يأتي احتفالنا في هذا اليوم استكمالاً لمجهودات ونضالات الحركة النسائية السودانية عبر الحقب التاريخية المختلفة، ويطيب لنا في هذا المقام أن نحي اولاً كل النساء اللائي شققن طرقاً وعرة ومحفوفة بالمصاعب من أجل الحصول علي الحرية والكرامة، وكذلك النساء اللائي يقاومن كل صور القهر والظلم والعنف وفساد القوانين. وعلى الرغم من أننا نحتفل هذا العام باليوم العالمي للمرأة تحت شعار "العدالة في تعليم وتدريب النساء حق وضمان لمجتمع متوازن"، والذي يأتي مُتسقاً مع الشعار الذي أطلقته الأممالمتحدة، إلا أن هناك العديد من القضايا مازالت مُلحّة حيث أن النساء السودانيات يُناضلن في ظل قهر مؤسسي ونوعي يؤثر حتماً علي أولوياتهن واستراتيجياتهن، ويُعتبر تردّي نظام ومناهج التعليم في بلادنا بشكل عام، وتعليم البنات بشكل خاص واحد من أهم العوائق والتحديات التي وقفت أمام التوسع المنشود للتحركات النسائية في السودان، وربما تطابقت في كثير من الاحيان مع مثيلاتها في الجوار الإقليمي والمحيط الدولي، وفي هذا اليوم فإننا وبعد الإتفاق بين المنظمات المشاركة في هذا الإحتفال نؤكد: أولاً: أن الدولة عجزت عن توفر المعينات والميزانيات اللازمة لدعم التعليم، فكان العجز في معلمي ومعلمات مرحلة الأساس بحسب الصحف 2764، وعجز الإجلاس 44%، وهذا فقط في ولاية الخرطوم ناهيك عن بقية المناطق في السودان، وإن كانت هذه الإحصائيات تخص التلاميذ في مُجملهم ذكوراً وإناثاً فإن السيادة الذكورية على المُجتمع تجعل هذه النسبة مضاعفة في مواجهة التلميذات. إننا وفي هذا اليوم وكمنظمات، مراكز وجمعيات مجتمع مدني، وإذ نريد أن نضطلع بدورنا الكامل في المساهمة بالتوعية المجتمعية، نطالب الدولة وبشكل عاجل بالنظر لمشكلة العجز في التعليم بالتأسيس بشكل واضح لمجانيته وذلك لغلق الباب أمام بعض الجهات التي تستغل الأسر وتطالبهم بالمال تحت مبرر عجز الدولة عن الإيفاء بمتطلبات المدارس، ونطالب بإزالة هذه المبررات بتوفير الميزانيات اللازمة كمثيلها من الميزانيات التي تهتم بها الدولة كالأمن والدفاع حيث لابد من دعم المدارس الحكومية بما يلزم من معينات وكتب ومعلمين ومعلمات. ونناشد كذلك كل المنظمات والمؤسسات والجمعيات الوطنية والإقليمية والعالمية العاملة في مجال التعليم، بالإهتمام بتعليم النساء في كل أعمارهن وفئاتهن بوضع الخطط والبرامج اللازمة فالنساء هن كل المجتمع ولا نجاح يمكن أن يحسب لأي جهة تهتم بأمر التعليم، إن هي أخفقت في إدماج برامج لتعليم النساء وتدريبهن، وبشكل أساسي في المشاريع والخطط الخاصة بها. ونناشد كذلك وبشدة، كل الأجهزة والوسائط الإعلامية من صحافة وتلفزيون وإذاعات ومواقع إلكترونية بالإهتمام بالأوضاع المُتردّية لتعليم النساء وذلك لشدّ إنتباه جميع الجهات المعنية بهذا الأمر. ولابد أن نؤكد من خلال هذا البيان أن قضية تعليم النساء تحتاج لقرار سياسي من القيادات العليا بالدولة، أما من جانبنا نحن في المجتمع المدني، فسنظل نسعى بكل ما أوتينا من جهد ومال لتعزيز عملية تدريب وتعليم النساء. ثانياً: إذا نظرنا لطبيعة القوانين السودانية نجد أنها شكلت تحدياً وعائقاً كبيراً أمام مساواة الجنسين وكرّست للتمييز، كما أنها اشتملت جوهرياً على تعريفات نصوصية فضفاضة وأبرزت الفجوة بين النص والواقع. ونحن في قلب هذا اليوم لابد أن نركز بشكل دقيق على مايجري في هذا الصعيد من تطورات، ولعل أبرزها وقائع الإعتداء الجسدي الذي تعرضت له مؤخراً عدداً من النساء السودانيات، والتي تُعبّر دون شك عن غياب حماية المرأة السودانية من التمييز والعنف، مع تزايد في نطاق اللامساواة بين الجنسين التي ترسخها هذه القوانين، وبما أن ما يحدث في السودان من عُنف ضد النساء ليس وليد اللحظة، ولا يمكن التعامل معه من خلال المواقف الآنية، عليه ندين أولاً وبشدة، ما تعرضت له هذه الناشطة ونطالب بالآتى: 1- فتح تحقيق مُستقل في كل قضايا العنف ضد المرأة والإعتداء الجنسي، وعلى وجه الخصوص قضية إغتصاب الناشطة التي أثيرت مؤخراً عبر الوسائط الإعلامية وذلك بفتح هذه القضية بكل شفافية ومنح وسائل الإعلام الفرصة الكاملة لمتابعتها والوصول بها إلى سوح القضاء العادل والإقتصاص من أي جناة مُحتملين، حيث أنه لاحصانة لأحد في مواجهة القانون. 2- عدم إستخدام النساء بشكل خاص في أي تمويه في الصراعات السياسية، إذ نؤكد أننا في كامل الإنتباه لمحاولة بعض الجهات تمويت القضايا من خلال خلق بلبلة إعلامية وصحفية وفق تسريبات تضُر بالقضايا أكثر من أن تفيدها. 3- ضرورة حث قيادات الجهات الأمنية بتوخي الإهتمام بتنمية قدرات الأفراد فيما يتعلق بالتعامل مع النساء في إطار القانون وإحترام حقوق الإنسان والنساء. 4- الإهتمام بإصدار القوانين العاجلة فيما يختص بالتحرش الجنسي والعُنف اللفظي ضد النساء بالإضافة لتعديل القوانين الخاصة بالإغتصاب والإعتداء الجسدي إن كان من الأقارب أو غيرهم. أخيراً نثمن عالياً جهد النساء السودانيات، اللائي استطعن رغم الصراع الدائر بين مختلف الأقطاب داخل المجتمع من الولوج للمجال العام، ومازلن يُواصلن نضالهن الدؤوب من أجل المساواة بين الجنسين و الحصول علي حقوقهن وحريتهن. مجموعة منظمات المجتمع المدني المُحتفلة بيوم المرأة العالمي بالنادي النوبي 8 مارس 2011