بعض من سلم بمسئوليته عن المحاولة التخريبية التي قالت السلطات قبل عامين أنه دبرها مسنوداً بعدد قليل من ضباط الجيش أرباب المعاشات، لم يجد تفسيراً مناسباً للمبررات التي حدت بمبارك الفاضل للدخول في تلك المحاولة التي وصفها كثيرون بغير الجادة لإسقاط نظام ذي قبضة أمنية شديدة كالإنقاذ، سوى رغبة الرجل في ترسيخ سمعته لدى البعض كمعارض (خطير) للنظام، تفسير أعاد كثيرون إسقاطه على آخر بيانات الرجل الصحفية، أو بالأحرى قبل الأخير، بيان كشف عن تهديد بالتصفية الجسدية تعرض له مبارك بغرض إثنائه عن معارضة الحكومة، تقف وراءه شخصية (رسمية) في الدولة، ما ضاعف من قوة تلك الفكرة أن مبارك نفسه مضى في ذات الإتجاه عندما اعتبر في تصريحات له أعقبت البيان أنه مصنف في المرتبة الثانية ضمن قائمة أخطر أعداء الإنقاذ، ولا يسبقه فيها سوى د.حسن الترابي، تهديد حمله البعض محمل الجد، بينما قرأ فيه آخرون مجرد محاولة غير مقنعة لخطف دور أكثر معارضي الحكومة نجومية. علاقة مبارك بالإنقاذ، ربما كانت الآن، وللمفارقة، أفضل منها في فترات سابقة، فعلاقة الإنقاذ بالرجل، وبحزب الأمة الذي كان ساعد رئيسه الأيمن، وبالتجمع الوطني الديمقراطي الذي كان أميناً عاماً له، بلغت أشد مراحلها سوءاً إبان التسعينيات، ورغم أن علاقة مبارك مع الإنقاذ كانت صدامية أيضاً حينها، إلا أن أشد مراحلها تعقيداً كان عقب عودة حزب الأمة إلى الداخل، وإنشقاق مبارك الشهير، ودخوله في الإنقاذ وتعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية، ثم إعفائه بسرعة من المنصب بسبب أنه يتعامل خارج الحكومة، قبل أن تداهم قوة من جهاز الأمن منزل الرجل الفخم بمنطقة العمارات في العام 2007م، وتلقي القبض عليه على خلفية الإشتباه بتورطه في محاولة إنقلابية، ليمضي بضعة أشهر في سجن كوبر العمومي، متذوقاً طعم السجن للمرة الأولى في عهد الإنقاذ. جذب الإنتباه، ومحاولة للعودة إلى الأضواء، خاصة بعد إنكشاف ظهر تحالف جوبا بتوافق الحركة مع الوطني، عبر بوابة التعرض لتهديد بالتصفية الجسدية، أمر لا يليق بمبارك الفاضل أو حزبه الأمة الإصلاح والتجديد بحسب تأكيدات عبد الجليل الباشا مدير الجهاز التنفيذي في الحزب، الذي ينفي غياب مبارك عن الساحة ليأتي ويبحث عن الظهور فيها عبر صناعة الأحداث المفبركة، ويعتبر الباشا أن تحالف جوبا- الذي لعب فيه الفاضل دورالمنسق- ليس في طريقه إلى الدفن كما يرى البعض، لكنه قوي لا يزال وأصبح يتحول من أقوال إلى أفعال - في إشارة لمظاهرات المعارضة، ويضيف أن مسئولاً كبيراً جداً - كما أخبرهم بذلك مبارك- إتصل به وأبلغه بأن (الجماعة) يشعرون بالقلق من تحركاته، وأنهم قد يتصرفون أي تصرف إزاء هذا القلق والشخص المسئول عنه، وقد تبلغ حدود ذلك التصرف حد التصفية الجسدية. إزعاج السيد مبارك الفاضل للسلطات، وخطورته المزعومة على النظام، كما يراها الباشا، نابعة من قلق السلطة من مؤتمر جوبا، ودور الحزب فيه، ومن تحركات مبارك الدولية وإتصالاته التي تهدف إلى دعوة المجتمع الدولي للوقوف مع الشعب في قضاياه: التحول الديمقراطي، والإنتخابات النزيهة، وحل النزاع في دارفور. لكن صفوت فانوس المحلل السياسي يقول إن مبارك الفاضل لا يشكل أي خطر على الإنقاذ، فليس لديه ميليشيا مسلحة، وليس لديه جماهير تمكن أية جهة خارجية من الإعتماد عليه، ويضيف أن التصفيات الجسدية غائبة عن السياسية السودانية، ولم تفعلها الإنقاذ أو الأنظمة التي سبقتها، ولم تعمد إليها الأولى أيضاً في الداخل، أو حتى في الخارج عندما كان مبارك وآخرون يعملون في القاهرة وأسمرا. في المقابل يعتبر البعض أن مبارك يمتلك من القدرات التنظيمية والسياسية قدراً لا بأس به يجعل من كسب عدائه أمراً لا يخلو من تبعات، ويدللون على ذلك بقدرته على استقطاب الدعم العربي والإسلامي للتجمع، وإدارته بنجاح مجموعة كبيرة من الشركات، فضلاً عن ما يقال عن مهاراته الخاصة جداً في الحصول على المعلومات، وإستعداده للإنفاق بسخاء على المشاريع السياسية التي يؤمن بجدواها، وربما كان ذلك التصميم ما حدا بأنصاره إلى الهتاف في حضوره (سير سير يا بلدوزر)..فيما يكتفى هو بتحيتهم عبر إبتسامة صغيرة. مبارك عبد الله الفاضل، كما كانت الصحف تشير إليه إبان الديمقراطية الثالثة، على اعتبار أن والده عبد الله الفاضل كان أحد أبرز معاوني الإمام عبد الرحمن المهدي، والممسك بملف المشروعات الإقتصادية لهيئة شؤون الأنصار، كان ولا يزال اسمه عالقاً في الذاكرة العامة، يفضل أن ينادى بمبارك المهدي كما قال ذات مرة للصحافيين في فترة الديمقراطية الثالثة نفسها، طالباً أن يطلق عليه ما يطلق على أقاربه البارزين: الصادق المهدي وأحمد المهدي والهادي المهدي، طلب مبارك ذاك، وإن كان قبل عقدين من الزمان أو يزيد، إلا أنه يتفق مع مضمون ما ذهب إليه عبد الله على مسار رئيس حزب الأمة الوطني الذي يقول في معرض تعليقه على إمكانية عودة الأول لحزب الأمة القومي، أن مبارك من آل البيت ولم يكن يجد فرصة للعودة قبل بيان الإمام الداعي للم شمل حزب الأمة، وأنه أحوج ما يكون إلى العودة لحزب الإمام لأنه بلا قيمة سياسية إذا لم ترتبط به كلمة (المهدي)..كناية عن فقدان مبارك لقيمته السياسية عقب إبتعاده عن الإمام الصادق المهدي الذي يعتبر قائد آل المهدي، ومركز ولاء طائفة الأنصار. مع الإنتخابات، تضيق خيارات المنشقين عن الأحزاب الكبيرة، ولا يصبح أمامهم بحسب صفوت فانوس سوى الإنضمام للمؤتمر الوطني، أو محاولة تلمس طريق العودة إلى أحزابهم، وينطبق ذلك على مبارك الذي بنى سمعته السياسية عندما كان الساعد الأيمن للصادق المهدي، ما يجعل عودته إضافة للحزب، وله هو أيضاً في ذات الوقت. مبارك، الذي يناديه خاصته (أبو يوسف)، بسنواته التي شارفت على الستين، وجلبابه الذي يحرص على الظهور به، ربما كان راغباً بالفعل في عدم تفويت فرصة العودة هذه المرة، فبعد البيان الذي دعا فيه السيد الصادق للوحدة وفتح باب العودة للجميع، سارع الفاضل يوم الخميس إلى إصدار بيان رحب فيه بدعوة الإمام لتوحيد (حزبنا العتيد)..وأبدى فيه إستعداده للتعاون مع (الحبيب رئيس الحزب) وتلبية النداء لطي صفحة الخلاف، وللمفارقة، فإن طي صفحة الخلاف بين الفاضل والإمام، وعودة الأول طائعاً إلى صف الأخير معترفاً برئاسته، ربما كان مبرراً أكثر وجاهة لإثارة قلق الإنقاذيين، من العمل كمنسق لقادة أحزاب مؤتمر جوبا. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 3/1/2009م