في الوقت الذي يزور فيه وفداً من خبراء إسرائيليين مدينة جوبا لتدريب العاملين الاجتماعيين على أساليب التعامل مع العنف القائم على الجنس بعقد ورش عمل، تتهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون السودان بتقويض نظام الحكم بالجنوب وتؤكد سعي بلادها للضغط على الخرطوم. فيما انخرطت هيلدا جونسون في لقاءات مع المسؤلين هذه الخدعة؟ الحكومة السودانية إذ تضع أمام هيلدا جونسون أدلتها الدامغة حول تورط حكومة الجنوب في دعم القوات المسلحة بدارفور تحت مظلة ما يسمي بالجبهة الثورية التي كونت برئاسة مالك عقار الذي تمرد على الشرعية وهو منتخب والياً للنيل الأزرق ليحدث توتراً واضطراباً كاد أن يؤدي بحياة المواطنين بالمنطقة لولا تدارك القوات المسلحة ومباغتتها للتآمر فهي بذلك ترد بدبلوماسية كبيرة على ممثلة الأممالمتحدة التي دعت الحكومة للنظر بعين الاعتبار للجنوبيين المقيمين بالسودان. وهي دعوة حق أريد بها باطل فقد عاش الأخوة الجنوبيين في كل مدن وقري السودان في ظروف كانت أشد تعقيداً عندما كانت الحرب تدور في الجنوب ويجدون هم في الشمال حسن المعاملة بينما يرفضون اليوم العودة بعد الانفصال الذي أجيز بطوع إرادتهم رغم كل ذلك يأبون العودة ويرفضونها بحثاً عن الأمن والأمان ومنهم من عاد أدراجه عندما عاش سوء المعاملة وعدم الاستقرار بالدولة الوليدة. ولعل الأجدى أن توجه هيلدا جونسون تلك النصيحة لحكام الجنوب حتى لا تتحول هذه النصيحة إلى مثار للتندر والسخرية ولا ينبغي أن نأخذ تصريحاتها بأن لقاءها مع الأخ رئيس الجمهورية كان مثمراً وأن أمر عودة الجنوبيين إلى بلادهم لا يحتاج لتوجيهاتها وإنما لالتزامنا بتقاليدنا ومثلنا وأخلاقياتنا وقبل ذلك كله إلى ديننا الحنيف الذي يدعونا إلى معاملتهم بالحسنى وإن كان من قيمة لحديثها فليوجه لمن يثيرون القلاقل ويدعمون التمرد الذي يستهدف آمننا واستقرارنا ولتخاطب أولئك الذين لا يراعون العشرة ولا يعرفون لحسن الجوار معني ويكفينا نحن فخراً بالتزامنا نصاً وروحاً لاتفاقية سلام نيفاشا وإجراء الاستفتاء لتقرير المصير والاعتراف بعد ذلك بنتائجه ثم افتتاح أول سفارة لدولة الجنوب. كنا ولازلنا نسعى لحسن الجوار مع الجنوب وتسخير الخبرات والتجارب وإعادة البناء والتعمير لدولة وليدة كان يجب عليها أن تسعي لاستقرارها بدلاً من البحث عن سوء النوايا والعمل على زعزعة الاستقرار لكن الوقت قد حان للمعاملة بالمثل وألا ينطلي على القائمين بأمر بلادنا ذلك الخداع الأمريكي وتلك التحذيرات الأممية من خطورة مواجهة عسكرية محتملة بيننا وبينهم لأن الأمر ببساطة لم يعد يخيفنا: لان من جرب المجرب حلت به الندامة. نقلاً عن صحيفة الأحداث 6/3/2012م