حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    وزارة الخارجية تنعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    (بي ياتو ناحية ؟؟)    بيان توضيحي من وزارة الري حول سد مروي    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    بالصور.. الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    اعلامي تونسي يرشح الترجي للتتويج بالأميرة السمراء    قال ديمقراطية قال!!!    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    والى ولاية الجزيرة يتفقد قسم شرطة الكريمت    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    (باي .. باي… ياترجاوية والاهلي بطل متوج)    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيرة النظام ... كتمت .. بقلم: عمر العمر
نشر في سودانيل يوم 10 - 02 - 2019

كلما اتسع الحراك الجماهيري مساحة وكثافة لا يضيق فقط أمام النظام الأفق بل يتوغل كذلك في حيرته المستحكمة. الحيرة في الأصل حالة مفزعة تنتج عن عدم القدرة على استيعاب شخص ما حقائق الأحداث الدائرة في محيطه. السقوط في هذه الحالة يفضي إلى القلق المصاحب بالتردد على نحو يشل القدرات والإمكانات المتاحة بغية كسر طوق الأزمة. النظام ظل ملتبساً ازاء استيعاب مكونات، دوافع وأبعاد الحراك الجماهيري كما غاياته. ذلك العجز الفادح أسقطه داخل فخاخ فوبيا الحيرة فلم يجد غير العنف لكسر حيرته المستحكمة متوهماً فيه أداة كفيلة بكبح ثوران الشارع. هو لا يملك غيرذلك للتحاور مع خصومه.
من سمات الحيرة بث الخوف من الإخفاق حتى يبدو كل خيار متاح ضرباً من المغامرة المفضية إلى الفشل لا محالة. إنه مأزق يجرد صاحبه من جرأة الخروج عن المألوف. هكذا كان علي عثمان يرى في تصريحاته البغيضة طوقاً للنجاة من الأمواج البشرية البادية في التدفق آنذاك عبر الشوارع. الرجل المثير للجدل سقط نفسه فريسة حيرة مطبقة. هو لا يملك غير شهوة العنف خياراً كما أنه لم يكن على وعي متكامل بطبيعة ما يحدث في الشارع. فمن أسباب السقوط في الحيرة كذلك عدم إمتلاك المعلومات الخاصة بالأحداث الدائرة.
أزمة علي عثمان بالإضافة إلى فقر المعلومات غرور متجذرفي شخصيته. هوغرور ناجم في أفضل قرءاته عن ثقة بالنفس في غيرموضعها. الثقة إن فاضت عن قامتها اضحت مفرطة وإن تدنت عن ذاتها أمست تردداً. هي في الحالتين هي دافعة صاحبها إلى الحيرة حتماُ فيسقط في شباك الإلتباس والترد. التجربة أثبتت كم هومكلف خيار علي عثمان، فالذين تحدث عن استعدادهم للتضحية دفاعاً عن النظام ضحوا بشباب من زهرات الوطن دونما يفلحوا بذلك في الدفاع عن النظام. المردود جاء باهظا على علي عثمان والنظام.
هنا تستبين أكبرسواءات علي عثمان المشربة بالحيرة وهي النرجسية المفرطة الدافعة فريستها دوماً إلى الرغبة في الفوز بكل شيء دون خسارة القليل الأدنى. هو يعد مثالاً صارخاً لناهبي الشعب في صمت مريب. الرجل الساكن في ريف مرفه لم يستوعب أصلاً أسباب االإحتجاج الشبابي العفوي دع عنك إمكانية تحوله إلى عمل ثوري يسستهدف تغييراً جذرياً. كل جهابزة النظام كانوا في ذلك القصور على حد سواء. نعم بدا الحراك الشبابي تلقائياً يفتقر إلى العقل المنظم المقنع بتحويله آلية مشروعة للتغيير. لذلك رآهم قادة النظام على نهاية وشيكة لنوبة حماسة شبابية عشوائية، غير أن الجهابزة لم يلتفتوا إلى التجربة التونسية الطازجة حيث الثورة نفسها بدأت حراكاً تلقائياً.
مما ضاعف حيرة النظام عجز ماكيناته في فك شيفرة آلية االثورة، فالحراك يبدو ممنهجاً على نحو يفترض وجود قيادة مركزية استعصى كشفها على استخبارات النظام. بينما استنت قيادة الحراك لذاتها فريضة الإحتجاب. هذا الإرتباك من قبل أجهزة النظام ساهم في مضاعفة حيرة قادته على نحو أفقدهم القدرة على رسم حلول ناجعة في مواجهة الثوران الشعبي الآخذ في التنامي. في المقابل تفصح خطة وإرادة الحراك الجماهيري على عزم لا لبس فيه انه ماض حتى بلوغاياته النهائية المعالن عنها؛ هدم النظام ثم بناء آخر حديث على أساس علاقات سياسية، إقتصادية وإجتماعية مغايرة مهما بلغت الكلفة.
ذلك منهج ضاغط على عصب النظام المرتبك فأسلوب القمع رغم توغله في التوحش لم يفلح في كبح المد الجماهيري المتعاظم في العنفوان. هنا بلعت الحيرة ذروتها. جماهيرغاضبة حد مواجهة الموت بقيادة غير مرئية القسمات لا تلَوح ببديل جاهز واضح المعالم. ربما من المفارقات المتولدة من حيرة النظام إكتساب الجماهير وعياً تكتيكياً لمواجهة عنف النظام الأعمى إذ تبنت منهج تظاهرات الأحياء. ذلك نهج أكسب الحراك مهارات عملاتية بغية تطوير سياقها الثوري. فمظاهرات الأحياء السكنية بدت كأنها شبيهة بما عناه الفيلسوف الإيطالي انطونيو غرامشي ب"حرب الخنادق" مع انتفاء بالطبع صبغة المحاربين المسلحين عن المتظاهرين. لكن ما ينسجم مع رؤية غرامشي هو اكتساب الحراك مع تصاعد إيقاع هذه الآلية تحت سلاح النظام القدرة على التطور في شكل تنظيم حزبي.
هذا تطور أضاف لحيرة النظام عمقاً موازياً لإرتباك قدراته إذ لم يهتد إلى مخرج يؤمن له إخماد جذوة الشارع المتقدة أو مواصلة لامبالاته المألوفة على الساحة الوطنية. كأني أرى مقولة نجيب محفوظ "ما أشد حيرتي بين ما أريد وما أستطيع"عالفة فوق رؤوس النظام هذا الإلتباس دفع القادة لجهة لإعلان تقديم تنازلات متتالية متوهمين نجاعتها في امتصاص الغضب الجماهيري العارم. بغض النظر عن صدقية القادة المتنازلين فإن الثابت لدى الحراك الجماهيري عدم القناعة بغير استرداد الدولة. لذلك كل التنازلات عما استحدثه النظام ليس مقنعاً للمساومة عند الشارع ليس فقط من أجل إنتزاع القوق الحياتية السليبة كالتثقيف والترويح أو الخروج في التأنق والسهر العفيف خرج الشباب. جذر الأزمة استرداد الدولة إذ شكل السطوعليها خيانة كبرى إنبنت عليه باطلا كل االخطيئات والجرائم المتراكمة. استعادة المسلوبات حقوق لا امنتان بها غير أن الرضاء العام باسترداد الدولة المختطفة ثلاثة عقود. ردوها. تنازلوا عنها تخرجوا من متاهة الحيرة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.