أن تكون إنساناً يعني أن تمتلك جميع عناصر البشر .. وإلا فأنت في عداد الملائكة ... حقاً! غريب هذا الإنسان، فهو مجبول على فطرة صحيحة سوية، لكنه حيناً يضل الطريق، وينحرف نحو غاياته، مستأثراً بما لديه، ومتمسكاً بما عنده. ألم يخلق الإنسان هلوعاً ! لكنه حينا –أي الإنسان-يعتدي على معاني الجمال ليصنع أسطورته الخاصة ، لكن خطاياه أنه يعتدي على الحياة نفسها ليعيش الأسطورة فلا يظفر إلا بالقبح ! فعلاً عجيب هذا الإنسان! * * * كنا صغاراً وكان أحد أصحابنا يمتلك موهبة نادرة في الخطابة وحفظ الشعر والجرأة في النقاش تفوقنا جميعاً... لكننا كنا نتعمد تجاهل هذه الموهبة الفذة، بل نحاول أن نظهرها بأهمية أقل مما هي حقيقة، وقد أثر ذلك على صاحبنا أيما أثر، فما عاد يهتم بالخطابة والشعر، فقرر أن يبقى مع أقرانه دون أن يظهر أي تفوق لموهبته المدفونة. ومع تقادم السنين ماتت جميع المواهب، بينما كان أصحابه يظهرون بعض السعادة زهواً بالانتصار. * * * حكي لي أحدهم أنه حينما كان يزور صديقه-وهو عبثاً يتوهم أنه صديقه- كان يتلهف أن يزف له نبأ تفوقه في شأن خاص ظناً منه أنه سيجد منه التفاعل المناسب الذي من شأنه أن يكمل سعادته (بالمناسبة أي اتصال إنساني كي يكتمل لا بد أن يتوفر على بعض الشروط وهي: مرسل يرسل الرسالة، ثم وسيلة تنقل الرسالة ومتلقي يستقبل الرسالة .. ولكن مهلاً لم تكتمل العملية عند هذا الحد .. لابد من وجود رد الفعل أو ما يسمى برجع الصدى Feedback وهو الذي يكمل الاتصال سواء بنجاح أو فشل. يبدو أنها –أي عملية الاتصال أنفة الذكر- فشلت، فقد أشاح الصديق – والذي توهم أخانا- أنه صديق، أشاح بوجهه عن صديقه المزعوم، وغيّر الحديث والموضوع، ثم سطّح الحدث العظيم .. وكانت النتيجة أنه فشل في الحصول على رجع الصدى المناسب الذي كان لازماً لإتمام الاتصال بين الصديقين. قابلت الرجل قبل فترة: سألته عن صاحبه فلم يزد سوى أن تلى البيتين التاليين: فلستُ براءٍ عيب ذي الود كله ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا فعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا ربما يكون الرجل مصيباً، أو ربما أكون أنا واهماً .. ربما !!!! Ayman Abo El Hassen [[email protected]]