز هذا المشروع الكبير هو الذي يعكس تلاحماً عبرت عنه مشاركة فعالة في بناء التنمية النافعة للسودان وللأشقاء العرب. ووصف الافتتاح بأنه تتويج للحضور القوي للسواعد الإنسانية وقدرات الشباب على تطوير التكنولوجيا وكانت ملحمة هندسية تؤكد أن شباب السودان قادرون على دحض كل الافتراءات التي تزعم عجز الذهنية السودانية. واعتبر دعوة الرئيس البشير لكل الأحزاب وحملة السلاح والمنظمات لوضع الدستور الدائم للبلاد بأنها تمثل رغبة صادقة في تجاوز صراع السلطة والحرص على وحدة البلد وتأمين المستقبل، وأضاف: نريد من خلال إطلاق مبادرة الدستور أن نؤكد على قناعة النظام والحكومة والدولة بأن الطريق إلى المشاركة وتبادل السلطة هو الحوار السياسي. وتابع: نريد أن نؤكد على تنفيذ الثوابت الوطنية التي يمكن أن تشكل خط أمان للممارسة الديمقراطية التي نرجوها ونريدها قوية من خلال توافق سياسي ينمو بالتعددية السياسية (وهذه الدعوة أدعو أن يأخذها الجميع بحقها من حيث الجدية والاهتمام لأن فيها المخرج وسنفتح الباب على العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية والمشاركة في مستقبل الأجيال وفتح أفق علاقات إقليمية ودولية وهي ساحة لحوار غني ومتعدد لا يقف على السياسيين ولكنه يشمل كل مكونات المجتمع). وتابع النائب الأول: نحن حريصون أن تكون تجربة الدستور ناجحة ومن حق الوطني والأحزاب المشاركة أن تكون لها رؤيتها للمساهمة في الحوار، ولكن لم يقل أحدٌ أن الوطني يتطلب من الآخرين أن يوقعوا على رؤيته وإنما رؤية مفتوحة للحوار والنقاش والأحزاب ستأتي برؤية وبهذا الفهم ستكون للوطني رؤية، ولكننا متفقون على أنه ليس من حق أحد داخل الحكومة أو خارجها أن يفرض رؤيته أو أن يجعلها شرطاً مسبقاً للاشتراك في الحكم. (واللجنة التي كوّنت كانت نتاج دعوة واسعة واستجابت لها مجموعة من القوى السياسية واتفقت على تكوين لجنة والأخيرة لم تفرض رؤية وليس هناك شئ جاهز مطروح وإنما كل شئ مطروح، وليست هناك مسودة جاهزة، وليست هناك أبواب جاهزة وهناك مقترح لمساهمة شخصيات وطنية لقيادة الحوار الوطني، وليس لدينا مرشح جاهز أو شخص نريد تسويقه). وحول لقاء البشير وسلفا غداً الجمعة بأديس أكد النائب الأول أنه الرغبة الحقيقة التي تجتاح كل أهل السودان. إننا نتطلع لجوار آمن مع الجنوب وقد عبر الرئيس البشير عن هذه الرغبة، وأضاف النائب الأول أنه شعور كل مواطن يرغب في الاستقرار ومن أجل أن يتحقق الرضاء وتبادل المنافع. وأضاف: نحن نقدر أن اللقاء الذي أثمر اتفاقات أديس الماضية سيكون هذا اللقاء باباً وفاتحة واختراقا للجهد الذي ساد. وبالنسبة لحكومة الجنوب أقول للأخ سلفا ما يربطنا بالجنوب رغم الانفصال السياسي لا يزال كبيراً وهو قادر على أن يحدث هذا الاختراق اذا ما أتى للمفاوضات برغبة حقيقية لأنه سيجد رغبة كاملة من أخيه البشير والاستعداد لإحداث هذا الاختراق والتحدي هو سماح المعارضين للاتفاق بالجنوب، وهناك تيارات سياسية قوية تتصارع حول هذا الخط، ولكن هذه التيارات على أرض الواقع قد انتهت والواقع عند المواطن الجنوبي أنه لابد من فتح أفق جديد، والمواطن هناك يتطلع لتجاوز الأجندة الخاصة. وتناول النائب الأول قضية فك الارتباط بين الجيش الشعبي والفرقتين التاسعة والعاشرة بالنيل الأزرق وجنوب كردفان. وقال: قدمنا رؤيتنا بشأن فك الارتباط ونحاول أن نعين حكومة الجنوب لتجاوز الأمر ولكن لابد من فك الارتباط وأن يكون الترتيب الأمني شاملاً. وموقفنا هو أنه يمكن أن تحل القضية عبر الحوار السياسي مع الجنوب. وفي رده على سؤال حول إجازة الميزانية بعجز مالي امّن النائب الأول على أنها أجيزت بعجز. ولكنه أشار الى أن الميزانيات طوال تاريخ السودان كانت تجاز بعجز. وأردف: هناك تحدٍ أن يبذل جهد إضافي لزيادة الإيرادات والطريق للزيادة بدون فرض ضرائب جديدة، والسودان من البلدان التي ينخفض فيها السقف الضريبي في الموازنة. والميزانية وضعت بعجز في إطار سياسة المتاح. ووصف الميزانية بالمتقشفة والمحافظة والمتحفظة (وإذا بذل جهد حقيقي في تغذية وتمويل الانتاج ورفع كفاءة الانتاجية فهذه مسألة مهمة، وأرى أنه بعد الخريف الجيد أن الفرصة متاحة لتحقيق المعدلات الواردة في البرنامج والتحدي أمام الموازنة ضبط سعر الصرف وهذه قضية مهمة، وهناك العديد من الإجراءات في الأمر منها ما تم اليومين الماضيين، والتحدي الآخر استقرار الأسعار في الأسواق ونحتاج إلى تعاون ثلاثي الأبعاد خاصة الجهات الحكومية لتحديد الأسعار التأشيرية، بجانب أجهزة الحكم المحلي لمتابعة الأسعار المحددة ثم الرقابة الشعبية. وهنا أُحيي زيادة وعي المواطنين ومبادرة إنشاء جمعية حماية المستهلك وجمعيات الأحياء والقطاع النسوي في الأحياء يشكل حضوراً أكبر). وأكد النائب الأول أن البرنامج الثلاثي الاقتصادي الذي بنيت عليه الموازنة قابل للتحقيق. وتطرق الى مشروعات التعلية والعائد منها. وأكد أن الأولوية فيها للأهالي ولكنها في النهاية لكل السودانيين، بل وللشركاء الخارجيين. وأشار إلى أن كثيراً من البلدان تركيا اندونيسيا والبرازيل ترغب في الدخول معنا في شراكات زراعية بعد أن توفرت المياه الآن وسيسهم ذلك في زيادة الدخل وتوفير المال للصرف على مشروعات التنمية. وحول علاقات السودان الخارجية، أكد علي عثمان أن مُعاداة الغرب للسودان ليس نتاج سياسة الحكومة الحالية أو التشدد، وقال إنّ الغرب أدار ظهره للسودان منذ المصالحة الوطنية في عهد نميري وقبل تطبيق الشريعة الإسلامية، وأكد أن هذه الحقيقة يقولها بصفته شاهداً على العصر. وأكد أن القوى الغربية سعت لإضعاف الإجماع الوطني وكسره وحتى قوى إقليمية سعت لذلك. ومن الخطأ القول إن السبب هو توجه النظام، وأكد أن السبب هو استقلال القرار، ونوه الى أنه وفي الديمقراطية الثالثة لم يجد السودان الدعم. ونقول بالصوت العالي أن نعيش وفق ضمائرنا وبإرادة وطنية خير لنا ألف مرة. وتناول النائب الأول قضية مواقف السودان من القضية الفلسطينية وضربة اليرموك والموقف العربي منها، وكشف طه أنه جاءت مناشدات ونصائح للرئيس ومذكرات بأنه إذا أردت حل كل مشاكلك فعليك الاعتراف بإسرائيل، وتابع في تعليقه على ضعف المواقف العربية من السودان: صحيح أننا كنا وما زلنا نتوقع مواقف عربية أقوى بشأن قضايا السودان ومواقفنا كثيرة منها بسبب العرب وسنظل ندفع هذه الفاتورة لقناعتنا وهذه بالنسبة لنا قضية وجود وهوية حتى وإن تجافاك الآخرون. وندرك أن تحقيق بعدنا الأفريقي لا يكون إلا بحضورنا الأفريقي. وأقول ان فصل الجنوب إكمال لمخطط ضرب الاسفين بين جنوب وشمال الصحراء وبفصل الجزء ستنتقل المحطة لمباعدة الشقة بين المحيطين العربي والأفريقي. وتحدث طه عن تضارب تصريحات المسؤولين وأرجعها إلى إنعكاس لطبيعة المجتمع السوداني واستعداده الفطري للحديث في الأشياء. وثانياً مهما ادعينا رسوخ الخطى في الممارسة الديمقراطية ما زلنا في خطواتنا الأولى لتعلم الحدود والفواصل. وثالثاً تجربتنا السياسية في المؤتمر الوطني والحكومة تنقصها مسألة التدريب والمراشد الكافية لتحديد حدود المسؤولية. ورابعاً انفجار المعلومات وتعدد الوسائط التي تجعل من الصعب حصر الحديث في ناطق رسمي للحكومة، وقناعتي أن الشخص المختص أو الوزير المسؤول يتحدث في دائرة اختصاصه أفضل من غيره وهو ناطق رسمي. والبرلمان وفقاً للقانون من حقه أن يسأل في أي قضية وبقدر ما يتاح له من معلومات يطرح فكره ونحن لا ندعو لتكميم الأفواه. ونحاول أن نتدارس مع الآخرين في مصادر المعلومات التي يجدونها عندهم. وأضاف: (ومسألة التعامل مع مثل هذه المعلومات أحياناً من المشكلات التي تواجهنا. فلدينا بطء في نظام انسياب المعلومات وإتاحتها. وبرغم نقاط الضعف أنا متفائل بالأداء في المرحلة المقبلة لأننا نجتهد في رفع الكفاءة والتدريب. وأحياناً أفكر في صياغة قانون في الحصول على المعلومة ليستفيد منه المسؤول نفسه ويزيل هذا الغبش الذي يصاحب انسياب المعلومات). وأكد طه على خلفية سؤال حول إغلاق عدد من مقار منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات، أنّ الحريات قناعة لدى الحكومة، ولكن في كل حالة هناك جدلية بين الحرية والمسؤولية تنبسط وتنقبض بظروف المتغيرات التي تمر بها، لكن قضية الحرية ليست قضية مساومة أو إنتهازية، ولكن هي قضية أسسها الدستور وحتى الإيمان بالله قضية حرية. وأضاف: (خلونا نكون واضحين أن منظمات المجتمع المدني التي تتشكل في إطار وطني لا حجر عليها البتة خَالَفت الحكومة أو اتفقت معها في إطار القانون، لكن كلنا يعلم أن كثيراً من أجهزة المخابرات وقوى النفوذ تتخذ قضية المنظمات واجهات لتمرير أجندتها، وهناك كتاب أمريكي يتحدث عن ارتباط المنظمات بالمخابرات وفيها منظمات سودانية سننشره للرأي العام قريباً وهذه المنظمات مقصود منها العمل على تغيير الأنظمة). وقال إن كل منظمة تعمل وفق القانون الوطني لها مطلق الحرية في العمل وإن خالفت الحكومة في رؤيتها. وحول قضية الدستور، أكد طه انه في قضية الدستور لا حجر على رأي ولا استثناء لفئة أو حجر لجهة حتى لو نادت بالدستور العلماني طالما هو مطروح على الطاولة ولكل حجته، وسنجعل الأمر مفتوحاً بالكامل في إطار الموضوعية والحوار بالحسنى وفي إطار تمليك الرأي العام هذه الحيثيات ليختار من بينها لأننا مقتنعون بأن موروث الشعب السوداني يجعله لا ينزع ثقافته وهويته.