رشحت أنباء مطلع الأسبوع الماضي عن صدور قرار من قيادة حكومة الجنوب تطالب فيه حركة تحرير السودان التابعة للسيد مني أركو مناوي - المتمرد حديثاً للمرة الثانية- بمغادرة الجنوب . الأخبار لم يتم تأكيدها على نحو قاطع ، كما لم يُعرف ما إذا كانت (سياسة عامة) قررتها حكومة الجنوب حيال كافة الحركات الدارفورية المسلحة التى انتقلت إليها مؤخراً مثل حركة خليل و عبد الواحد أم أن الأمر يقتصر فقط على حركة مناوي . بل لا يُعرف على وجه الدقة ما إذا كان هذا الأمر تكتيكاً عابراً لجأت إليه حكومة الجنوب – بتهدئة اللعب – كما يقولون حتى تضمن مرور عملية الاستفتاء فى التاسع من يناير 2011 بسلام ، ومن ثم تعاود دعمها للحركات الدارفورية من جديد أم لا . هذه كلها أمور لا تبدو الآن واضحة ولكن مع ذلك يمكن القول ان الحركات الدارفورية المسلحة التى وقعت في شراك الحركة الشعبية و(صدقت) أنَّ الحركة تسعي لدعمها و تمكينها من محاربة الحكومة المركزية لم تحسب حساب هذه الخطوة جيداً، إذ أن هنالك قدر من السطحية و السذاجة السياسية فى تصديق موقف الحركة الشعبية و هذا ما يجعلنا نعتقد ان الحركات الدارفورية المسلحة ليس لها من مستقبل فى الجنوب . فمن جانب أول فقد أفادت متابعات (سودان سفاري) من العاصمة الأوغندية كمبالا ان مستشاراً إسرائيلياً يعمل في يوغندا ، التقي الرئيس موسفيني مؤخراً و أعرب عن مخاوفه من أن يتسبب وجود حركات دارفور فى الجنوب فى خلخلة البنيان الاستخباري فى الجنوب ، خاصة داخل قيادة الحركة الشعبية ، فالحركات الدارفورية هذه – بحسب المستشار الإسرائيلي – هى فى النهاية (حركات مسلحة) وفقاً لما قال ، وهى من ثم أقرب ما تكون لحكومة الشمال مهما تباينت الرؤى و الخلافات ، مدللاً بحركة خليل و كون ان خليل كان قيادياً فى ذات الحزب الإسلامي الحاكم الآن فى الشمال . وحذر المستشار الرئيس موسفيني من قبول وضع كهذا لأنه سوف يؤثر عليه لاحقاً ، وان عليه أن يعمل على إقناع قادة الحركة الشعبية (بشتى الوسائل) للتخلص من ما أسماه (هذه الحمولة الزائدة)! من جانب ثانٍ ، قالت مصادر قيادية فى حكومة الجنوب فى جوبا ان هنالك مشاكلاً وخلافات داخل كل حركة من حركات دارفور هذه و سوف تنفجر هذه الخلافات فى اى لحظة ويصبح الجنوب مسرحاً لتصفية حسابات فيما بينها ، مما سوف يؤثر علي أمن الجنوب ويحيله إلى ميدان حرب لا ناقة له فيها ولا جمل ، وأضاف القيادي إن (قلة قليلة جداً) من قادة حكومة الجنوب هى التى اتخذت قرار إيواء حركات دارفور و الأمر لم يطرح على الجميع و لم تتم مناقشته بصورة عميقة و وافية. من جانب ثالث فان دارسة عاجلة أجراها خبير بريطاني مرتبط بحكومة الجنوب منذ سنوات أشارت الى صعوبة انجاز اى شئ مؤثر لهذه الحركات فى دارفور انطلاقاً من الجنوب ، وقد تم عرض الدراسة (بالتفصيل) على زعيم الحركة الذي يبدو انه اقتنع بها . وعلى ذلك فانه سواء قررت حكومة الجنوب بالفعل التخلص من الحركات الدارفورية هذه لهذا السبب أو ذاك أو لم تفعل ، فهي دون شك باتت مدركة الى ان هؤلاء المتمردين الدارفوريين ما ينبغي أن يطول بهم المقام لديها !