شاهد بالفيديو.. خلال إحدى المهرجانات.. فتيات ونساء سودانيات يغنين ويرقصن على أنغام أغنيات الأطفال "سبيستون" ويدخلن في حالة "هستيرية" وجمهور مواقع التواصل يطلق سخرية واسعة    الرئيس الإريترى أسياس أفورقي يستقبل نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار    تراجع مريع للجنيه والدولار يسجل (1840) جنيهاً    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تتغني باسم الشهيد محمد صديق خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. خلال جلسة خاصة.. الفنانة شهد أزهري تعود لإثارة الجدل بوصلة رقص مثيرة مع عازف الفنانة ندى القلعة    شاهد بالفيديو.. الفنانة وجدان الملازمين تضع أصابعها على فمها وتطلق "صفارة" شبابية داخل الأستوديو على الهواء وتقول: (ما بعرف أدق دلوكة لكن بعرف أرقص وأصفر)    المريخ يهنئ الأهلي بالتتويج بالأميرة السمراء    السفير حسن عبد السلام يسلم أوراق اعتماده لرئيس الفلبين    "امسكوا الخشب".. أحمد موسى: مصطفى شوبير يتفوق على والده    ماسك يتهم "واتساب" بسرقة بيانات العملاء "كل ليلة"    تأجيل فتح المدارس بولاية القضارف    تقدم .. مؤتمر أديس لإسناد جزء من قبيلة    ارنق يخصع لعملية ازالة مسامير بليبيا    عادل الباز: التسامح وفخ الكراهية    ((خواطر … مبعثرة))    الأهلي بطل إفريقيا.. النجمة 12 على حساب الترجي    السودان وإيران يتفّقان على استعجال إكمال فتح سفارتي البلدين    العين بطلاً لدوري أبطال آسيا على حساب يوكوهاما الياباني    مانشستر يونايتد بطل كأس الاتحاد    محمد وداعة يكتب: حمدوك .. لا بلح الشام و لا عنب اليمن    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    ما سر الصمت.. واشنطن لم تعلق على قرار العدل الدولية    بوتين يكشف مفاجأة بشأن مقتل رئيس إيران    رمتني بدائها وانسلت    حمدت الله كثيرا أن محمد الصديق استشهد و قتلوه الدعامة بعد أن أسروه مباشرة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    الإعلان عن تطورات مهمة بين السودان وإريتريا    مصر: إسرائيل دأبت على استفزازنا.. ونرفض سيطرتها على معبر رفح    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    بلقيس لجمهورها: «يا ويل حالي»    بعد "تشكيك" في دورها.. مصر تهدد بالانسحاب من جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس    زيادة سقف بنكك والتطبيقات لمبلغ 15 مليون جنيه في اليوم و3 مليون للمعاملة الواحدة    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حسين خوجلي: وما زالت الجزيرة في محطة الانتظار المفضوح    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعراض تصلب شرايين الدولة والمجتمع ... بقلم: عمر العمر
نشر في سودانيل يوم 29 - 06 - 2011

الانقاذ استبدلت بالمؤسسية منظومة «القبيلة والسوق وأجهزة أمن بلا رادع». هذا أحد الأحكام المشبع بالحيثيات في مراجعات الدكتور حيدر إبراهيم علي في مساهمات نقد تجربة الانقاذ. هذا المثلث ارتكز في الواقع على قاعدة ذات بريق سسوسيولوجي ساحر وهي الدين. الانقاذ لم تكتف باختطاف الدولة بل عمدت إلى احتكار الدين وتكريسه في خدمتها.
ربما يصبح رفع «الإسلام دين دولة» شعاراً ثورياً يعبر عن برنامج للتغيير لكن «الثورة» أو برنامج التغيير لا يستمر سنين عددا أو يكون أخفق في تحقيق أهدافه. حين يصبح للدين دولة فإنها مرحلة عابرة وليست عمراً جامداً فالمجتمعات الإسلامية عرفت نمط «الدولة دين ودنيا وليس الدين دولة وآخرة» كما يشرح ايليا حريق في سفره القيم «الديمقراطية وتحديات الحداثة».
مثل هذا المدخل يستفز حتماً غلاة يرون في الإسلام والعلمنة ضدان لا يلتقيان انطلاقاً من فكرة بلورة مفهوم العلمنة خارج دار الإسلام. هؤلاء لا يفكرون في أن الفكرة الخاطئة نفسها تطرد الإسلام إلى خارج داره بمنح الحاكم سلطة روحية مقدسة. هذا ضرب من التفكير يمنح الإسلام طابعاً كنسياً.
باحتكار الدين تمنح الدولة السلطتين الروحية والزمنية إلى الشريحة الحاكمة. في تجربة الإنقاذ اجتمعت السلطتان في أيدي فئة وليس شريحة. هذه الفئة لم تصادر حق الأغلبية في صنع القرار بل ذهبت إلى تحريم الحوار.
العلمنة لا تتجاوز منح الرعية مسلمين وغيرهم حق صنع القرار في شؤونهم اليومية ومن ثم فإنها تلغي احتكار هذا الحق من قبل شريحة أو فئة. هذا مفهوم لا يناقض الإسلام بل يخضع له.
ربما يكون محمد عمارة أفضل من تحدث في هذا السياق إذ يميز بين «أمة الدين» و«أمة السياسة». الأولى هي المسلمون المؤمنون بدينهم والثانية أمة الوطن المرتبطون بالمواطنة.
فالمفكر المصري يقول هكذا يقطع التراث الإسلامي السياسي فكراً وتطبيقاً منذ البعثة النبوية «بالتميز بين السياسي والديني».
الاحتكار المشوش بالخلط يشكل أحد المطبات القاسية أمام تطبيق الديمقراطية بمضامينها السياسية بما في ذلك العلمنة. هذا نهج يتعارض مع رؤى أعلام أفذاذ من قامة ابن قيم الجوزية اذ يقول «أي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين». ويوسف القرضاوي حين قال «السنة ليست تقليداً ولكنها منهج.. وليس مطلوباً منا تقليد السلف الصالح وإنما ان نجتهد كما اجتهدوا». الإمام الشاطبي يغلب المصلحة العامة حالة تعارضها مع نص شرعي. وفي الحديث «.. وما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم به» الدكتور الترابي تحدث مثل هذا في «تجديد الفكر الإسلامي». أركون يؤكد على سماحة الإسلام على نحو يسمح بالعلمنة والحرية والتمييز بين الدين والسياسة على عكس ما يتوهم الجميع.
اختطاف الدولة والدين أفضى إلى مطبات فكرية وسياسية عدة أبرزها مصادرة منابر الحوار حتى داخل الحركة الإسلامية نفسها. تغييب الحوار لم يفسح متسعاً لبلورة تيارات فكرية تثري أدبيات الحركة الإسلامية أو تشكيل تيارات سياسية من شأنها التلاقح والتنافس على نحو يعجم سلطة الحركة فيمنح الدولة رحابة قبول الآخر. الحركة ظلت مسكونة بفوبيا النقد. الفئة القابضة على السلطة ترى في كل انتقاد محاولة لازاحتها عن موقعها. هكذا ترى قيادات تاريخية ووجوهاً دؤوبة ذات رصيد داخل الحركة تبتعد أو تفقد مناصبها حتى غدت الانقاذ تأكل بنيها إذ تتساقط الإسماء بلا حراك.
د. الترابي أطَّر أربعة أطوار للحركة الإسلامية أسمى الأول عهد الدعوة والغربة ثم عهد الدعوة المنتشرة والمدافعة المظاهرة الخطرة. ثالث الأطوار عهد الانقاذ وهو مرحلة التمكين وجيل الإمارة وأخيراً عهد الفتنة. ثم مقارنة أو ربما محاولة لعقلنة تجربة الإنقاذ باعتبارها نهجاً سنياً على المنوال الإيراني الشيعي إلا أن الانقاذ لم يفسح متسعاً للحوار والتلاقح والتداول فانفجر أول صدام حاد إلى الانقسام في الحركة الإسلامية.
النظام الإيراني يذهب أبعد من الانقاذ في تذويب السياسي والإسلامي اذ يضفي على رأس النظام قدسية ويكسب الشرعية السياسية شرعية دينية.
غير أن شعار «الإسلام دين ودولة» الثوري في إيران لم يدم طويلاً. بعد وفاة الخميني صعد هاشم رفسنجاني لتبدأ مرحلة الاصلاحات الاقتصادية. بانتخاب محمد خاتمي بدأت مرحلة الإصلاحات السياسية. مع أحمدي نجاد أحكم التيار المتشدد قبضته. تداول السلطة يعبر عن تيارات سياسية تتنافس تحت مظلة النظام مما أفرز تيارات فكرية كذلك. التنافس طال مؤسسات الدولة وانعكس على المشهد السياسي.
في إيران يوجد المرشد رأس النظام مؤسسة بذاتها ثم رأس الدولة ويتجسد في رئيس الجمهورية هما مؤسستان تتلاقيان أحياناً وتتصادمان أحايين عديدة بالإضافة إلى مؤسسة البرلمان يوجد مجلس تشخيص النظام وهو مرجعية تضبط الصراع بين مؤسسات الجمهورية. على المسرح السياسي الإيراني يوجد تياران متنافسان يتمثلان في المحافظين والإصلاحيين. هو تنافس ينعكس على الحراك السياسي الداخلي والخارجي ومؤسسات الجمهورية بل النظام بأسره.
هذا بون شاسع بين التجربتين السودانية والإيرانية. هنا ظلت الدولة والمجتمع خاضعين على مدى تجربة الانقاذ للفئة الحاكمة بمنطق «تثبيت الثورة» واستناداً إلى مثلث السوق والقبيلة والأمن الجموح وقاعدة الدين الذهبية. مثل هذا المنطق يفضي لا محالة إلى الجمود والتكلس في شرايين الدولة والمجتمع. من شأن مرض عضال على هذا النحو أن يصيب المجتمع بآفات متباينة ماثلة للعيان ليس أقلها الاضطراب والبطالة وليس أقصاها العنف والتفكك.
لذلك لما حدث انقسام الحركة لم نتلق تشريحاً فكرياً عما إذا كان ذلك نتيجة صدام بين تيارات فكرية أو نزاع بين قوى سياسية أم صراع بين مؤسسات الدولة. الانطباع المسوق ويا للكارثة أنه وليد تكالب شخصي على مواقع صنع القرار. هو لم يتخذ في أدبيات الحركة الحد الأدنى من صراع مراكز القوى. ربما رأي البعض فيه انقلاباً داخل الانقلاب.
الدكتور الترابي ذهب في تشخيص أمراض الانقاذ فعدد «هوى الطغيان والظلم واستبداد الأكابر» و«احتيال القطاع العام باسم المؤسسات والشركات الحرة حتى تورم وتضخم وأصبح يغشاه الفساد». كما تحدث عن «شهوة السلطة الطاغية من قبل زمرة من المفتونين بالجاه والسلطان والمال العام».
بالإضافة إلى الإخفاق في اختبار فتن السلطان وثروته يذكر الترابي آخرين ما ترقوا بسلم الاصطفاء المعهود في الحركة بل بدواعي الوظائف.. وآخرين واردين من القوى الحزبية الأخرى هؤلاء كلهم انصرفوا في نظر الترابي عمن قد ينتقدهم أو يباريهم فيضطرهم للتجويد.. الأخطر من الصمم عن الرأي الناقد أو المعارض أخلت الحركة ساحة الحياة العامة من كل القوى الأخرى.. واقتصر القرار على دائرة محدودة..».
ربما يعتبر البعض ذلك من النفوذ لكنه هو القهر بعينه. النفوذ قوامه الإقناع والإغراء ضمن صفات عدة ليس بينها القسر النفسي أو الجسدي. أما القهر فيقوم على العنف وحده


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.