ما هي علاقة القرار الأمريكي بسحب القوات الأمريكية من العراق نهاية هذا الشهر بذكرى ضربة برج التجارة العالمية.. التي راح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف من الأمريكيين؟.. وهو رقم قريب جداً من عدد الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في الحرب في العراق والذين تجاوز عددهم حسب الإحصائية الأمريكية أربعة آلاف وثمانمائة جندي وضابط! وهل صدور القرار الأمريكي تم بمراجعة حسابات الربح والخسارة.. من الغزو الأمريكي للعراق؟ وهل للإنسحاب الأمريكي علاقة بصفقة أو تسوية مع إيران؟ يقول بعض المحللين السياسيين إن هناك صفقة سرية بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية.. تقوم على أن تسحب أمريكا قواتها من العراق. لتطلق إيران يدها في العراق وتسيطر على الأوضاع فيه بواسطة عناصرها هناك من حزب الدعوة.. ومن حزب مقتدى الصدر وحزب الحكيم.. مقابل ذلك تتعهد أمريكا بعدم قيام إسرائيل بأي هجوم ضد البرنامج النووي الطموح الذي أرعب أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكل دول الاتحاد الأوربي. لن تتنازل عنه إيران لأنه العاصم الوحيد لها، وإن حاولت أمريكا إقناع إيران بالتخلي عنه. واتفق تماماً مع هذا التحليل.. لأن أمريكا تخشى الدول النووية.. وتعمل ألف حساب من إيران.. من جيشها القوي وحرسها الثوري المليوني وصواريخها عابرة القارات. في أيام الحرب العراقية الإيرانية.. شنت القوات الإيرانية هجوماً ضخماً وكاسحاً على شرق البصرة.. قوامه مليون مقاتل. يتقدم الهجوم كميات هائلة من الأبقار والحمير.. لتفجير الألغام وقد فشل الهجوم المليوني فشلاً ذريعاً وحينها كنت مرابطاً مع مجموعة من الصحافيين الذين يعملون مراسلين عسكريين لمختلف الصحف والمجلات العربية.. وكنت حينها أعمل مراسلاً حربياً لصحيفة (الثورة العراقية).. ومجلة (الوطن العربي) التي تصدر في باريس.. وما زالت تصدر حتى الآن.. وكتبت خبراً طويلاً وتقريراً كان عنوانهما «فشل هجوم المليوني الأعمى». وقد التقطت العنوان معظم الإذاعات العالمية لأنه كان هجوماً مليونياً.. ولكنه أعمى.. لأنه لم يحقق أهدافه. وأمريكا تريد أن تحقق لإيران ما فشلت في تحقيقه إبان حربها على العراق.. وتلك الحرب التي خسر فيها الجانبان كثيراً من الشباب والعتاد والمال.. ولم يكن فيها منتصر ومهزوم. أمريكا عندما قررت أن تغزو العراق كانت تدرك جيداً.. أن العراق سيكون هديتها الكبرى لإيران.. وكانت تدرك تماماً أن النفوذ الشيعي سوف يسيطر على المنطقة.. وتدرك تماماً أنها ستخسر المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، لذلك حولت ثقلها العسكري في قطر.. لأنها تخشى القاعدة في السعودية.. وتخشى قواعدها السرية في عدد من دول الخليج.. وهي تعلم أن الجزيرة العربية وبعض دول الخليج هي المنبت الأول لتنظيم القاعدة. إن ما تبقى من قواتها في العراق (50) ألف جندي، سيسحبون قريباً.. وهناك فكرة لتكوين قوات سلام في العراق. ومنذ إعلان أوباما سحب قواته من العراق لم يذق حكام العراق طعماً للنوم.. فالدور سيأتيهم في الإنسحاب للحاق بالقوات الأمريكية المنسحبة خاصة أنها هي التي تعينهم حكاماً للعراق ويحمل معظمهم جوازات سفر أجنبية.. أمريكية وبريطانية وإيرانية وألمانية. وفي لحظة القرار الأعظم سوف تفتك بهم قوات المقاومة العراقية الباسلة، لذلك يفكر كثير منهم بالعودة للمهاجر القديمة بالباسبورتات قبيل انسحاب القوات الأمريكية من العراق. لكن السؤال.. هل سيكون إنسحاب القوات الأمريكية من العراق إنسحاباً سهلاً وسلسلاً.. وهل ستفوت قوات المقاومة العراقية بمختلف فصائلها هذه الفرصة. فرصة الإنسحاب التي ستكون فرصة مواتية لآصطياد أكبر عدد من القوات الأمريكية المنسحبة. يتوقع المحللون.. أن السيناريو القادم سيكون كالآتي:- ستوجه المقاومة العراقية ضربات ماحقة للقوات الأمريكية أثناء انسحابها.. ثم تعلن قطاعات كبيرة من الجيش العراقي وقوات الشرطة انضمامها للمقاومة، وستدور معارك طاحنة داخل المدن العراقية.. وسوف تتدخل إيران بكل قوة لحسم الأمر ومنع الأمر من الإنفلات. دول الجوار العربي.. ستكون على أهبة الإستعداد ولكنها لن تتدخل.. وسوف تكون جاهزة لحماية حدودها. هكذا أرادها بوش أن يكون تدخله خراباً لأغنى دولة عربية ولأقوى دولة عربية.. لسبب واحد.. أن القائد صدام حسين تجاوز الخطوط المسموح بها أمريكياً.. وأصبح يشكل خطورة كبيرة.. لأنه بنى جيشاً قوياً وقاعدة علمية وصناعية ضخمة. ونهضة ثقافية لا مثيل لها. وقلبي على العراق وشعبه من النشامى والماجدات.