بدأ الرئيس السوداني عمر البشير السبت زيارة إلى إقليم دارفور غرب البلاد تؤكد حرص واهتمام الدولة بهذا الإقليم كما وفي ذات الوقت تؤكد هذه الزيارة تحسن الأوضاع الأمنية فيه. ووجه الرئيس السوداني في نيالا عاصمة ولاية دارفور الجنوبية التي بدا زيارته منها نداء إلى الجميع لتحقيق السلام مشددا على أهمية تحقيق التنمية في المنطقة. وقال البشير أثناء لقاء في نيالا "لا يريد المواطنون سوى سلام شامل ثم التنمية ولهذا السبب أدعو العناصر المتمردة إلى الانضمام إلى العملية السياسية لكي نتمكن معا من إعادة إعمار دارفور". وخلال جولته الحالية دشن البشير عددا من المشاريع التنموية من بينها طرق ومرافق صحية ورياضية وخدمية. ورأس يوم الأحد مجلسا استثنائيا للوزراء في الفاشر عاصمة ولاية دارفور الشمالية وقد ناقش الاجتماع المشاريع التنموية في هذه المنطقة المحرومة من البنى التحتية الأساسية. هذا وقد انتقد البشير خلال هذه الزيارة يوم السبت الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون على تضخيم أزمة دارفور من أجل إخفاء "فشلهما في العراق". وأكد البشير أمام جمع من النازحين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور الشمالية أن "بوش وبراون يبالغان فيما يجري في دارفور لتغطية الانتهاكات المرتكبة في العراق وفشل دولتيهما في احتواء الوضع". وتحدى البشير بوش وبراون اللذين ما زالا يمارسان ضغوطا على صعيد أزمة دارفور أن يتحدثا مباشرة "أمام تجمعات شعبية في بغداد" كما فعل هو السبت في دارفور. وسخر البشير منهما قائلا "لا يتجرأ أي مسؤول أميركي أو بريطاني إعلان زيارته إلى العراق قبل موعدها" منتقدا المنظمات الإنسانية التي تعمل بالإقليم. متهما "بعض تلك المنظمات بجمع الأموال باسم دارفور دون إنفاقها على المنكوبين واستغلال الأزمة لأغراض تجارية". وقال البشير "لن نقبل أن تتحول مخيمات النازحين إلى متاحف يعرض فيها البؤس البشري على مرأى العالم. إن سكان دارفور بتراثهم الثقافي وتقاليدهم قادرون على المصالحة وإيجاد حلول لمشاكلهم بدون مساعدة أجنبية". وبدأ البشير السبت زيارة إلى دارفور تعتبر مؤشراً دالاً على اهتمام الخرطوم بتنمية تلك المنطقة المضطربة في غرب البلاد, كما وأنها برهاناً على تحسن الأوضاع الأمنية فيها. وبعد تدشين عدة مشاريع في جنوب دارفور رأس الرئيس السوداني الأحد اجتماعاً استثنائياً لمجلس الوزراء عقد في مدينة الفاشر. إلى ذلك أجاز مجلس الوزراء الاتحادي برئاسة رئيس الجمهورية في جلسته رقم (29) والتي انعقدت بقاعة الشهيد مجذوب الخليفة بالفاشر تقارير أداء ولايات دار فور الثلاث لسنة 2006م، كما أجاز الاجتماع عدداً من القرارات الهامة والتى شملت التأكيد على التزام الدولة بإنفاذ اتفاقية أبوجا في كافة محاورها بما فيها المحور الأمني وبسط هيبة الدولة وإعادة النازحين على مناطقهم وتمكينهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، بجانب التأكيد على استمرار جهود التفاوض مع حاملي السلاح وإلحاقهم بركب السلام والتوجه نحو التنمية الشاملة والمستدامة. وأشاد المجلس بالانفتاح السياسي الذي أفسح المجال للحركات المسلحة بدارفور للمشاركة في السلطة التنفيذية تنفيذاً لاتفاقية أبوجا كما أشاد المجلس بمشاركة المرأة في الجهازين التشريعي والتنفيذي بولايات دارفور الثلاث وأكد مجلس الوزراء على استمرار الدعم الاتحادي للولايات الثلاث لتنفيذ طريق الإنقاذ الغربي بمحاوره المختلفة ومشروع كهرباء الفولة وتأهيل سكة حديد بابنوسة – نيالاً, وقرر المجلس كذلك أن تبذل حكومات الولايات الثلاث المزيد من الجهد لتأهيل وترقية الخدمة المدنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني مع التركيز على الخريجين المستوعبين حديثاً، ووضع تدابير خاصة لتحفيز الكوادر المؤهلة في الخدمة المدنية للعمل في الولايات وخاصة في ولاية غرب دارفور كما أشاد المجلس بالجهد المبذول والمقدر في مجالات الزراعة والتعليم والصحة والمياه والذي أسهم في محاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة ومواصلة الجهد لرفع نسبة إجلاس التلاميذ وتقليل نسبة التسرب ومحاربة الأمية وقرر مجلس الوزراء ضرورة دعم جهود الولايات الثلاث لتوفير الأطباء الاختصاصيين والعموميين والكوادر المساعدة في مختلف التخصصات. وأجاز المجلس مشروع قانون جامعة كرري للتقانة لعام 2007م. وفي ذات السياق أصدر مجلس الوزراء في جلسته عدداً من التوجيهات أهمها: ربط تقويم الأداء في كافة مجالات الخدمة خاصة في مجالات الصحة والتعليم بأهداف الخطة الإستراتيجية القومية الخمسية لعام 2007م – 2011 ، وتنسيق الجهود مع الجهات المختصة لسد النقص في إعداد المعلمين, إضافة إلى متابعة الجهود لمكافحة أمراض الملا ريا والبلهارسيا والدرن, والعمل على زيادة الجهد في مجال تشييد الطرق والجسور وربطها بالطريق القاري، وزيادة مساحة البث الإذاعة والتلفزيون لتبصير المواطنين بالاستراتيجيات القومية الداعمة للاستقرار الاجتماعي. ومن النتائج التى ترافقت مع زيارة البشير أن منطقة دار زغاوة بغرب دارفور شهدت أكبر عودة طوعية للنازحين واللاجئين بالمعسكرات الداخلية من دولة تشاد بلغت أكثر من (750) أسرة. وقال الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن المفوض العام للعون الإنساني الذي شهد العودة الطوعية للنازحين من معسكرات الجنينة وهشابة ومولي واللاجئين من تشاد إلي منطقة زغاوة. وقد قدمت مفوضية العون الإنساني والجمعية الطبية الإسلامية وجمعية الهلال الأحمر ومنظمة إسراء الخيرية للعائدين حوالي 90 طنا من المواد الغذائية والأدوية ومواد الإيواء دعما وتعزيزا للعودة الطوعية. من المهم الإشارة إلى أن زيارة البشير إلى إقليم دارفور تأتي في الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام الغربية وبعض المنظمات الدولية عن أعمال عنف وقتل واستمرار المصادمات اليومية في أنحاء الإقليم, وهذه الزيارة تعتبر شاهداً على بطلان مزاعم هذه الوسائل والمنظمات حول حقيقة الأوضاع على الأرض. كما أن الزيارة وانعقاد جلسة مجلس الوزراء تؤكد حرص الدولة على التواصل الفاعل مع إنسان هذا البلد أينما كان. إن هذه الزيارة والنتائج المترتبة عليها على صعيد الاستقرار في الإقليم تضع اللاعبين الفاعلين في الأزمة أمام اختبار حقيقي ليس فقط على مستوى النوايا بل على مستوى الحلول العملية.