تقرير: آدم محمد أحمد – جريدة الأخبار الإشارات الملونة التي بثها كبير مساعدي الرئيس مؤخرا، من مقر قواته "بابولجا" بشمال دارفور، في شكل تصريحات نارية تفوح منها رائحة الحرب، ناحية شريكه القديم الجديد "المؤتمر الوطني"، انعكس على عمل اللجنة المشتركة بين الطرفين التي تبحث صيغة لتجديد "عقد" الحركة للمشاركة في الحكومة الجديدة، مما أدى إلى فشلها في التوصل لاتفاق في اجتماعهما الأحد الماضي بالمركز العام للوطني، الذي امتد لقرابة الساعتين والنصف دون نتائج ملموسة، وبحسب نائب مناوي في الحركة د.الريح محمود أن الاجتماع لم يحدث فيه تقدم كبير لكن هناك بعض الموضوعات كانت ايجابية، مبينا أن اللجان المشتركة تواصل مشاوراتها لحين الاجتماع الذي تم تحديده الأحد القادم... ورغم أن الطريقة التي سلكها مناوي في التعبير تشي بوجود نية للرجل بتكرار تجربة "الاعتكاف" في العام 2008 بمنطقة مزبد، حينما رفع صوت الاحتجاج بان أبوحا لم تنفذ... بيد أن تشابه الظروف و المكان ما بين "مزبد وأبولجا" باعتبار أن المنطقتين في ولاية شمال دارفور، جعل مني أركو مناوي يذهب إلى هناك هذه المرة يحمل صفة رئيس لحركة تحرير السودان دون كبير مساعدي الرئيس بعد أن تم إعفاؤه من الموقع بقرار رئاسي قبل أن يبدي مني زهده في إمكانية تولي المنصب مرة أخرى، عندما قال وهو يتفقد ما يفوق ال (300) عربة لقواته "أنا شخصيا ارفض العودة لمنصب كبير مساعدي الرئيس وسأعرض هذه الرغبة خلال اجتماع لقيادة الحركة لتقرر بشأنه"... غير أن الرجل ذهب أكثر من ذلك عندما هدد بالعودة للحرب في حال عدم تنفيذ ابوجا، خاصة بند الترتيبات الأمنية، حاثا جنوده للتماسك وان تكون أياديهم على الزناد. وبحسب مراقبين لشئون الحركة إن مناوي قصد من تلك التصريحات رفع سقف المطالب في كعكة السلطة، ومنح لجنته وضعا مريحا في التفاوض مع الطرف الآخر، من خلال قرع جرس تنبيه "للوطني" بأنه مازال موجودا ومؤثرا على الميدان السياسي والعسكري".. وهنا يمكن تلمس ذلك قول مناوي " قضية دارفور لن تنتهي وان أسباب الأزمة لا تزال قائمة " مضيفا "المؤتمر الوطني يعتقد انه الوحيد الذي يفهم والبقية لا تفهم لكن الخندق الذي حفره سيزيد كل يوم، مؤكدا أن الخلاف بينه والوطني منحصر حول بند الترتيبات الأمنية، فيما يتعلق بتجميع القوات، وشدد على ضرورة تنفيذ نص أبوحا الخاص بالقوات المدمجة، وقال الوطني يروج بان حركتنا قد انتهت ولكنها موجودة وجاهزة"، ورغم تلك التصريحات التي تبدو بائنة للعيان إلا أن عضو لجنة الحوار مع الوطني ورئيس الحركة بولاية الخرطوم ابوعبيدة عبد الرحيم ينفي أن يكون مناوي قصد العودة للحرب ، وقال في حوار مع (الأخبار) أن الإعلام هو من حرف التصريحات بنقله غير الدقيق، لافتا إلي أن الأيام القادمة ستثبت أن مناوي ملتزم بابوجا. لكن بحسب مصادر مقربة من مناوي ان الرجل ذهب إلى قواته وأطلق تلك التصريحات بعد أن أحس بان هناك تهميشا حقيقيا يمارسه المؤتمر الوطني تجاه حركته سيما بعد الانتخابات، وقال المصدر إن المؤتمر الوطني لم يعير الرجل اهتمام وبدا اتصالاته مع الأطراف المختلفة بصدد تشكيل الحكومة ووصلت مشاوراته حتى الأحزاب التي قاطعت الانتخابات بغرض إشراكها في الحكومة، لكنه لم يبلغ مناوي بان كعكة السلطة ستشمله، وبحسب المصدر أن قيادات من الوطني أصبحت تتحدث صراحة بان مناوي لم يعد مفيدا وليس له وزن في الفترة المقبلة، ووفقا للمصدر أن زيارة مناوي مؤخرا إلى جوبا كانت بغرض مناقشة أمر إشراكه في السلطة مع النائب الأول للرئيس الفريق سلفاكير ميارديت ووضعه في الصورة... لكن طبقا لتلك المصادر أن ما يجعل مناوي يثور أكثر هي الخطوات التي أقدم عليها ولاة دارفور المنتخبين وتشكيل حكوماتهم دون فرز حيز لحركة مناوي مع علمهم بأنها موجودة وفقا لاتفاقية أبوحا، وهذا هو ما عبر عنه تصريحاته وانتقد بشدة تشكيل حكومات ولايات دارفور الثلاث، معتبرا إياها «أشارة لسوء النية» وقال إن اجتماع قيادات الحركة سيعقد قريبا للنظر في تلك التجاوزات" وهنا فإن مراقبون سياسيون يذهبون إلى القول بان أسباب مختلفة مستندة علي مجمل الوقائع والظروف ما بعد الانتخابات، جعلت مناوي "ينتفض" مجددا، ويقول القيادي الدار فوري وعضو الحزب الشيوعي د.صالح محمود " مآلات الأوضاع في ظل الحديث عن تفاهمات بين حركة مناوي والمؤتمر الوطني في إطار الحكومة الجديدة تبدو من الصعب الإجابة عليها إلا انه من المؤكد ان اتفاقية ابوجا التي وقعها مناوي لم ينتج منها أي شيء ايجابي، مما يجعل الرجل تحت تساؤلات الناس في دارفور عن ماذا قدمه لهم باعتبار انه وقّع سلاما باسمهم؟، ويضيف صالح "بالتالي هذا الوضع ربما جعله يبحث هو عن دور جديد حتى يعدل من وضعه الذي كان سالبا جدا في الفترة الماضية"، المسألة الأخرى بحسب صالح أن تحركات الأطراف في الدوحة في إطار اتفاق السلام المتوقع، يجعل الأشياء كأنما لا توجد خانة لحركة تحرير مناوي مستقبلا، لاسيما بعد ظهور السيسي ودريج في الخط، إضافة إلى محاولات كبيرة تجري لإقناع عبد الواحد نور بالعودة إلى التفاوض، هذه الحيثيات تشير في اتجاه كأنما مني استنفذ فرصته بتوقيعه المنفرد على ابوجا، على حد تعبيره، غير أن صالح يفسر تلويح مناوي بالعودة للحرب في هذا التوقيت بان الرجل في السابق ومنذ فترة وجوده في القصر كان لا يمكنه أن يكون نقيضا للحكومة التي هو مشارك فيها من الناحية القانونية، لذلك الآن يحاول التلويح بالعودة للحرب في تصريحاته، لكن هذا الخيار يحتاج للكثير من مناوي لتحقيقه طبقا لصالح باعتبار أن مناوي لم يعد يحتفظ بقوات مقنعة أو تحالفات مع الحركات الأخرى ترجح كفته، مما يجعل وقوفه في حركة مسلحة بمفرده يقلص من فرصته بالعودة إلى منصبه السابق ككبير لمساعدي الرئيس ناهيك عن فرصة أخرى. علي كل فإن اجتماع يلتئم اليوم بين الحركة والمؤتمر الوطني ربما يسفر عن نتائج تعيد الرجل إلي مكتبه بالقصر، أو باعد الخلاف بين مواقف الطرفين، وجعل ما يلوح به مناوي حقيقة وواقع يزيد من نيران دارفور لهيبا. Musa Ali [[email protected]]