الزعيم يستهل مشوار النخبة بمواجهة من العيار الثقيل أمام سيد الأتيام    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    الوزارة في بلادنا صارت مغرماً وليست مغنماً    فوجئت حقاً بتعيين د. معز في منصب وزير الصحة    بيان صادر عن الفائزين السودانيين بقرعة الهجرة الأمريكية (اللوتري) لعامي 2025م و2026م    البنك المركزي .. إقالة بُرعي .. أو ( شنق) عبدالقادر محمد أحمد !!    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    مواجهات ملتهبة في دوري النخبة    احمد صالح نجم الهلال المخضرم…فلوران خرج في وقت غير مناسب    معز عمر بخيت وزيراً للصحة.. رئيس الوزراء يصدر قراراً بتعيين ثلاثة وزراء ضمن حكومة الأمل    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    الأنظار شاخصة صوب"عطبرة الدامر" وترقّب للحدث المنتظر    مصر لإثيوبيا: افتتاح سد النهضة غير شرعي ومخالف للقانون الدولي    شاهد بالصورة والفيديو.. عريس سوداني وعروسته يشعلان مواقع التواصل الاجتماعي ويتصدران "الترند" في ليلة زفافهما بحبهما وتعلقهما ببعض    بعد أسبوعين من زفافه.. وفاة جوتا في حادث سير    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل فتاة سودانية ترقص داخل شقتها بالقاهرة على طريقة أشهر الراقصات المصريات وساخرون: (النوع دا ما برجع تاني)    شاهد بالفيديو.. جمهور مواقع التواصل يسخر من المذيعة الحسناء نورهان نجيب بعد محاولتها خوض تجربة الغناء مع الفنانة إيمان الشريف    حدث منتظر في افتتاح دوري النخبة السوداني    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    إدارة تسويق المحاصيل بالنيل الأزرق تشرع في تشغيل الميزان الإلكتروني    خرق خطير يكشف عن برنامج تجسس "Catwatchful" يستهدف آلاف الهواتف حول العالم    ما هي توقعات الذكاء الاصطناعي لمباراة الهلال السعودي وفلومينينسي؟    لجنة الطوارئ وإدارة الأزمات في الخرطوم تطلق تحذيرًا بشأن المقابر    السودان.. الجيش يصدّ"الهجوم العنيف"    عزمي عبد الرازق يكتب: إسرائيل والدعم السريع.. خفايا لعبة الورق على حدود السودان وليبيا    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ذهب أفريقيا في قبضة 7 شركات.. قائمة ب10 دول تُنتج ولا تستفيد    موعد مباراة ريال مدريد وبوروسيا دورتموند في كأس العالم للأندية    ترامب يعلن موافقة إسرائيل على هدنة بغزة لمدة 60 يوما    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    السودان.. خبر سعيد للمزارعين    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    مصري يطلق الرصاص على زوجته السودانية    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الجامعات في الدول النامية والمتقدمة .. بقلم: بروفيسور عبدالرحيم محمد خبير
نشر في سودانيل يوم 12 - 09 - 2013


Abdelrahim Khabir [[email protected]]
سطرالأستاذ بدر الدين حامد الهاشمى مقالاً مهماً موسوماً ب "ياأيها البروفيسور: قم بواجبك: د/ستانلي فيشى" وذلك بموقع سودانايل الإسفيري (4/9/2013م) معلقاً فيه على التابعة لجامعة ستانفورد الأمريكية فى عدد أغسطس/Policy Review مقال نشر بمجلة
سبتمبر 2008م. وفي المقال الأخير وجه البروفيسور ستانلي فيش إنتقادات حادة لمؤسسات التعليم العالي ولأساتذتها الذين يدعون – والكلام لستانلي فيش – أن بمقدورهم معالجة سائر مشاكل الحياة وكافة نوائبها وأن دورهم – كما يزعمون – لا يقتصر على محاربة الجهل العلمي والثقافي والأمية بل يتمدد لمحاربة العنصرية والحروب والتفرقة وعدم التسامح وتلوث البيئة ومخازي الرأسمالية والإمبريالية ...الخ، هذه الدعاوى العريضة والأهداف المفرطة الطموح.
ويزعم البروفيسور فيش – كما أورد بدر الدين الهاشمى– أن الجامعات تتصدى لمهام ليست من إختصاصها وأن مهمة مؤسسات التعليم العالي (الجامعات والمعاهد العليا) القيام بشيئين لا ثالث لهما هما: أولاً تعريف الطلاب بجملة من المعارف والتقاليد البحثية التى لم تكن جزءً من تاريخهم السابق، وثانياً: تزويد الطلاب بمهارات تحليلية (مثلاً فى المناظرات والتجارب العلمية والطرق الإحصائية) لتمكنهم من القيام بأبحاث مستقلة في مقبل أيامهم. وحذر البروفيسور "فيش" أساتذة الجامعات من الدفاع عن آراء شخصية أو سياسية أو أخلاقية وأن لا يعلنوا عن أي نوع من الآراء غير الأكاديمية حتى لا تنحرف الجامعة عن وظيفتها في التدريس والبحث العلمي.
وأبان الهاشمى – وهو محق فى ذلك – عدم تفهمه لآراء الأستاذ الجامعى الأمريكى سيما وأن آراءه تتناقض والدور المنوط بالجامعة سواء فى العالم النامي أو المتقدم .ولاريب أن رسالة الجامعة فى الوقت الحاضر بالغة الأهمية فى حياة الأمم والشعوب عبر مراحل التطور الإقتصادى والإجتماعى. ويجمع المخططون الإستراتيجيون أن للجامعة ثلاث وظائف رئيسة، أولها: تقديم المعرفة من خلال التدريس وتزويد الطلاب بالمهارات فى مختلف العلوم لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية الشاملة. وتتمثل الوظيفة الثانية فى إضطلاع الجامعة بدورها فى البحث العلمي على المستوى النظرى والتطبيقي والعمل على تطوير المعرفة الإنسانية. ولعل أهمية البحث العلمى تنبع من مساهمة الجامعة فى التشخيص الموضوعى لمشكلة تأخر التنمية الإقتصادية والإجتماعية. أما الوظيفة الثالثة فإنها تكمن فى خدمة المجتمع والقيام بالدور التثقيفى والإرشادى والمشاركة فى تقديم الخدمات الإجتماعية والتوعية العامة وتدعيم الإتجاهات الإجتماعية والقيم الإنسانية الإيجابية.
وبالرغم من أن هذه الوظائف الثلاث متصلة بعضها ببعض ومترابطة بشكل وثيق بحيث أن أي خلل فى إحداها يؤثر سلباً فى الوظيفتين الأخريين، إلا أن ذلك لا يعني أن رسالة الجامعة – كما يستبان من وظائفها الرئيسة – تتماهى فى كل بلدان العالم. فثمة دور للجامعة فى البلدان النامية مخالف إلى حد كبير عن دورها فى البلاد المتقدمة. فالجامعة فى البلاد النامية جزء من تاريخ نضالها الوطني. ونشأت المؤسسات الجامعية فى بلدان العالم الثالث مع ظهور الحركات الوطنية التى كانت تناضل من أجل الإنعتاق من ربقة الإستعمار الأروبى. ولا يعنى العمل الوطني المباشر للجامعات – على رأي المفكر المصرى الدكتور حسن حنفى وهو في تقديري لم يحيد عن الصواب– الإلتزام بإختيار السياسي للأمة، لكنه يعنى توجيه السياسة التعليمية على أساس وطنى من خلال العِلْم الوطني، الثقافة الوطنية والعمل الوطني.
فالعِلْم الوطني فى بلد نامٍ يعنى الربط الحضاري الوثيق بين العلم القديم والعلم الجديد وهو ما تفعله البلاد المتقدمة على مستوى تاريخ العلم، لأن وجودها قد ثبت، وليست فى حاجة لإثبات وجودها باثبات فكرها. لذلك إستوجب على الجامعات فى البلاد النامية تأصيل العلم، فبإمكاننا مثلاً التركيز على تاريخ الرياضيات فى تراثنا العربى – الإسلامى القديم عند الخوارزمي والرازي وثابت بن قرة لتطوير النظريات القديمة والقاء مزيد من الأضواء عليها إستناداً إلى ما وصلت إليه الرياضيات الحديثة. وبوسعنا أن نفعل ذلك أيضاً في الطبيعة (الفيزياء) عند إبن الهيثم أو الخيام أو فى الكيمياء عند جابر بن حيان أو عند الكندي. ولا يعنى ذلك البتة الإنكفاء على الذات وتفضيل التراث المحلي على العلمي بقدر ما يؤمي إلى ربط الجديد بالقديم حتى تتحقق وحدة الحضارة وتجانسها المكاني .ولا يعني معرفة القديم لمجرد العلم به كجزء من ماضٍ آفل، أو للتشبث به باعتباره تراثاً وطنياً كتعويض معنوي عما نحن فيه من حاضر بئيس. فالهدف الأسمى أن يدرس طالب الجامعة سيما فى بلداننا النامية العلم كما يدرسه العلماء. فكثير ما أتت الإكتشافات الحديثة فى بعض التخصصات من بعض التصورات والإفتراضات والأحكام والنظريات القديمة، فكما أن التاريخ يعيد نفسه، فالعلم أيضاً يعيد نفسه.
أما الثقافة الوطنية فهو تواطؤ المواطنين وبوجه خاص أهل العلم والثقافة على الحد الأدنى من المبادئ والأهداف التى تشكل خارطة طريق للنهوض الحضاري. فوحدة الأمة فى البلدان النامية تنبع فى الأساس من قدرتها على تحديد معالم هويتها الثقافية والحضارية. فالوحدة الثقافية هى الضمانة الكافية لإرتباط المواطن والمثقف (الجامعي) بالأرض وبملايين الشرائح المجتمعية من الفقراء والمعدمين والعمل على تقريب الفوارق الجهوية والطبقية وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة (الجهوية والفئوية والشخصية). فالجامعة فى البلدان النامية هى المسئولة عن رتق النسيج الإجتماعي والمساهمة فى خلق الثقافة الوطنية الواحدة من خلال مناهجها المرتبطة بتراث وقضايا المجتمع ومن خلال الدور التوعوي الذي تقوم به عبر المنتديات والمؤتمرات واللقاءات الشعبية. وأهم من كل ذلك تعمل الجامعة على بث الروح والثقافة الوطنية من خلال خريجيها بغرض تحديد خصائص الأمة وثقافتها الجامعة التى تشكل الأساس لوجودها وشخصيتها القومية.
أما دور الجامعة فى تسنم قيادة العمل الوطنى فقد إرتبط فى كثير من الدول النامية بتاريخ نشأة هذه المؤسسة ومعاصرتها للحركات الوطنية، فأصبحت الجامعة تعبيراً عن الإستقلال الوطني والتحّرر الإجتماعى ودعوة للحياة الديمقراطية السليمة.
فالطالب الجامعى فى البلدان النامية بعكس نظيره فى الدول المتقدمة والتى ترسخت فيها القيم الديمقراطية فى كل أوجه الحياة،يهتبل فترة الدراسة الجامعية لممارسة العمل الوطنى حيث تتوفر البيئة الديمقراطية للمناقشة الحرة وعرض وجهات النظر وإمكانيات التعبير عن النفس. ويصبح بمقدوره تحويل ما درسه نظرياً إلى تطبيق عملى، فيتحول العمل الوطنى لديه إلى تحقيق للذات وإلى التصاق أكثر بالواقع المعاش. وقد كان العديد من مفكري الغرب فى عصر النهضة الصناعية الأروبية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من أساتذة جامعاتها وخريجيها الذين وضعوا خارطة الطريق لثقافتها الوطنية المرتجاه.
وإستناداً إلى ما تم إيراده آنفاً، فإن دور الجامعة وبخاصة فى البلدان النامية يتعاظم ولا يقتصر على التدريس والبحث العلمي. فهذان الهدفان الرئيسيان لوظيفة الجامعة يمثلان العناصر الكلاسيكية لرسالتها المتمثلة فى المسائل الأكاديمية فقط. وأصبحت هذه العناصر ليست مناسبة إطلاقاً لمواكبة العصرنة والتعاون المطلوب بين قطاع التعليم العالى وباقى القطاعات المجتمعية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن زعم البروفيسور ستانلي فيش لا يستند على أساس متين حتى فى بيئته الغربية المتقدمة حيث ترتبط المناهج التعليمية والتدريبية بواقع القطاعات الإنتاجية وما تواجهه من مشاكل ومعوقات.
ويشير العديد من أهل الإختصاص أن نجاح الخطط التنموية يتوقف على فعالية التخطيط لتنمية الموارد البشرية سيما وأن العنصر البشري وما يمتلكه من طاقات خلاقة يعتبر عاملاً لا يقل أهمية عن رأس المال، بل هو الأساس فى عملية التنمية، باعتباره عنصر الإنتاج الأول. وهذا ما أكدته دراسات عديدة فى الدول المتقدمة صناعياً.لذا فإن ما تقوم به الجامعات وبخاصة فى دول العالم الثالث من إجراءات القبول وتوفير التخصصات المواكبة لحركة التنمية وتقديم الخدمات الثقافية والإجتماعية والإرتباط بالقضايا المصيرية للأمةيجسد بالتأكيد دور الجامعة فى الدول النامية والذي يتجاوز تزويد الطلاب بحزمة من المعارف النظرية والمهارات العملية إلى علاقة عضوية وثيقة العُرّى بالمجتمع.والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.