يتفق علماء السياسة على ان التطور الديمقراطي يأتي من خلال وجود دولة قوية حديثة منفتحة تؤمن بأن عناصر القوى إنما تستمد من الشعب.. وفى هذا السياق نرى ان دعوة الحوار الوطني التى أطقتلها الحكومة توجد أرضية مناسبة لتحقيق ذلك التطور وفي نفس الوقت تحول دون الانزلاق لمخاطر كبيرة مثلما يحدث فى مناطق اخرى. ورغم خلافات السياسيين إلا انه لا خلاف -باضرورة- على اهمية بناء دولة ديمقراطية قوية مستقرة، لذا فإن الاقبال على دعوة الحوار التى اعلنت مؤخراً يعتبر بمثابة واجب وطني للسير فى خطوات تحقيق تلكم الدولة.. أما دعوة مقاطعة الحوار فلن تعود إلا بضعف الدولة وتغذية الانقسامات والنزاعات وعرقلة كل محاولات النهوض والتطور. المتأمل للساحة السياسية بعد دعوة الحوار يلاحظ ان هناك تيارين، تيار يتطلع لتعزيز بناء ديمقراطي من خلال وجود دولة قوية، وآخر لا يهمه إلا إضعاف الدولة واسقاطها، وهذا التيار يشن حملات على دعوة الحوار، بل إنه حكم عليه بالفشل حتى قبل ان يبدأ! وبقراءة الساحة السياسية فى السنوات الماضية بما فيها من مواقف للقوى السياسية يتضح ان هناك أملاً كبيراً فى نجاح الحوار والوصول به الى غاياته وذلك للآتي: أولاً، ان أي حزب سياسي حريص على إقامة دولة ديمقراطية لا خيار أمامه إلا إعلاء قيم الديمقراطية والتى يأتي الحوار فى مقدمتها.. صحيح قد تكون هناك بعض المطالب او الملاحظات الجديرة بالاهتمام والمعالجة إلا أنها لا تلغي أهمية هذه القيمة. ثانياً، للحكومة تجربة كبيرة فى حل المشكلات بالحوار، فقد أبدت صبراً كبيراً فى الحوار مع حركة قرنق رغم عدائها السافر وغدرها الكبير، وبالمقارنة فإن حجم الخلاف مع بعض الاحزاب لن يكون -بأية حال من الاحوال- أكبر من الخلاف مع حركة قرنق. ثالثاً، لقد شاركت معظم القوى السياسية التى تقف الآن ضد الحوار فى الحكومة من قبل، صحيح ان بعضها جاء فى عباءة قرنق -وهو ما يعتبر من سخريات السياسية السودانية- إلا انها جاءت وشاركت فى الاجهزة التنفيذية والتشريعية وساهمت فى وضع الدستور الحالي. ومن هنا يتضح انه لا منطق ولا حجة تجعل تلك القوى تصر على رفض الحوار. نقول ان قراءة الساحة السودانية تشير الى إمكاينة نجاح مبادرة الحوار مهما استغرقت من وقت. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 10/6/2014م