لا يمكن ان يكون فك ارتباط حكومة جنوب السودان مع قطاع الشمال نظرياً عبر تلك التصريحات التي يدلي بها الأمين لعام لحزب الحركة الشعبية بالجنوب ولا عبر الكلمات الطيبات التي يطلقها في كل صباح وزير الإعلام الدكتور (برنابا بنجامين) كما ان المذكرة التي سلمت للوسيط الإفريقي (ثامبو امبيكي) من قبل حكومة الجنوب والتي تشير الي فك ارتباطها تماماً مع قطاع الشمال غير كافية ولذلك فشلت مباحثات الترتيبات الأمنية بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان في الأسبوع الماضي باعتبار ان كل الذي تقوله حكومة الجنوب حول فك الارتباط غير مقنع علي ارض الواقع بدليل استمرار القصف بالصواريخ علي مدينة كادقلي ناهيك عن اكتشاف المبعوثة الأمريكية لوجود مليشيات مسلحة في معسكرات النازحين السودانيين في الحدود داخل دولة الجنوب مما يؤكد بان فك الارتباط ليس إلا حبراً علي ورق وتصريحات تجافي الحقيقة مما يشكل خطراً في إنفاذ اتفاق أديس أبابا الأخير والذي استبشرنا به خيراً كمدخل حقيقي لمعالجة كافة الإشكالات العالقة ما بين الأشقاء في الجنوب والشمال حيث وجد ذلك الاتفاق قبولاً وتأييداً من المجتمع الدولي حيث وجد ذلك الاتفاق قبولاً وتأييداً من المجتمع الدولي وعلي رأسه مجلس الأمن بالأمم المتحدة ولكن للأسف قد يحدث مالا تحمد عقباه بسبب غياب الإرادة الحقيقية وصولاً الي سلام مستدام ما بين الدولتين الشقيقتين وذلك لعدم المرونة من جانب حكومة الجنوب في تجاوز بعض الملفات الأمنية خاصة كل الذي يتعلق بفك الارتباط مع قطاع الشمال الذي أصبح ( جبهة ثورية)ترعاها حكومة السودان في حين المصالح العليا للشعب في جنوب السودان والتي تتعلق بالنمو الاقتصادي والاستقرار الأمني والسياسي تتطلب جهوداً مقدرة من قبل حكومة الجنوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق وأنا اعلم علم اليقين في ان الجبهة الوحيدة القادرة علي وقف الحرب في جنوب كردفان هي الحركة الشعبية الأم والتي يترأسها رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميادريت صاحب التأثير المباشر علي كل قادة قطاع الشمال وأيضاً علي الذين صاغوا مشروع الجبهة الثورية مؤخراً ولن يتحقق السلام في جنوب كردفان والنيل الأزرق إلا عبر مبادرة حقيقية من حكومة جنوب السودان كوسيط وتلك الحركات المسلحة وعلي رأسها (قطاع الشمال) بإعتبار ان تلك الخطوة تصب في مصلحة حكومة جنوب السودان وتعود بالخير علي كل الشعب الجنوبي وأيضاً كل أهل السودان في الشمال. أن انهيار اتفاق أديس أبابا لن يصيب السودان وحده بالأضرار بل سيصبح المتضرر الأول هو شعب جنوب السودان وحكومته التي تواجه الكثير من التحديات وهي علي طريق بناء الدولة الجديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا كما ان الإخفاق في إنفاذ كل بنود الاتفاق قد يجر علي البلدين عقوبات محتملة من مجلس الأمن الذي حذر من التباطؤ في معالجة كل الإشكالات العالقة ما بين البلدين وعلي رأسها وقف العدائيات وتمرير البترول عبر السودان الشمالي والاتجاه نحو الحريات الأربع وما زالت هناك فرصة مواتية للحفظ علي ما تم انجازه في أديس أبابا وما زال الوقت مبكراً في الحديث عن انهيار ما اتفق عليه الرئيسان عمر البشير وسلفاكير إذا صدقت النوايا وتوافرت الإرادة الجادة الحقيقية في الوصول الي سلام مستدام والذي لن يتحقق إلا عبر فك ارتباط حكومة الجنوب مع قطاع الشمال بل تدخلها المباشر في معالجة الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر مبادرة سلمية تجد القبول والتأييد من كل أهل السودان الشمالي وتصب في مصلحة الشعبين الشقيقين وتحفظ لنا جميعاً اتفاق الفرصة الأخيرة الذي تم مؤخراً بأديس أبابا. نقلا عن صحيفة أخبار اليوم 11/11/2012