حتى الآن لم تقر حكومة جنوب السودان وقيادة الجيش الشعبي رسمياً بالهجوم الغادر الذى شنته على الجيش السوداني وقافلة الأممالمتحدة فى أبيي- الخميس الماضي - والذي أدي بدوره الي الأوضاع الحالية فى المنطقة. الفريق سفا كير ميارديت زعيم الحركة رئيس حكومة الجنوب - وبالطبع القائد الأعلي للجيش الشعبي - أدان فقط دخول الجيش السوداني لأبيي و بسط سيطرته عليها، وتجنب كير (الحديث عن الأسباب) ؛ فقط طالب بانسحاب الجيش السوداني ، بل إن الفريق كير- وبوصفه القائد الأعلي للجيش الشعبي - لم يقدم اعتذاراً و لو غير رسمي – للشمال جراء الحادثة ، وفى الوقت نفسه لم يستطع نفي صلة منفذي الهجوم بالجيش الشعبي . الدكتور لوكا بيونق القيادي بالحركة ، أقرَّ فى حوار أجرته معه صحيفة أخبار اليوم السودانية – الثلاثاء – بأن عناصر متفلتة معزولة من الجيش الشعبي هى التى تسببت فى الهجوم! بيونق الذي تقدم باستقالة احتجاجية جراء اجتياح الجيش السوداني للمنطقة، أعتبر أن منفذو الهجوم – وان كانوا من الجيش الشعبي – إلا أنهم تصرفوا على نحو فردي تصرفاً معزولاً ! هكذا ما من قيادي او مسئول رفيع ولا وسيط فى حكومة الجنوب أو الجيش الشعبي أنكر رسمياً صلتهم بالعملية ، فهم تحاشوا الحديث المباشر عن ما جري ، وفى ذات الوقت خانتهم الشجاعة السياسية على (مواجهة خطأهم) وتقديم الاعتذار اللائق ، ففي النهاية فان الهجوم كان غادراً بكل المقاييس ، واستهدف جيشاً فى حالة انسحاب و سقط جراؤه شهداء لم يكونوا يتوقعون أن أخوة لهم من أبناء الجنوب يتربصون بهم على هذا النحو . ولعل أكثر ما نستخلصه من هذا الموقف المتذبذب ما بين الإقرار الخجول – كما فعل بيونق ، أو الإنكار المطلق كما فعل أموم و ألور ، أو تحاشي التطرق للحادثة برمتها كما فعل الفريق كير إن هنالك ارتباك داخل قيادة الحركة بسبب الموقف من أبيي، وهنالك (عدم اتساق فى المواقف) – إذا جاز التعبير – بين قادة الحركة سواء حيال ما جري ، أو حيال القضية بأكملها. و قد لوحظ أن بعض قادة الحركة و بقية قطاعات القوي الجنوبية واجهوا الأمر ( بفتور ملحوظ) ولم يبدوا أية حماسة حيال ما وقع بما يشير إلى أن أبيي من الأساس ليست محل إجماع سياسي فى الجنوب و أن قلة قليلة تتمثل فى ( د. لوكا بيونق و دينق ألور و أدوار لينو) هى المهتمة بالملف وهى التى تحرك الأحداث بعيداً عن قيادة الحركة ، وهو ما أشار الي جزء منه الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني – الاثنين الماضي – فى حوار أجرته معه قناة النيل الأزرق السودانية ، بل تواترت أنباء من جوبا قالت إن الفريق كير بدا فى غاية الضيق جراء ما وصفته مصادر من داخل الحركة- الورطة التي أدخلتهم فيها عناصر محددة داخل الحركة - جرت إليهم أزمة تتجه لعرقلة احتفالات إعلان الدولة فى يوليو المقبل . وعلى ذلك يمكن الجزم ان الحركة مهددة بانقسام خطير بسبب تداعيات الأزمة إن لم تكن قد انقسمت الآن فعلياً!