إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    هذا المبلغ مخصص لتكملة مشروع مياه القضارف وتتلكأ حكومة الولاية في استلامه لأسباب غير موضوعية    أن يكون رئيس أقوى دولة في العالم جاهلًا بما يحدث في السودان فهذه منقصة في حقه    أشهر ناشط في مجال العمل الطوعي بالسودان يعلن إعتزاله العمل الإنساني بعد أن أرهقته "الشائعات"    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    البرنس ورفيق صايفي يضيفان الإثارة للستوديو التحليلي    الهلال السوداني يستضيف المولودية الجزائري في افتتاح مجموعات أبطال أفريقيا    ماو: الهلال الأقرب للفوز على المولودية    "الميرغني" يرحب بتدخل ترامب لإنهاء الحرب    دستة إلا ربع.. انها نتيجة مباراة وليس سلة بيض!!    فى الطّريق إلى "الضّعين"، ف "أم دافوق": كيف يفكّرُ الجيش فى القضاء على "التمرّد"؟    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كاف" يخطر الهلال السوداني بقراره النهائي حول شكوى مفاجئة    شاهد بالفيديو.. "البرهان" يطلق إصدار جديدة من حركة "الزردية" الشهيرة ويلوح بها أمام حشد غفير من المواطنين والجمهور: (شكلو كدة في فتك ومتك جديد جاي)    شاهد بالصورة والفيديو.. وزير الإعلام السوداني "الإعيسر" يشارك مطرب الحفل الغناء (في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز)    شاهد بالفيديو.. فتاة مصرية محجبة تعلن خطوبتها من شاب سوداني: (أنا فخورة بخطيبي وأهله ومبسوطة جداً إن الأولاد بطلوا يتابعوني وكل متابعيني أصبحوا بنات وأهل السودان على رأسي من فوق)    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    شاهد.. الفنانة ندى القلعة تمدح السعودية: (يا خادم الحرمين سلام وولي عهدك السعى للسلام) والقايداية بالحرية والتغيير حنان حسن تسخر: (أجي يا أخواني.. يا مثبت العقل والدين)    (المنطقة باسيادها)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    ساهرون يكسب التحرير الكريبة بدوري مدني    من هم دعاة الحرب؟    بوساطة من موسى هلال..الجيش يطلق سراح 43 من عناصر الميليشيا    حديث ترامب الذي قال انه سيفعل شيئاً بخصوص الأزمة في السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    إنهم يكذبون على انفسهم فقط    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    جعبوب يحرز برونزية الوثب العالي بدورة التضامن الإسلامي    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    حقق حلمه وكان دائماً ما يردد: "لسه يا قلبى العنيد لا شقيت لابقيت سعيد".. شاهد ماذا قالت مفوضية اللاجئين عن ظهور الشاب السوداني "مهدي" وهو يغني مع الفنان الشهير تامر حسني داخل أحد المصانع بالقاهرة    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    روسيا.. سجن إماراتي 6 سنوات بتهمة محاولة تهريب صقور مهددة بالانقراض    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنين الناي: قصة قصيرة .. بقلم: عمر عباس الطيب
نشر في سودانيل يوم 30 - 03 - 2017


أنصت للناي كيف يروي حكايته ..........
إنه يشكو آلام الفراق إذ يقول : .....................
إنني مذ قطعت من منبت الغاب ................
والناس رجالاً ونساءاً يبكون لبكائي ..........
ها أنت تستقبل هذه الليلة بوجد عظيم ، تترقب ساعة المولد الشريف وحلقة الذكر ، يغفو ضوء المصابيح الواهن لكنك توقظ لسانك وقلبك ، تُمسك بخيطك العتيق ، ترص حبات التسبيح والحمد والتهليل جنباً إلى جنب ، تسأل الله أن يجلو ما بقلبك من ران ، حتى ترى بعين قلبك أنوار ليلى ، تمني أمارتك بالسوء بوصلها ، تأخذك سِنة .. تفتح عينيك على نوبة سعالها .. تُخرج تلك العبوة .. تستنشق قليلاً من رذاذ الحياة ، يعود السكون لصدرها ، تسأل الله لها الشفاء .. ينقبض قلبك فتبسطه بالصلاة على النور .. ترددها بلسان لا يفتر، تشتاقه ، تخنقك عبرة ، تبكي بلا نحيب ، تهمس : ألا يا رسول الله إني مغرم .
لا يعلم أحد من قاطني الحي من أي فج عميق أتى الجنيد ، سنواته الممتدة التي مكث فيها ضمن حدوده لم تش بذلك ، لم يطرق بابه غريب كأنه مقطوع من شجرة ، يقبع في نصف دار مستأجرة رثة ، فضاؤها غرفة يتيمة بجانبها عريشة من البوص ، يقتسمها مع ابنة عمه التي أنهكها الفقر والمرض ووحيدها عيسى ، تشاطرهم فناءها بعض ذوات الأربع وشجرة نيم وارفة ، ينسل في الظلمة قبل أن ترمي الشمس بشرر ضياءها على الأرض ، عمله كبائع متجول في موقف الحافلات يحثه على التبكير.
طائر القمري على شجرة النيم يشجيك شدو تسبيحه ، تناغيه .. ترفع هامتك تشاركه شدوه ، وقبل أن تهم بالمغادرة هاهي ذي نعمة تذكرك بنفاد عبوة الرذاذ ، ترتسم على محياك ابتسامة باهتة ، تطأطئ رأسك في صمت ، لكن عقلك يضج بعشرات الأسئلة ، أنى لك ثمنها وقد رفع طغاة الحكم الدعم عن الدواء ؟ ... كيف ؟ ... ومن أين ؟ لكن بدونها لن تستطيع رئتي نعمة امتصاص الأكسجين ، خرجت تتلمس الطريق ، سبع عجاف أمضيتها بين موقف الحافلات وبين هذا الحي ،تدور كثور ساقية ، أوهنت خطاك الطريق لكن مدخراتك صفر كبير ، ما تحصل عليه من جنيهات يقيم صلبك فقط ويحفظ حياتك من الفناء .
ها أنت تيمم شطر الموقف وكلك أمل بربح وفير ، تسأل الله أن يقيك شر غارات شرطة المحلية ، تلك الغارات التي تلتهم أحياناً آمال الباعة المتجولين برزق وفير ، فيعودوا محملين بخيباتهم بعد أن ألهبت ظهورهم سياط الفقر والعوز ، بل وأكثر من ذلك أحياناً فهي تحملهم أعباء على أعبائهم ، فكيف يوفون ثمن البضاعة المستدانة بعد مصادرتها ، أصبحوا يجيدون عملية الكر و الفر ضد الغارات ، بعد أن قاموا بإنشاء مراكز إنذار مبكرة على أطراف الموقف ، تدوي صفارة أحدهم محذرة الجميع باقتراب وقوعها ، فيجمعون بضاعتهم على عجل ويختفون في لمح البصر ، حدثتك نفسك : لكن عليك أن تعمل اليوم بهمة ونشاط لتعود باكراً وتلتحق بحلقة الذكر ، أيضاً نعمة بانتظار الدواء ، حينها شرعت في ترتيب عروضك ، لم يكن الأمر عسيراً عليك ، بعد أن أتقنت لغة البيع والشراء ومهارة الاقناع ، كل شيء يسير بهدوء وسلاسة إلا عنفوان الغارة ، أتاكم من حيث لم تحتسبوا ، أبطل مراكز الإنذار المبكرة ، عصف بعروض الباعة وقذف في قلوبهم الفقر ، أطاحت الغارة بكل آمالك ، ها أنت ذا تذهب مغاضباً بفؤاد فارغ ، تعزي نفسك بكلمات حفظتهن عن ظهر قلب لشيخك : (من السهل أن تحب إلهاً يتصف بالكمال والنقاء والعصمة ، لكن من الصعب أن تحب إخوانك البشر بكل نقائصهم وعيوبهم ، وهنا يتجلى معنى حب الله ) ، لكن ما بال حزنك أشد ، وكأن هامتك قد كسرت ، فقد اعتدت على مثل هذه الغارات ، أكل هذا بسبب الدواء ! همس شيطانك بخبث : لقد سترتها برباط شرعي بعد أن حملت سفاحاً لسنين عددا ، ألن تسترك ليومين !؟ استعذت بالله منه .. زجرته و طردت وساوسه .. استغفرت الله كثيراً وعدت محملاً بخفي حنين .
دلفت في صمت مطبق على غير العادة ، تخشى أن ترى نظرة الهزيمة في عينيك ، وهي كعادتها تخشى أن تريك العار في عينيها ، لبست المرقعة فعاد الاخضرار لقلبك ، ودعتها بقبلة بين عينيها ، كتمت عنك هدير سعال متعاظم ، انحنت .. قبلت يمينك ، لحظات من عاطفة وصمت ... هديل القمري حزين كأنين الناي .. ....بدا كأنه يذكرك بشجرة النور ... بعدها عادت الطمأنينة لنفسك .
وجهت وجهك تجاه المسيد ، هدير صوت الطبل يقترب أكثر ، أنفاس الذاكرين تعلو وتهبط وهو يرددون : حي قيوم ، التحمت بالدائرة ونظرك معلق بمركزها ، دقات الطبل يتردد صداها في فؤادك فيخرج ألف الجلالة مدوياً في الآفاق ، أصوات التهليل تقطع سكون الليل كما قطع سيف الحق عنقك ذات مرة ، تنتابك رعشة تسري في أطرافك ، تترجمها بآهة عظيمة ، وبعد أن فاض بك الوجد حملتك خطاك إلى المركز ، تدور عكس عقارب الساعة بعد أن توقفت ساعتك البيولوجية ، تدور على ساق واحدة بعد أن انعتقت الأخرى من قيود الجسد وأغيار الأرض ، تغمض عينيك لتفتح عين الروح المؤصدة ، هاهي ذي تقاوم جاذبية الأرض لتحلق في عالم الأنوار ، تشهد الوجود الحق المطلق الذي الكل موجود به ويشير إليه ، هاهو ذا برق أنواره يلمع في ظلمة روحك السرمدية ، امتلأ مصباح مشكاتك من زيت النور ، لكنك تطلب المزيد .. لكن غارة البرق أشد .. ها أنت تخر صعقاً في مركز الدائرة ، تعود لترابيتك بفم مفتوح امتلأ بذرات الرمال وعينين نصف مفتوحتين ، وعبوة رذاذ الحياة تطل برأسها من تجويف يمناك .
أبيات الشعر لجلال الدين الرومي .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.