احداث النيل الأزرق الجارية الآن لا بد من النظر إليها من ناحيتين، حيث أنها أزمة محلية ذات بعد إقليمي، وذلك لارتباطها الوثيق بالقرن الإفريقي الذي يعاني أصلاً من أزمة طغت على مشكلاته، ألا وهي المجاعة الناجمة عن الجفاف الذي ضرب المنطقة، وهذا دون شك له مضاعفاته وتأثيراته على الوضع إجمالاً، ولا أحسب أن عقار سيحالفه النجاح، لأن هناك مجموعة أسباب لها ظلال على الوضع في النيل الأزرق، أهمها التمرد الإثيوبي الذي لو حاول عقار الاستفادة منه يكون قد كتب نهايته بيده، وإن لم يفعل ذلك ستطارده القوات الباحثة عن الموت، مما يؤكد صعوبة الوضع الذي يواجهه عقار الآن وآجلاً، كما أن إثيوبيا نفسها لن تسمح بالاضطراب في الحدود المتاخمة لها حتى لا يستغل معارضوها الفوضى لبناء قدراتهم. كما أن الصومال لم تسيطر حكومته على معظم الأراضي فيه ويواجه مشكلة اللا نظام منذ انهيار نظام سياد بري في تسعينيات القرن الماضي، وأصبح بعض أهله يتكسبون من الحرب وأصبحت لهم مهنة، فالسودان يحتفظ بعلاقة لها تأثيرها على الصومال حكومةً وشعباً، وبإمكانه توظيف ذلك، وفوق هذا كله علاقته الاستراتيجية مع إثيوبيا، ولا نستبعد تدخل قوى كبرى بغرض الضغط على إثيوبيا من أجل المساعدة لإخراج عقار من هذا المأزق، لأنه كان يرى تشابهاً في الحال بينه وبين ولاية جنوب كردفان، كذلك عدم إجماع قادة الجنوب على مباركة ما يقوم به قطاع الشمال من مشكلات بغرض إعادة ترتيب ما أخرجته اتفاقية نيفاشا، أي الاتفاق مجدداً بحسبان انتهاء نيفاشا بانفصال الجنوب، كذلك انكفاء حكومة الجنوب على معالجة قضايا جنوبية بحتة لا تدع لها جهداً. وكل ما هناك أن بعض الأمريكان تحديداً يريدون توظيف ماضي عقار والحلو في الحرب الأهلية السودانية التي انتهت كما أسلفنا باتفاق السلام الشامل، لأجندة تخصهم لضمان الدعم الجنوبي الجنوبي، بوصفه ديناً مستحقاً لعقار على الجنوب. ومجمل القول إن جنوب كردفان تستطيع أن تنال الدعم من الجنوب لقربها، وكذلك لوجود قضية أبيي التي لم تحسم بعد، فضلاً عن ذلك عدم حسم أبناء النوبة وضعهم داخل الجيش الشعبي، وبالنسبة لعقار فهو والي الولاية، فعلى ماذا يحارب أبناء النيل الأزرق؟ ولا يفوت علينا كذلك تملص حكومة الجنوب من المسؤولية المالية الكبيرة للجيش الشعبي، فهي تسعى لخلق أزمة تستدعي إعادة التفاوض على وضع الجيش الشعبي تنتهى بإخلاء طرفها وإلقاء المسؤولية على السودان الشمالي. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 15/9/2011م